خبر كلمة السر..طلال عوكل

الساعة 09:29 ص|02 أغسطس 2010

 كلمة السر..طلال عوكل

بالضد من ناموس القيم والحقوق، وبما يتوافق مع لغة القوة، والمصالح الانانية، تدور الطاحونة باتجاه الطرف الفلسطيني الذي تم تجريده من عوامل القوة، إلا من قوة الحق التي لا تجد لها سبيلاً في عالم اليوم.

المجرم، المحتل، والذي يتحدى العالم بكل مؤسساته وقوانينه، بكل مخزونه من القيم الانسانية، هذا المجرم الذي لا يوفر لحظة إلا ويؤكد من خلالها وبالممارسة، كراهيته للسلام وللشعوب الأخرى، هذا المجرم المحتل، يعود ليفرض إرادته، وأجندته، وما كان له ان يفعل ذلك، لولا قوة تحالفاته، وضعف صاحب الحق.

بدون تفاهمات مسبقة يعلن نتنياهو، ان المفاوضات المباشرة ستنطلق في منتصف الشهر، وكأنه يدرك قدرة احتمال غريمه على التحمل والصمود.

بعد اكثر من عام ونصف العام، من المحاولات الاميركية الحثيثة، والوعود الكاذبة، ترفض الادارة الاميركية ان تقدم للفلسطينيين اية ضمانات بشأن مرجعية التفاوض واطارها الزمني، وبشأن الاستيطان، وكان ولا يزال يرفض تحميل اسرائيل المسؤولية عن افعالها الحاسمة لافشال عملية السلام، ويرفض أيضاً ان يتخذ أي موقف يزعج الائتلاف الأكثر يمينية الذي يقوده بنيامين نتنياهو.

وبعد ان يحشر الفلسطينيون في زاوية حرجة، يقدم أوباما العصا فوق الجزرة، فما لم تذهب منظمة التحرير إلى مفاوضات مباشرة وفوراً، فان الولايات المتحدة ستتوقف عن مساعيها وعن دورها فضلاً عن علاقاتها مع السلطة والمنظمة ستصاب بأزمة.

لا ندري بماذا يختلف هذا الموقف عن الموقف الذي اتخذه جورج بوش الابن الذي اجاز لاسرائيل اعادة احتلال الضفة، واجاز لها اطلاق كل طاقتها في النشاطات الاستيطانية، ومنحها رسالة ضمانات لا تزال والارجح ان تستمر، صالحة وفعالة.

الولايات المتحدة تضغط على جرح السلطة، التي اصبحت تتحمل مسؤوليات جساماً، وتريد من الفلسطينيين ان يذهبوا إلى مفاوضات مجهولة، لا تختلف في جوهرها عن مفاوضات سابقة استمرت سنوات طويلة والنتيجة دائماً إلى الخلف.

يبدو الموقف الفلسطيني عارياً، بلا أظافر ولا أسنان، فالانقسام الفلسطيني حاضر كل الوقت ينهش كل قدرة على الصمود والاحتمال ومعظم الفصائل الفلسطينية، تعلن رفضها واستعدادها لمقاومة المفاوضات المباشرة.

العرب أيضاً، حتى لو أردنا فهم موقفهم من خلال لجنة المتابعة العربية على انه تفويض للرئيس محمود عباس، إلا ان ثمة من سيقول وان هذا الموقف أيضاً يمكن ان يفهمه البعض على انه، القاء الكرة الملتهبة في حضن المنظمة، على هدى من قال "اذهب انت وربك فحاربا".

العرب منقسمون، وهم غير مستعدين لحماية الموقف الفلسطيني الذي يرفض الذهاب إلى مفاوضات مباشرة هكذا بدون تحقيق الحد الأدنى من الاستحقاقات وعوامل النجاح.

عندما يجد الجد، سيتصرف العرب وفقما تراه واشنطن، فان اتخذت وجهة الضغط وممارسة العقاب على السلطة، فانهم لن يمدوا لها يد العون، وسيقولون، لقد نصحناكم بالذهاب إلى مفاوضات مباشرة كما تريد واشنطن، وعليكم ان تتحملوا المسؤولية.

الاوروبيون أيضاً، يأخذون الأمر من باب الناصح، الذي يريد للفلسطينيين الخير، وبأن لا يفوتوا الفرصة، لكن نصائحهم، وكلامهم المعسول يصب في الوجهة ذاتها، اذهبوا أيها الفلسطينيون بدون تأخير إلى المفاوضات المباشرة، ولا تغضبوا واشنطن.

من المؤسف ان أحداً لا يمد يد الانقاذ، فكل حسب رؤيته ومصالحه يرغب في رؤية الحصان الفلسطيني وحيداً، وربما منهاراً، فإما ان يخضع للضغوط، وإما ان ينال عقاباً قاسياً من الاكثرية، وشماتة من أهل البيت.

من يستطيع ان يقدم نصيحة بريئة للرئيس محمود عباس، وأهل القرار الفلسطيني فيما يتصل بالمفاوضات؟

في ضوء ذلك، علينا ان نتوقع فقط ان تجتهد واشنطن أو بعض الناصحين، بتقديم مخارج لن تكون لائقة في كل الأحوال ولن تتمكن في تغطية التراجع الذي قد يصيب الموقف الفلسطيني وهذا في احسن الأحوال. أما في أسوأ الأحوال فإن اسرائيل وواشنطن تريدان ان يذهب الطرف الفلسطيني إلى المفاوضات، عارياً، وبدون أي غطاء أو تخريجات، وبدون حساب للنتائج، فالحساب فقط يقام للمحافظة على الائتلاف الحكومي لنتنياهو.

الوضع الفلسطيني محزن وفي غاية الحرج والتعقيد، ولا يبدو انه يملك خيارات أخرى، سوى المراهنة على الوقت، وعلى العناد الاسرائيلي الذي ما ان تبدأ المفاوضات المباشرة، حتى يبحث عن ذرائع لتعطيلها.

ان الاساس في كل ما يجري، هو ان اسرائيل غير مستعدة للسلام لا من خلال مفاوضات غير مباشرة، ولا من خلال مفاوضات مباشرة، لا بوساطة اميركية، ولا بغيرها، فاذا وجدت اسرائيل نفسها في موقف حرج فان من أسهل الأمور، ان تذهب إلى انتخابات مبكرة. عجلة السلام لن تتحرك نحو الحل، وكل ما يجري يندرج في اطار ادارة الأزمة، فاذا كان هذا هو دأب اسرائيل كل الوقت، فلا يبدو ان الادارة الاميركية مستعدة لتغيير طريقة تعاملها المعروفة مع اسرائيل، وهنا يكمن السر.

-عن الأيام المحلية