خبر كنيسة الأمن..هآرتس

الساعة 05:57 ص|29 يوليو 2010

بقلم: يوسي ملمان

يستعمل الموساد 2.421 عاملا، منهم 73 مستعمل عملاء. ميزانيته السنوية 1.470.239 شيكل. واستأجر خدمات خمس شركات تزوده بخدمات استشارية في مجال  الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات وخزن المعطيات.

        هذه معطيات وهمية، اختلقت من أجل هذه المقالة. وإلا فان الرقابة العسكرية كانت تلغي النشر سواء كان الحديث عن معطيات صحيحة ام لا.

        ومن جهة أخرى، لو نشرت هذه المعطيات بالضبط، سواء صحت أم لا، في وسائل اعلام اجنبية، لكان يجب على الرقابة أن تبيح نشرها في الصحف الاسرائيلية، بشرط أن تصحبها جملة "بحسب نشرات أجنبية". تعتمد هذه الجملة على فرض الرقابة وتوابعها في جهاز الأمن، أن العدو يصدق تصديقا كبيرا تقارير الصحف الاسرائيلية عامة وتلك التي تستعرض الشؤون الأمنية بيقين. وبهذا تنظر الرقابة العسكرية والصحف الاسرائيلية وكأنها متحدثة رسمية للمؤسسة الأمنية.

        في هذا الواقع غير الممكن تقريبا قدرة الصحفيين في اسرائيل على التحقيق وعلى اعطاء الجمهور معلومات عن المنظمات في جهاز الأمن واستخبارات – محدودة جدا. فالحديث عن قيود لا تساوق ادعاء كون اسرائيل محسوبة في الديمقراطيات الغربية.

        أحكام الرقابة العسكرية هي السبب المركزي لكون تحقيق كذاك الذي نشرته أخيرا صحيفة "واشنطن بوست"، ما كان يستطيع أن يرى النور في اسرائيل. فتحت عنوان "أمن قومي محدود الضمان" كشفت الصحيفة الأمريكية عن اجراءات الخصخصة التي تجري على الجماعة الاستخبارية في الولايات المتحدة التي تمنح شركات خاصة مهمات سرية أكثر فأكثر – بدءا بحراسة عملاء الاستخبارات في العراق وافغانستان الى تحليل المعطيات وحل الشفرات وغير ذلك. إن الصحفيين الامريكيين برغم أنهم قيدوا أنفسهم بقيود رقابة ذاتية، لم يحجموا عن الكشف أيضا عن عناوين آلاف الشركات التي تمنح هذه الخدمات. كان هدف التحقيق إعلام دافعي الضرائب بحقيقة تخالف دعوى مضاءلة النفاقات وهي أن خصخصة الاستخبارات باهظة الكلفة ومسرفة.

        ما يزال الوضع في الجماعة الاستخبارية الاسرائيلية بعيدا عما في أمريكا، لكن عندنا أيضا توجد تباشير أولى للخصخصة، باسم التوفير وزيادة الجدوى. فالوزراء يحرسهم حراس خاصون لا الشاباك؛ وتنقل مشروعات أكثر فأكثر للموساد والشاباك وأمان الى شركات خاصة.

        إن مسألة الخصخصة هي مثال فقط على عدم الرقابة العامة على شكل انفاق جهاز الأمن لأموال الجمهور. فهل مثلا انفاق ملايين الشواكل على عملية الاغتيال المنسوبة للموساد في دبي كان ذا جدوى (حتى لو مرت بلا ضرر)، عندما نزن الكلفة في مقابلة العوض للأمن القومي؟

        الفرق البارز بين اسرائيل والولايات المتحدة هو في قدرة وسائل الاعلام هناك على الكشف عن اخفاقات واسراف، بفضل الحماية الممنوحة لها بالدستور الذي يضمن حرية التعبير. وفي اسرائيل يحكم على كل محاولة كهذه سلفا بالفشل، لانه تغطي الرقابة العسكرية والمحاكم التي تسارع الى اصدار أوامر حظر النشر على جهاز الاستخبارات باخلاص كبير. حتى إن تصدير السلاح من اسرائيل يحظى بحمايتها، برغم أن جوانبه الرئيسة اقتصادية وأخلاقية وأقل من ذلك أمنية. النظر الى الأمن في اسرائيل كالنظر الى دين لا يحل الشك فيه والكشف عن نقط ضعفه. وما لم يتغير هذا ستظل كنيسة الأمن تدبر أمورها بسرف، من غير أن تخاف أنه يجب عليها تقديم حساب للجمهور الذي تعمل باسمه وتتمتع بماله.