خبر عن الأكاذيب وجوازات السفر..هآرتس

الساعة 05:55 ص|29 يوليو 2010

بقلم: عميرة  هاس

الكذب والسلطة يتماشيان. لكن ما يثير الغضب في دولة ذات سيادة مدمر في مجتمع يناضل من أجل حريته. للفلسطينيين قيادتين تحت الاحتلال، تتنافسان في اللقب المريب "حكومة"، وكلتاهما تنتج أكاذيب لتخليد مكانتها. فحكومة حماس التي فازت بأكثر الأصوات في انتخابات ديمقراطية لا تعترف بها أكثر دول العالم. لكنها تحتضن بحرارة حكومة السلطة الفلسطينية، التي عينها الرئيس وزعيم الحزب الذي خسر في الانتخابات. هذه هي الحكومة التي أعلنت باسم الرغبة في عدم تعميق الشقاق السياسي بين القطاع والضفة، في العاشر من حزيران تأجيل انتخابات السلطات المحلية التي كان يفترض ان تتم في 17 تموز في الضفة الغربية فحسب. بسبب الشقاق واختلاف الآراء في الصلاحيات والشرعية، ما كانت انتخابات موازية لتمكن في قطاع غزة. يمكن الجدل في المنطق في الاصرار الأولي على اجراء انتخابات تعزز ازدواجية الحكم الفلسطيني فحسب، وقد باركت حلقات مستقلة في غزة خاصة التأجيل. لكن الجميع يعلمون أن السبب الحقيقي لذلك هو نزاعات داخلية في فتح، والخوف كما يبدو من نجاح قوائم منافسة (برغم أن حماس أعلنت بأنها ستقاطع الانتخابات).

        إنها الحكومة التي تدعو في كل تصريح لها الى ازالة الحصار عن غزة، لكنها تساعد في سجن سكان القطاع بالفعل بأن تمنع كثيرا منهم من احراز جوازات سفر فلسطينية سارية الفعل. فهي فضلا عن أنها ترفض ان ترسل الى غزة جوازات سفر فارغة لتملأ فتضطر بذلك سكان القطاع الى الاستعانة بالخدمات الباهظة لوكالات وساطة تنقل النماذج والصور الى رام الله، تبين في المدة الأخيرة ان الاستخبارات العامة الفلسطينية تتدخل وفي حالات كثيرة تحظر اصدار جوازات سفر لسكان في غزة.

        الان وقد ضاءلت مصر شيئا ما قيود المرور من حدودها مع القطاع، أخذ يبرز بقوة أكبر التعسف الذي لا قلب له. إن الشعور بالسجن هذا – والاكاذيب التي تصحبه – يحدث مرارة من حكومة رام الله حتى عند من لا يشايعون حماس.

        ما تزال أجهزة أمن الضفة تعتقل أناسا يشايعون حماس. وحقيقة أن الاكثرية الكبرى مسجونة مددا طويلة بلا ذنب وبلا محاكمة تثير الريبة في أن ليس الحديث عن احباط اخطار أمنية بل عن بث الرعب والانتقام لفشل فتح في غزة وعن قمع التيار السياسي الخصم. لنضرب مثلا، مراد عميرة من قرية نعلين. يأتي في كل يوم جمعة الى موقع التظاهر على سور الفصل في قريته على أنه مضمد متطوع في "الهلال  الاحمر". اعتقلته الاستخبارات العامة قبل نحو من ستة اسابيع وسرحته أمس فقط، من غير ان يحصل هو وعائلته ورفاقه حتى على تفسير لاعتقاله الطويل.

        إن حكومة رام الله مؤيدة بالكلام للنضال الشعبي، لكن جهازها الأمني يعاود تلتلة نشطاء في نعلين مقربين من حماس: يعتقلهم يومين او ثلاثة ويسرحهم ويعتقلهم مرة أخرى. وهكذا يرى التأييد الرسمي للنضال الشعبي أكذوبة أخرى. فلا عجب أنه بقي الشغل الخاص للمتضررين المباشرين ولا يجتذب الجماهير – ولا يجتذب بيقين اولئك الذين يملأون المقاهي والمطاعم ومهرجانات رام الله. إنها نفس أجهزة الأمن التي تحظى بمدح المحتل، للهدوء الذي أحرزته في الوقت الذي يصادر فيه الأراضي ويهدم البيوت ويطرد الناس ويعتقل الأولاد ويمنع من حرية الحركة ويقتل. إن الاكاذيب التي تصحب  نشاطهم وصلتهم الوثيقة بفتح تلقي ظلا على صدق القيادة في نظر جمهورها.