خبر ليس عزيزا ولا صديقا أصلا .. فهمي الهويدي

الساعة 01:28 م|31 يوليو 2010

هل يعقل أن يكون الحاخام عوفاديا يوسف صديقا عزيزا حقا للرئيس حسنى مبارك؟.. لأن سجل الرجل لا يسر ولا يشرف، فقد قررت أن اعتباره صديقا عزيزا للرئيس المصرى لا يخرج عن أحد احتمالين، أولهما أن يكون هناك خطأ مطبعى سواء فى إطلاق هذه الصفة عليه أو فى اسم المخاطب، كأن يكون المراد شخصا آخر ولكن وضع اسم الحاخام محله. الاحتمال الثانى أن تكون سكرتارية الرئيس للمعلومات قد قصرت فى توفير المعلومات اللازمة عن الرجل، ولم تضع سجله الحقيقى أمامه، لكى يعرف بالضبط من يخاطبه، وما هى اللغة التى ينبغى أن تستخدم معه.

 

ربما لاحظ أننى قلت إن ذلك تم بقرار خاص من جانبى، لأننى رفضت الاحتمال الثالث المتمثل فى أن يكون الحاخام قد أصبح دون أن نعلم صديقا عزيزا للرئيس. كما أننى رفضت أيضا احتمال أن يكون الوصف قد أطلق عليه على سبيل المجاملة، ليس فقط لأن كلمات الرؤساء يتم اختيارها بعناية، ولكن لأن الرجل لا يستحق ولا ينبغى أن يكون صديقا أصلا، ناهيك عن أن يكون عزيزا.

لا أخفى أن لدى حساسية خاصة إزاء الزمرة صاحبة القرار فى إسرائيل، التى تضم طائفة من مجرمى الحرب، وهى حساسية تمتد لتشمل كل الذين يؤازرونهم ــ والحاخام المذكور فى المقدمة منهم ــ أو الذين يصوتون لصالحهم. الذين اعتبرهم شركاء ومؤيدين للجرائم التى ترتكب يوميا بحق الفلسطينيين.

 

مناسبة هذا الكلام أن السيد عوفاديا يوسف، كان قد بعث برسالة خطية إلى الرئيس مبارك. حملها إليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خلال زيارته للقاهرة فى الأسبوع الماضى. وقد نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت نص الرسالة التى تمنى الحاخام فيها للرئيس الشفاء والتمتع بموفور الصحة والسعادة والعمر المديد...الخ. ومن الواضح أنها من أصداء التقارير المكثفة التى تنشرها الصحف الإسرائيلية والعالمية عن الحالة الصحية للرئيس، ومصير السلطة القائمة فى مصر. بعد أيام قليلة ــ فى آخر الأسبوع الماضى ــ نشرت الصحيفة ذاتها رد الرئيس مبارك على الرسالة، الذى استهله بعبارة: صديقى العزيز الحاخام عوفاديا يوسف. ثم عبر الرئيس عن شكره للمشاعر التى أبداها الرجل، وأخبره بأنه تعافى تماما على العكس مما تذكره وسائل الإعلام الإسرائىلية. وفى ختام الرسالة، أعرب الرئيس مبارك عن أمله فى التعاون مع الحاخام فى تعزيز عملية السلام.

ما أدهشنى فى الموضوع ليس فقط أن الرجل وصف بما لا يستحق، وإنما أيضا أنه ممن يراهن عليهم فى التعاون من أجل السلام، إلا إذا كان يحقق له ولأمثاله من المتعصبين والغلاة استعادة ما يزعمون أنه «أرض إسرائيل». ولا أعرف كيف غابت هذه الخلفية عن العاملين فى مكتب الرئيس للمعلومات، لأن أى واحد منهم لو فتح «الإنترنت» وألقى نظرة على سجل الرجل، لاقترح أن يصرف النظر عن مخاطبته أصلا، وأن تلقى رسالته فى سلة المهملات.

 

يكفيه أن يتابع خطبته التى ألقاها فى شهر أبريل من العام الحالى ــ فى مناسبة عيد الفصح ــ التى عممتها الأقمار الصناعية على أنصاره من اليهود الشرقيين فى مختلف أنحاء العالم، ولا يستطيع أحد أن يدعى أنه لم يسمع بما ردده خلالها من أفكار.

 

فى تلك الخطبة دعا الحاخام عوفاديا، المولود بالبصرة فى العراق سنة 1920، اليهود فى كل مكان لأن يتمثلوا فى تعاملهم مع العرب آية التوراة التى تقول: صب غضبك على الأغيار، مدعيا فى ذلك أن العرب «يحاولون القضاء علينا منذ خروجنا من مصر وإلى اليوم». ثم دعا الله لأن ينتقم منهم وأن يبيد ذريتهم ويسحقهم ويخضعهم ويمحوهم عن وجه البسيطة» ــ وبناء على ذلك أوصى أتباعه بما يلى: ممنوع الإشفاق عليهم، ويجب قصفهم بالصواريخ بكثافة وإبادتهم، لأنهم أشرار لا يستحقون الشفقة.

 

فى هذه الإشارات ما يكفى لتصور موقف الرجل، الذى اعتبر البعض فى إسرائيل ذاتها أنه من دعاة العنصرية والمروجين لكراهية العرب وإبادتهم. ولا أعرف كيف يمكن لرجل هذا موقفه أن يصبح «صديقا عزيزا» للرئيس مبارك، هكذا مرة واحدة.

 

السؤال الذى يطرح نفسه هنا هو: حين تمنى الحاخام عوفاديا الصحة والعافية والعمر المديد للرئيس مبارك، فهل كان يريد أن يطمئن على مصلحة مصر أم مصلحة إسرائيل؟