خبر رامون محق..هآرتس

الساعة 08:23 ص|01 أغسطس 2010

بقلم: جدعون ليفي

ها يوجد لنا "خائن" جديد – نقدم لكم حاييم رامون. برب السماء: رامون يعتقد انه لا يجب على الفلسطينيين ان يديروا المفاوضات مع نتنياهو. وهو يفهم، مثل كثيرين آخرين بان ليس لهذه المفاوضات أي فرصة، أي جدوى، بل وربما يعتقد حتى ان من شأنها أن تضر، وقد قال ذلك لصديق فلسطيني في حديث خاص. ماذا حصل؟ لو كان رامون كتب ذلك في مقال في صحيفة، او قاله في مقابلة صحفية، فهل كان هذا سيكون على ما يران؟ إذن ما هي المشكلة في أن يهمس بذلك في اذن صائب عريقات؟ المشكلة الوحيدة هي أن رامون لم يهمس بذلك بما يكفي من الهدوء. للحائط آذان في الامريكان كولوني. ومرة اخرى تورط رامون في التنصت، وكل ما تبقى تاريخ، او في واقع الحال، هستيريا.

        الاحاديث الخاصة هي أحاديث خاصة.  ليس من شأن أحد ماذا همس فيها. المتنصتين والوشاة يجب أن يتحمسوا اقل بكثير من الهامسين؛ ينبغي فقط الامل الا تكون يد الشاباك في التنصت وبالاساس في التسريب. وعليه، فان الجلبة التي نشأت في نهاية الاسبوع هي عاصفة اخرى في فنجان ترمي مرة اخرى الى التشويش على الامر الاساس. والاساس، يعرف الكثيرون من مهاجمي رامون، ولا سيما الصارخين (والصارخات) من حزبه هو أن رامون محق: لا ينبغي لمحمود عباس أن ينضم الى حفلة الاقنعة التي تسمى مفاوضات مباشرة مع رئيس الوزراء الحالي. ليس فقط لان هذا لن يدفع شيئا الى الامام بل لان من شأنه أن يلحق ضررا – لعباس، للفلسطينيين، للسلام وكذا لاسرائيل. فشل آخر في المسيرة السلمية الاطول والاكثر عقما في التاريخ، كما سبق أن تعرفنا عليه، من شأنه أن يؤدي الى جولة اخرى من سفك الدماء. وعليه، فان المسافة بين اقوال رامون وبين الخيانة هي بالضبط بالمسافة بين نتنياهو وبين فرص السلام.

        الخائن الحقيقي هو رئيس الوزراء الذي يحاول ان يقود بضلال الجميع، الاسرائيليين، الفلسطينيين والامريكيين. رئيس وزراء يقول، كما نشر في "هآرتس" ان استمرار تجميد البناء في المستوطنات "متعذر من ناحية سياسية"، لانه سيؤدي الى تفكيك حكومته هو رئيس وزراء يخون مهام منصبه. فنتنياهو تعهد في موقف بار ايلان بالدولتين، أليس كذلك؟ اذا كان يعترف بانه غير قادر على ان يقر في حكومته خطوة على هذا القدر من الصغر، على هذا القدر من المحلية، على هذا القدر من الامر المسلم به مثل تجميد البناء، في الطريق الى تحقيق تعهده – فلاي غرض نحتاج حكومته؟ من الافضل أن تسقط. اما اذا بقي رغم ذلك في منصبه فانه يخون مهمته وتعهده.

        لا، لا يجوز لعباس ان يساهم في تعظيم هذا العبث الى الحد الاقصى. فلا يدور الحديث فقط عن مكانته المتهالكة، التي ستتضعضع أكثر فأكثر اذا ما انضم الى المحادثات، الامر الذي يتعارض ايضا مع المصلحة الاسرائيلية. كما لا يدور الحديث ايضا فقط عن مجرد جولة اخرى من اللاشيء، اضاعة اخرى للوقت على لا شيء. يدور الحديث عن تعاون مع عملية تمويه اسرائيلية، ترمي فقط الى تنويم كل العالم.

        نتنياهو وحكومته، التي معظم اعضاؤها لا يؤمنون هم ايضا ولو للحظة بفرص المسيرة، بل ان بعضهم قال ذلك صراحة، يريدون خداع العالم، وكسب الوقت والهدوء، لتثبيت المستوطنات اكثر فأكثر. فهل يمكن أن نفسر بطريقة اخرى معارضة استمرار التجميد؟ فلماذا البناء اذا كانت النية للاخلاء؟ ولماذا، اذا كنتم تعتقدون بان نتنياهو متحمس جدا لاجراء المحادثات المباشرة يغازل عباس بحلو اللسان إن لم يكن من أجل أن يعجب الامريكيين؟ اذا كانت مفاوضات فانه لن يكون ضغط دولي. الهدوء فالناس يتداولون، ويمكن مواصلة الاستيطان دون عراقيل. ولهذا فان المفاوضات العابثة هي مفاوضات خطيرة.

        كما أن لحفنة محبي السلام الحقيقيين في اسرائيل لا يجوز أن يؤيدو مثل هذه المسيرة. في ظلها ستصل الى الصفر الفرص أكثر فأكثر. وهذا مسموح بل وينبغي قوله في كل مكان – في الصحيفة، في الحزب وكذا الهمس به لكل اذن منصتة.

        ولكن في اسرائيل الجديدة، المكارثية، صيادة الساحرات، هذا ممنوع. وبدلا من تعليق احابيل نتنياهو على عمود العار، يعلقون عليه الهامس. بدلا من اخذ الانطباع بانه لا يزال هناك سياسيون اسرائيليون يكلفون انفسهم عناء الاتصال مع القيادة الفلسطينية، يهاجمونهم بغضب وكأن رامون كشف اسرار دولة لعدو ليس هو بالعدو. وبدلا من أن يكون سبب الفضيحة الزمن الضائع، فقد تركزت على حديث زمالة في فندق شرق مقدسي.

        ها هو، بغير همس وليس في فندق، انا ايضا، انضم الى رامون: يا عباس، لا تذهب الى هناك.