خبر معاريف .. الدكتور ايهود والسيد باراك

الساعة 09:41 م|30 يوليو 2010

معاريف .. الدكتور ايهود والسيد باراك

بقلم: بن كاسبيت

        "من المحقق أن تجميد البناء في المناطق لن يظل كما هو اذا لم تكن محادثات مباشرة: يستطيع الفلسطينيون في هذه الحالة زعم أن اسرائيل مسؤولة عن افشال التفاوض وأن ينتظروا أن يقدم الامريكيون في السنة القادمة مقترحاتهم من طريق مجلس الأمن أو على يدي الرئيس اوباما". هكذا، لأول مرة، يقول وزير الدفاع ايهود باراك، زعيم حزب العمل، بفم ملآن، إن تجميد البناء في المناطق الذي يفترض ان ينتهي بعد أقل من شهرين لن يستمر على صورته الحالية.

        "يوجد وزير في السباعية هو في الأصل عامل اسطبل من الكيبوتسات"، يقول باراك، "وهو يقول: لماذا ننصت لباراك، نحن انتخبنا لا هو، هلم نقل ما نشاء، لنكتب ذلك، لنقترح على العرب والامريكيين – اذا شاؤوا فليأكلوا واذا لم يشاؤوا فلا، هذه حقيقتنا. أقول له وللرفاق الاخرين في السباعية. لو كنا الله جميعا لأيدنا طريقة بوجي، لكننا بشر ويجب ان نحكم على الواقع كما هو".

        هذا الكلام وكثير غيره قاله باراك هذا الاسبوع في يوم الاحد، في اجتماع لمبادرة جنيف. إن أناس جنيف نشطاء على نحو عام بين أحزاب اليمين والمركز (كان في الاسبوع الماضي مثلا حلقات دراسية مشتركة اسرائيلية – فلسطينية لنساء رفيعات المستوى من شاس، ولمساعدين برلمانيين من اسرائيل بيتنا والليكود وكاديما)، لكنه بدأ هذا الاسبوع "مشروع حزب العمل". يقول المدير العام لمبادرة جنيف غادي بلتيانسكي إنه قبيل انقضاء التجميد في أيلول الذي هو الشهر الحاسم من جهة حزب العمل، سيعزز جدا نشاط أناس جنيف مع حزب ايهود باراك، قصدا الى بيان أهمية وجود مسيرة سياسية والاخطار العظيمة من عدم وجودها.

        هذه المناسبة التي تحدث فيها باراك، نظمها من جهة تقنية قسم الكيبوتسات في حزب العمل. وكانت جنيف مسؤولة عن المضامين. وكانت محاضرة عن اتفاق جنيف، وجولة على طول مسار الحدود المقترحة في الاتفاق مع العميد (احتياط) شاؤول اريئيلي، وحديث الى سفيان أبو زايدة ومحاضرة لباراك، حضر نحو من خمسين شخصا. وقد اظهر متان فلنائي واوريت نوكيد وهما آخرا المخلصين لباراك في الحزب حضورهما. الكلام الذي قاله باراك في مدى ساعة طويلة كان اوضح كلام صدر عنه في السنين الاخيرة. ممكن أن نعجب أحيانا كيف يستطيع رئيس ذو شجار وتورط كهذا، غير قادر على امرار نصف ساعة من غير أن يورط نفسه في شيء ما، كيف يستطيع أحيانا أن يقول كلاما يبدو مثل نظرية منظمة. اليكم خلاصة الكلام:

        عن الوضع في المناطق: "من يعرض له ان يجول في مدن الضفة يرى واقعا لم يكن هناك منذ سنين. واقعا لحياة طبيعية. لا نرى حماس. وتحسن الوضع الأمني جدا. عندما أعلنا التجميد كان لي حديث صعب جدا مع سلطاتنا، لكنها اعترفت ايضا بأن الوضع الأمني افضل مما كان في السنين الاخيرة".

        وعن التفاوض مع الفلسطينيين: "التحدي في مواجهتهم مؤلم لكنه سهل. قبل 43 سنة، في الحرب التي فرضت علينا، استولينا على جميع أراضي يهودا والسامرة وغزة، وحررنا أراضي لها معنى عاطفيا حقيقي، تنتمي الى حقوقنا التاريخية ولنا بها صلة تاريخية. لكنه يوجد هناك شعب آخر عدته ملايين. هذه الحقيقة المؤلمة والواقع القاسي يتطلبان قرارات حاسمة لا يمكن التهرب منها. أقول لكل من ليست له ثقة بوجود تغيير في الجانب الثاني، انظروا الى التغيير عندنا. عندما أجريت قبل عشرة سنين المباحثات في كامب ديفيد، قال أناس مثل اولمرت ولفني أننا نجلب على الدولة كارثة وهما اليوم مستعدان لان يسيرا المسافة نفسها بل اكثر. وعندما عدت قال بورغ وبيرس وليئا رابين: "كيف اجترأ على أن يبعد السير الى هذا الحد"، وهم اليوم يؤملون جميعا تطبيق كامب ديفيد وأن نوفر على انفسنا ما مر علينا في هذه السنين".

        أجل ان باراك في افضل حالاته، فمن جهة تحليل لامع ومن جهة ثانية تشويه مطلق فني للتاريخ. فهو قد ذهب الى كامب ديفيد بغير اعداد، برغم انه حذر من أن هذا سيجلب كارثة، وبرغم ان الامريكيين لم يهيئوا الارضية، ولم تجند الجامعة العربية، ولم تتم العناية بمصر، وهكذا وجدا إزاءه عرفات وحيدا رافضا جر المنطقة الى الصدام الدامي في الانتخابات الثانية. لكن من الذي يذكر.

        ونمضي قدما: "ان مبنى الحل ومبادئه واضحة معلومة. ليست مقبولة حقا في المجتمع الاسرائيلي، لكنني لا اعتقد انه يوجد عدم فهم عميق يتعلق بسؤال ما هو المجال الذي يمكن ويجب في نطاقه احراز اتفاق. وأعتقد أيضا أن للاتفاق تأييدا عاما أوسع مما في الكنيست. وأسأل نفسي لماذا اختار هذا الجمهور الذي يدرك كيف سيبدو الاتفاق، هذا العدد الكبير من أناس اليمين للكنيست. يتعلق جزء من الامر بالحدس الجمعي للجمهور الذي يقول كما يبدو أنه لا مناص سوى المضي الى تسوية مؤلمة لكننا لا نريد أن نكل هذه القرارات الى أناس حالمين، ومسيحي سلام، وأناس يبحثون عن المثالية ويجرون لالغاء ذواتهم أمام العدل الفلسطيني، ولهذا يفضلون أن يكلوا التفاوض الى أناس عندهم قرقرة بطن شديدة".

        استعمل باراك في هذه المرحلة المثل التقليدي وهو اسحاق رابين الذي صافح عرفات بصعوبة عن اشتمئزاز. بيد ان رابين لم يعد موجودا. وعندنا انطباع ان رابين الحالي عند باراك هو بيبي. وهذا يعني الكثير عن كليهما. انتقل بعد ذلك لعلاج "عامل الاسطبل" بوغي والرفاق من السباعية: "أقول للرفاق في السباعية، إن المستيقنين منكم من أنه لا امكان لاحراز اتفاق، ليست لهم أي مخاطرة بدخول تفاوض ولا حتى مخاطرة الكشف عن المواقف فهذا أيضا غير موجود. كشفت عن مواقف وكشف أولمرت ايضا، ووثقتها لفني في الكثير جدا من الاوراق. لكنني أؤمن بوجود احتمال ولا أعلم هل يوجد يقين لكن توجد مسؤولية أن نجرب.

        "من الواضح اننا اذا توصلنا وعندما نتوصل الى تفاوض مباشر مع الفلسطينيين وعندما تبدأ جميع المشكلات تطرح على المائدة سيصعب على الحكومة ان تظل معا فيما يتلو ذلك من التفاوض لانكم ستقولون اننا قد بلغنا الخطوط الحمراء، وسأقول اننا نملك خيارات أخرى. سيتبين لكم آنذاك أنه عندما يوجد تفاوض حقيقي لن يكون الجمهور معكم البتة. اذا كان من الممكن الاتيان بانجاز ما في نطاق مجال ما تم بحثه في كامب ديفيد او في مخطط كلينتون، عندما يكون كل هذا على المائدة، فسيتبين لكم ان نصف الليكود وثلاثة ارباع اسرائيل بيتنا و 70 في المائة من كاديما يفكرون مثلي لا مثلكم".

        يتناول التفصيلات

        ينتقل باراك هنا الى تفصيل كيف ستبدو تسويته. ولأول مرة منذ زمن طويل يتناول أدق التفصيلات. "يجب رسم حدود داخل أرض اسرائيل. ثم واقع ميداني يقتضي حدودا ترسم بحسم تقديرات أمنية وسكانية، في جهتها الداخلية دولة يهودية مع أكثرية يهودية صلبة لاجيال، والى جانبها دولة فلسطينية منزوعة السلاح لكنها مستقلة ذات بقاء وقابلة للحياة من جهة المناطق والاقتصاد والسياسة. والحفاظ على الكتل الاستيطانية عندنا والاستعداد لعلاج مستوطنات معزولة واعادتها الى داخل دولة اسرائيل او الى الكتل الاستيطانية. سواء أكان ذلك بخطط اخلاء – تعويض أم بمستوطنات كاملة تنظم، واخلاء يستمر 5 سنين على الأقل. وسنمكن من أرادوا الانتقال من أماكنهم الحالية الى داخل اسرائيل كجماعة لا كأفراد، وسنمكن من منع ما حدث في الانفصال عن غزة وإعداد البلدات. سيمكن في ثلاث سنين أو أربع إسكان الناس في بلدات جديدة داخل الدولة.

        يجب ان يحقق حل مشكلة اللاجئين داخل الدولة الفلسطينية. ستبحث قضية القدس في نهاية التفاوض، لكن يجب انهاؤها ايضا وإلا فلن يمكن التوصل الى ختم الأمور. وهنا نعلم أيضا بوجود 12 حيا يهوديا فيها 200 ألف شخص وراء الخط الاخضر، وأحياء عربية لا يوجد أي منطق سياسي بعيد الأمد في ابقائها معنا، وفي الوسط الحوض المقدس ومدينة داود والبلدة القديمة وقطعة النقانق التي تصعد نحو جبل الزيتون وهي منطقة يسكنها 40 ألف شخص وهي تحتاج الى نظام خاص ومتفق عليه، لئلا يطمح أحد الجانبين الى أن يدفع الى قضايا رمزية.

        أجل، يؤيد باراك آخر الأمر الاخلاء مع التعويض (فلماذا عارض عندما أثار آخرون الأمر في الكنيست؟)، ويقسم القدس. وفي ذلك نزول عن سيادة اسرائيلية في الحوض المقدس وفي "قطعة النقانق"، على حسب تعريفه. ويزعم من جهة ثانية أنه واع. سيحتاج كما قال الى ترتيبات أمنية شاملة تمنع في يهودا والسامرة ما حدث في لبنان وغزة. "أجوبة ذلك مطوية في الترتيبات الأمنية والترتيبات التي ستحدد على طول نهر الأردن، وسيحتاج الى وجود بعيد الأمد لنا هناك قد لا يكون الى الابد لكنه بعيد الأمد، والى مساعدة كثيفة أمريكية تضمن تفوق الجيش الاسرائيلي التقني وفي موضوع الترتيبات الأمنية الاقليمية والخطط مع الدول المختلفة في المنطقة بطبيعة الأمر".

        ولكن عن أي تفاوض يتحدث؟ فمحادثات التقارب البائسة ايضا لا تفضي الى اي مكان، ولا يرى تفاوض مباشر في الأفق، والامريكيون قانطون والأوروبيون حائرون. "أؤمل أن ننجح في دفع الحكومة الى مواجهة التحدي التاريخي وألا تغرق في سياسة صغيرة"، يقول باراك، "توجد هنا قدرة وإمكان شق طريق، ولا يحل لنا أن نضيع هذه الفرصة. فاذا أضيعت فستفضي الى تأجيل طويل. وتوجد أخطار ايضا، لست أعلم ماذا ستكون التطورات في الساحة الفلسطينية. أعتقد أيضا انه يوجد بين وزراء الليكود وأعضاء الليكود كثيرون لن يقولوا هذا علنا لكنهم يعلمون أن هذه هي الطريقة الوحيدة واذا قادت الحكومة فسيجارونها في ذلك. لا اعتقد اننا يجب علينا أن نلوح بتهديد متى وأين سنترك الحكومة. من الواضح ان عندنا موقفا سياسيا يختلف عن خطة ليبرمان. لست على ثقة بأن الفلسطينيين لا يحاولون على عمد أن يؤجلوا الى ما بعد أيلول كي يرغموا اسرائيل على مواجهة استمرار التجميد. من تجربتي، في اللحظة التي نكون فيها في محادثة حقيقية تصبح موضوعات مثل البناء في المستوطنات هامشيا. كان معدل البناء في عهد اولمرت ضعف ما كان في الفترة قبل تجميد بيبي. وعندما حادثت عرفات كان المعدل اربعة اضعاف. أعتقد ان الفلسطينيين يبتغون التجميد لان كل ما يريدونه هو اللقاء المسؤولية علينا".

        في هذه المرحلة تناول باراك عدة أمور اثارها سفيان ابو زايدة في المحاضرة قبله: "تحدثت الى ابي مازن بالهاتف عشية التجميد واثار الفكرة وسأل لماذا لا نتم تجميد حقيقيا. فالتجميد عندهم في يهودا والسامرة ليس تجميدا لانه لا يشتمل على القدس. قال، أتموا تجميدا بضعة أشهر، تجميدا مطلقا، وفي بضعة الاشهر هذه سنجلس ونتحادث. قلت له، يا أبا مازن، ليس هذا عمليا، فلسنا نستطيع في الحقيقة وقف البناء في القدس فلا سبب يدعو الى ذلك. قال لي، ليس مهما ماذا سيكون، أعلنوا فقط مثل هذا الاعلان لاربعة أشهر، ماذا سيحدث؟ قلت له، أذا أعلنا تجميدا تاما كهذا ستصور قناة الجزيرة من الغد في الميدان العمال الفلسطينيين يبنون بحماسة بيوتا لليهود. ليس هذا هو المركز. فسأل آنذاك لماذا لا نستمر على التفاوض من النقطة التي وقف عندها مع أولمرت. قلت له لسنا نعلم ما الذي غادره أولمرت فقد جلس في غرف مغلقة مع دخان سجائر فاخرة، ولا يوجد أي محضر جلسات ولا أي تسجيل لهذا، كل ما نعلمه عن ذلك هو من مقابلة مع صحيفة بذلها اولمرت بعد ان انهى ولايته ومن بلاغ لابي مازن. وقلت له آنذاك وأكرر هذا الان لا يوجد ما يقلق فيما يتعلق بالانشغال من أين نبدأ. فهذه طقوس لا حاجة لها. فقد كنا في محادثات مباشرة ثلاث مرات في السنين الـ 15 الاخيرة، حول جميع الموضوعات الجوهرية. واقول بمسؤولية إن جميع الموضوعات التي بحثناها فيها يمكن انهاؤها في أسابيع قليلة. لن تقول حتى حكومة الليكود انها تفكر في امكان انشاء دولة فلسطينية تقوم على 60 في المائة من الضفة ومكونة من معازل صغيرة لهذا لن تكون هذه هي المشكلة".

        من هو باراك الحقيقي

        أجل إنه باراك بلا ريب. بقي فقط أن نتبين كيف لم يقم أحد بمطابقة جدية مع أولمرت لأن هذا الشخص ما يزال معنا. ويستحق دخان السجائر ايضا ان يبحث، لان باراك يحطم ويده مربوطة وراء ظهره الأرقام القياسية لشره أولمرت بكل مقياس، لكن من ذا يحسب. المهم أن يكون سلام. وشيء آخر مهم: هل يقوم كلام باراك هذا مع مسؤولين كبار في الليكود ووزراء في الليكود كي يوافقوه على خطته على أحاديثه التي لا تنتهي (مع الكثير من دخان السجائر الفاخرة) مع الصديق نتنياهو؟ أيعلم شيئا لا نعلمه نحن (وبني بيغن)؟

        وسؤال آخر – كيف يمكن أن يفشل باراك الواعي والواضح والحاد والتحليلي في كل ما يتجه اليه عندما يبلغ الاعمال لا الأقوال. إن الدكتور ايهود يفرط في التحليل الذي يثير العجب. لكن السيد باراك لا ينجح في اقامة علاقات معقولة بأي شخص ويسحق سحقا دقيقا حزبا مجيدا أنشأ الدولة.

        سحب هذا الاسبوع طلبه رفع أجرة المدير العام لمكتبه، ورفضت لجنة هولندر هذا الاسبوع ترشيح مقربه دافيد زيسو لمنصب قنصل في بوسطن، وتابعت المحكمة هذا الاسبوع الكشف عن سلوك باراك غير المعقول وعبده المخلص شلوم سمحون، في كل ما يتعلق بمحاولة السيطرة على الكيرن كييميت وغير ذلك. وما زلنا لم نتحدث عن استمرار المحاولات التي لا تكل لافساد ما بقي لرئيس الاركان غابي اشكنازي من عمله والاستمرار على أمل طرد اشكنازي في أسرع وقت ممكن قبل أن تنقضي ولايته من تلقاء نفسها. فأي باراك هو باركنا الحقيقي؟ يبدو أنه ليس الذي نسمعه بل الذي نراه. ويبدو أن هذه الخطبة المنظمة المدهشة كلها ترمي الى شيء واحد فقط هو أن يقهر رأي بوجي وبرافرمان قبل أيلول. صحيح لن يكون تجميد ولن تكون محادثات مباشرة ولن يكون شيء لكن تعالوا نبق في الحكومة لاننا نريد السلام (وأريد أن أظل وزير الدفاع).

        أعمال كالعادة

        وفي هذه الاثناء اعمال نتنياهو كالعادة. في المساء الذي قتل فيه ستة من ضباط سلاح الجو في رومانيا، حطمت عائلة نتنياهو جميع ارقامها القياسية السابقة (التي حددت في سفر اللذات ذاك الى لندن في ذروة حرب لبنان الثانية) واحتفلت مع جمع غفير بيوم ميلاد الابن يئير، وهو جندي في وحدة دوفير في الجيش الاسرائيلي سرح تسريحا عجيبا من مهمة ألقيت عليه للمشاركة في الحفل.

        وفي حين كانوا يحاولون في رومانيا العثور على آثار المروحية المفقودة لم ينهض نتنياهو ولم يترك بل لم يعتذر. برغم ان جميع الضيوف علموا بالحادثة وتحدثوا عنها وبرغم انه علم ايضا (قبل وصولهم)، وبرغم ان هذه الحادثة تطلبت تدخلا سريعا (مكالمة هاتفية مع رئيس حكومة رومانيا وتنسيق أعمال البحث والجهد السياسي)، ولأنه وقعت مشكلة في أداء السفارة ولأن الملحق العسكري الاسرائيلي في رومانيا كان في البلاد.

        هذا هو نتنياهو وهذا هو محيطه وهكذا تصرف أمور الدولة (يجب على شخص ما ان يفحص كيف يتلقى رئيس الحكومة نبأ عن مروحية اختفت مع ستة ضباط بعد أن وقع ذلك بثلاث ساعات تقريبا. أو أن الحقيقة مختلفة).

        من جهة سياسية لم يغب عن ديوان رئيس الحكومة الشعور بالحصار بل ربما العكس. فهو يزداد حدة وقوة كلما اقتربنا من أيلول. بلغ ديوان رئيس الحكومة في المدة الاخيرة معلومات استخبارية موثوقة فحواها ان الرئيس الامريكي براك اوباما التزم لابي مازن التزاما رئاسيا صريحا، في اثناء اللقاء الاول بينهما بعد ان تولى اوباما عمله. على حسب الالتزام، ضمن اوباما اقامة دولة فلسطينية ذات بقاء على مساحة تشبه مساحة 1967 في غضون سنتين.

        وهذا هو السبب الذي يدعو الفلسطينيين كما يعتقدون حول نتنياهو الى ارتشاف الزمن رويدا رويدا ولا يدخلون التفاوض. يريدون أن يدرك الامريكيون المبدأ وأن يوقعوا التسوية فوق رأس نتنياهو مع الهراوة. والأسوأ ان نتنياهو يخاف من أن هذا السيناريو ممكن. قد لا يكون لذلك احتمال عال لكنه موجود في الميدان. فأوباما رئيس غير متوقع. ويتبين الان ايضا ان اللقاء الاول بين نتنياهو واوباما كان كارثة مطلقة. أجل، يعلم الجميع انه لم يكن هناك نجاح كبير، لكن على حسب مصادر مختصة بما حدث هناك، كان ذلك معركة أكثر مما كان لقاءا دبلوماسيا. وبعده كما تذكرون نشبت الازمة الكبيرة بين اسرائيل والولايات المتحدة، وهي أزمة يحاول اوباما اصلاحها الان قبيل الانتخابات في تشرين الثاني، فماذا سيكون بعد تشرين الثاني؟ تعالى الله.

        أنباء خير أم شر؟

        وثلاثة أشياء صغيرة اخرى: الأول يتعلق بالوضع في تركيا. تقول عناصر معارضة تركية اتصلت في المدة الاخيرة بدبلوماسيين في الغرب إن صحة الرئيس الطيب اردوغان مضعضعة. وقالوا إن الرئيس كان يفترض ان يكون في عطلة في بدء تموز وغاب نحوا من اسبوع عن عيون الجمهور، في حين كان في الواقع في علاج وفحوص. على حسب هذه المصادر، الحديث عن صرع، وثم خبراء ينسبون اليه هبات الغضب وسلوكه غير المتوقع. إن جزءا من هذه المادة معروف ايضا لجهات في اسرائيل. أما مبلغ صدقها فغير واضح. المصادر التركية واثقة بنفسها وتزعم ان نشر أمر كهذا في تركيا سيكون خطوة انتحارية من جهتهم... ككات