خبر هاتف مكسور..يديعوت

الساعة 08:25 ص|01 أغسطس 2010

بقلم: سيما كدمون

1.توجد مشكلات اكبر

مرت ساعات طويلة ما بين اللحظة التي تحطمت فيها مروحية سلاح الجو على منحدر الجبل في احدى سلاسل جبال الكربات، في الثالثة الا ربعا بعد الظهر تقريبا، وبين نشر النبأ في وسائل الاعلام. جرى في هذه الساعات رقص اشباح اعلامي. اذا كان زعم رئيس الحكومة صحيحا وهو أنه تلقى النبأ في الساعة السادسة وعشر دقائق مساء – فان ذلك يجعله آخر من سمع ذلك تقريبا من مواطني الدولة.

السؤال الذي يجب ان يقلقنا هو كيف يتلقى رئيس الحكومة نبأ عن حادثة في هذا الحجم بعد وقوعها بأكثر من ثلاث ساعات. هذا سؤال أهم كثيرا من بحث حفلة يوم ميلاد ابنه التاسع عشر في تلك الساعات حقا، وهل كان يجب على نتنياهو او لا يجب ان يفض الضيوف الذين احتشدوا للحفل في بيت رئيس الحكومة.

من المحقق أنه توجد أسباب لتعويج الأنف: من مجرد اقامة هذا الحفل الذي عرفه متحدث رئيس الحكومة، شعيا سيغل انه "لقاء متواضع ضيق، يجلسون فيه الى الموائد ويتحدثون ويحتضنون الابن، حتى معرض الضيوف الذين دعو للحفل.

        مع كل ذلك لم يكن من الصواب اجراء نقاش لعدم الذوق وعدم التناسب عند عائلة نتنياهو بدل أن نبحث ما يجب ان يقلقنا حقا وهو كيف حدث أن صحفيا احتفل مع عائلة نتنياهو تلقى النبأ عن تحطم المروحية قبل ان يتلقاه رئيس الحكومة نفسه.

        يزعمون في الجيش الاسرائيلي أن المعلومة الاولى عن فقدان الاتصال بالمروحية أتت قيادة سلاح الجو في الساعة الخامسة بعد الظهر فقط. وهذا أمر يحتاج الى توضيح ايضا: فثمة مروحية اسرائيلية في عملية مشتركة مع الرومانيين، ومفاوضيتنا في مركز التحكم والرقابة ومفاوضيتهم في الطائرة، ويستغرق الامر اكثر من ساعتين قيادة سلاح الجو لتعلم انها اختفت؟ اذا كان هذا صحيحا فانه يبدو غير جيد واذا لم يكن صحيحا فمن المحقق انه غير جيد.

        سلم رئيس الاركان خبرا نهائيا بعد ذلك بأربعين دقيقة فقط أي في الساعة الخامسة وأربعين دقيقة. وليس هذا مما يقبله العقل تماما: فلو قتل ستة جنود في غزة او حتى مواطنون مدنيون في عملية في يهودا والسامرة أكان يستغرق ذلك أربعين دقيقة لابلاغ رئيس الاركان؟ اذن اما ان شخصا ما هناك اعتقد ان حادثة سقوط مروحية في جبال الكربات لا تدعو الى الذعر واما ان شخصا ما لم يقرع كما ينبغي.

        على حسب أقوال متحدث الجيش الاسرائيلي لم يقع أي تأخير في تسليم نتنياهو النبأ: فقد نقل الى أمين السر العسكري لرئيس الحكومة في الساعة السادسة وعشر دقائق بعد ان نقل الى مكتب وزير الدفاع بعشر دقائق لا قبل ذلك بدقيقة واحدة او بعبارة أخرى: اطمئنوا فوزير الدفاع علم بالحادثة أيضا بعد وقوعها بأكثر من ثلاث ساعات.

        ليس هذا مطمئنا. ويصعب أيضا ان نقول انه مقنع. ما كنا نريد ان نعتقد ان معلومة كهذه تبلغ قادة الدولة بعد ان نقرأها في الانترنت، ونسمع عنها من صديق أو نراها في التلفاز الروماني. كذلك التناقض بين مكتب رئيس الاركان ومكتب باراك اشكالي. ففي مكتب وزير الدفاع يزعمون أن اول بلاغ وصلهم في الساعة الرابعة والربع بعد الظهر. والجيش الاسرائيلي في مقابلة ذلك يزعمون ان عندهم تسجيلات تستطيع دحض هذا الزعم. وهكذا فان الجدل في كون رئيس الحكومة دخل في اثناء حفل يوم الميلاد مكتبه ثلاث مرات أو اربعا ليطلع على آخر الاخبار هامشي حق. يوجد قدر كاف من الاشياء التي يجب ان تقلقنا. ليست هذه حادثة يجب على رئيس حكومة العناية بها، يقولون في الجيش الاسرائيلي. فليس هذا حدثا متصلا يحتاج الى جلسة خاصة للمجلس الوزاري المصغر او تدبير أمور في مواجهة مختطفين. او باختصار: لم يستطع رئيس الحكومة ووزير الدفاع المساعدة فلماذا الاسراع الى ابلاغهما.

        يتبين ان الوحيد الذي أبلغ مبكرا هو الرئيس بيرس وكان ذلك بالصدفة أيضا: فقد كان مستشاره السياسي آنذاك في سفارة رومانيا للتحضير لزيارة الرئيس القريبة. وعندما بلغته الاشاعة اتصل بسكرتير بيرس العسكري. وهكذا سمع الرئيس عن الحادثة قبل متخذي القرارات بنحو من ساعة.

        أيتهمون الجيش الاسرائيلي بتأخير النبأ؟ سيكون غابي اشكنازي في النهاية مسؤولا عن حفل يوم الميلاد كما يقولون في الجيش الاسرائيلي.

2.     ليس كل شيء مشمولا

بينت كارثة المروحية عن عمق التعاون بين رومانيا واسرائيل. يقولون في الجيش الاسرائيلي ان هذا ليس سرا ويضيفون ان رومانيا ليست الدولة الوحيدة التي تجري تدريبات مشتركة مع الجيش الاسرائيلي.

قد لا يكون هذا سرا لكن من المحقق انه غير مجد اذا لم يكن علينا فعلى رومانيا. فأي دولة تفخر اليوم بالتعاون مع اسرائيل؟ فالدول تتردد وتحار وتزن هل تجري معنا تعاونا ومن المحقق ذلك في مستوى طلعة جوية مشتركة. اذا لم ينشر هذا فليكن لكن هذا النشر يراكم صعابا موجودة أصلا. وهذا أمر حاسم ايضا في دولة موجودة اكثر الوقت في عزلة سياسية. السؤال الاول مع العلم بأمر الكارثة كان: لماذا رومانيا خاصة. لماذا نعرض طيارينا للخطر ازاء جبال منحدرة في ظروف غير عادية. ما الذي نبحث عنه هناك.

حتى حرب الخليج الاولى كان مجال اهتمامنا الامني يبلغ سيناء وهضبة الجولان. فلو كان ثمة احتمال لأزمة لحدث هناك. ومنذ اليوم الذي دخلت فيه العراق الصورة مع تهديد الصواريخ الباليستية لاسرائيل اتسع ميدان القتال. في اللحظة التي تنتشر فيها قوة عسكرية في مجالات كهذه لا يعود الشأن بيننا وبين الجيران بل يحتاج الى تعاون مع دول اخرى. يحتاج الامر الى المرور فيها والهبوط هناك هبوطا اضطراريا او للتزود بالوقود. في هذه المجالات لا يمكن العمل وحيدا وفي الحروب المقبلة قد يضطر سلاح الجو الى العمل بعيدا وألا يعمل وحده بل بتعاون مع جيوش اخرى. ومن هنا الحاجة الى التدرب معا وتعلم التحدث باللغة نفسها، واقامة مراكز قيادة مشتركة ورسم خرائط والكشف عن نفس المعطيات الاستخبارية واعداد خطط مشتركة. وهذا ما فعلته طائرات "يسعور" هناك.

إن طائرات يسعور معدة لاهباط محاربين وتخليص قوات. وتبلغ أمداء عظيمة وتستطيع أن تحمل حمولة عظيمة وفيها حاويات وقود. في كثير من عمليات القوات البرية تشارك طائرات يسعور من أجل الادخال والاخراج والتخليص وجر آلات حربية الكترونية، ولنقل المدد.

وعلى هذه الخلفية يمكن ان نفهم مبلغ أهمية علاقات اسرائيل بتركيا. فقد كانت تلك حاجة مزدوجة فهي قبل كل شيء على بعد معقول عن قواعد سلاح الجو حيث يمكن الوصول الى أمداء طيران متنوعة. والامر الاهم موقع تركيا التي تطوق سورية ولبنان وهي ممر الى ايران.

        في كل عملية جوية موجهة الى الشرق ولا سيما الى ايران تكون تركيا هي المسار الطبيعي المفضل. ليس من الصدمة أنه وجدت فوق ارض تركيا بعد مواجهة المفاعل الذري السوري بحسب مصادر أجنبية خزانات وقود لطائرات حربية اسرائيلية.

خسرنا تركيا في هذه الاثناء. فقد الغي التدريب الاخير، في ذروة الرحلة البحرية الى غزة  ولم يجدد ومنذ ذلك الحين لا تطير طائراتنا الحربية هناك. يمكن ان نقول إن قطع العلاقات بتركيا أمر حاسم عند من يشكل التهديد الايراني باعثه الرئيس ان لم نقل الوحيد على أن يكون رئيس حكومة كما قال نتنياهو أكثر من مرة. إن "كل شيء مشمول" عند رئيس الحكومة يتناول أكثر من مائدة مفتوحة ومشرب حر.

3.     لست أنا

ألمح رئيس الحكومة في اجتماع الخارجية والأمن الذي تم هذا الاسبوع الى عناصر تعمل عملا منهجيا في التشويش على دخول المحادثات المباشرة مع الفلسطينيين. وقال يؤسفني أن ليست جميع هذه العناصر موجودة خارج اسرائيل، ولست أقصد زملائي من أحزاب اليمين.

يقول الحاضرون إن نتنياهو لم يفصل ما هي تلك العناصر الاسرائيلية التي تحاول احباط التفاوض، وأضاف إنهم اذا دعوه فقط الى اللجنة الثانوية للاجهزة السرية المغلقة امام وسائل الاعلام فسيكشف عن اسمائهم. وبحسب هذا كان يمكن فهم ان الحديث عن معلومات استخبارية في مستوى سرية عال جدا.

        لم تقع سابقة ان كشف رئيس حكومة عن معلومات مصدرها مادة استخبارية من أكثرها حساسية كتلك التي تسمى في اللغة المهنية "مادة سوداء" وأن يستعملها استعمالا سياسيا فان هذا جناية. لكن ما هو اكثر اثارة للاهتمام: أي العناصر يقصدها اذا لم يقصد اعضاء كنيست من اليمين او اعضاء كنيست عربا. هل الحديث عن عناصر من كاديما؟

        سألت رئيسة كاديما هذا الاسبوع هل هي في اتصال بعناصر فلسطينية، وهل تقول لهم شيئا قد يفسر على انه تشويش على دخول محادثات مباشرة.

        قالت لفني لم ألقهم منذ الانتخابات. اتصلت قبل بضعة أشهر بأبي مازن كي أطلب اليه ألا يستقيل وكان ذلك حديثي الوحيد معه. انا افعل هذا على عمد: فأنا لا أجري تفاوضا بموازاة الحكومة. وهي تزعم على العموم أنها لا تريد ان تبلغ هذه الحكومة قرارات حاسمة في وقت سريع. فالوقت ليس في مصلحة اسرائيل وهدر الوقت مشكل.

        زعم اشياع نتنياهو قبل عدة أشهر ان الوزير السابق حاييم رامون التقى مسؤولين فلسطينيين كبارا ونصحهم بأن ينتظروا بالتفاوض حتى يعود كاديما الى السلطة. سألت رامون هذا الاسبوع هل هو الذي يفسد دخول التفاوض معهم.

        قال رامون انه بخلاف نتنياهو ليس له موقف سياسي واحد يتحدث عنه مع صحفيي اليسار وموقف ثان أتحدث عنه مع بني بيغن وبوغي يعلون. وموقف ثالث مع رئيس الولايات المتحدة. عندي الموقف نفسه الذي أقوله لآري غولان من صوت اسرائيل وللزعماء الاجانب وللفلسطينيين ايضا وانا اقول للجميع ان نتنياهو لا ينوي البتة صنع سلام. فهو يجر قدميه ويفعل كل شيء للحفاظ على الوضع الراهن.

        سألت هل يقول لاصدقائه الفلسطينيين أنه يحسن ان ينتظروا حتى يعود كاديما الى السلطة.

        العياذ بالله قال رامون. بل العكس. اقول لهم ان يقترحوا مقترحات تكون من العظم بحيث يضطر حتى نتنياهو الى قبولها. والمشكلة أنهم اقترحوا مقترحات لم يرد عليها.

        يبدو ان اتهام اليسار باحباط التفاوض جزء من جعبة الذرائع التي يجمعها نتنياهو. وينضاف الى ذلك ايضا رحلاته الى مبارك والى الملك عبدالله بوساطة اوباما. في هذه اللقاءات يطلب نتنياهو الى الزعماء العرب ان يضغطوا على الفلسطينيين للعودة الى مائدة التفاوض. اذا لم يحدث هذا فيستطيع ان يقول انه ليس بسببه.

 

4.     معا ولكن على نحو عكسي

يكثر باراك ايضا من زيارة واشنطن في أدائه لعمله الثاني وهو وزير خارجية نتنياهو، ويلتقي وزيرة الخارجية ومسؤولين كبار في الادارة. وله مصلحة عليا في أن تجدد المحادثات بشروط يستطيع نتنياهو معايشتها.

كلاهما يعمل من اجل الهدف نفسه لكن النتائج قد تكون عكسية لانه اذا جددت المحادثات فقد تكون طوف انقاذ باراك، لكن بدء انتقاض حكومة نتنياهو: فاسرائيل بيتنا وشاس والمستوطنون وعناصر مركزية في الليكود سترهقه ارهاقا شديدا. واذا لم تبدأ المحادثات فان العمل سيعتزل الحكومة ويكون ذلك نهاية باراك السياسية ويقوض استقرار الائتلاف ايضا لكنه لن يسقطه. سيجند الاتحاد الوطني نفسه لانقاذ الحكومة ويبقى نتنياهو لكن في مواجهة موقف اوباما والعالم.

وبهذا يعمل نتنياهو وباراك في احراز الهدف نفسه لكن مصالحهما قد تكون متناقضة.

ان شيئا واحدا مشتركا بينهما على اية حال هو الرغبة في كسب الوقت.