خبر الخبير الاقتصادي عمر شعبان: غزة تحتاج الآن الى خطة مارشال

الساعة 04:29 ص|28 يوليو 2010

الخبير الاقتصادي عمر شعبان: غزة تحتاج الآن الى خطة مارشال

فلسطين اليوم-وكالات

وظّف وائل وادية في مصانعه للوجبات السريعة 250 عاملا في فترة ما، ولكنه اليوم، وبعد منع إسرائيل وصول منتجاته لسوق الضفة الغربية، لم يعد يوظف سوى بضع عشرات من العمال.

20 شخصا كانوا يعملون على سفينة صيد يمتلكها جمال بصلة، واليوم لا يعمل لديه سوى أربعة، بعدما فرضت إسرائيل قيودا على إبحارها. وبعدما كان دخله خمسة آلاف دولار شهريا، أصبح يعتمد حاليا على مساعدات وكالات إغاثة، ويعجز عن دفع مصاريف دراسة ابنه في الجامعة.

أمّا المهندس المدني محمود الهندي فكان يحلم بمستقبل ناجح في مجال محترم، ولكن بعد مرور أكثر من عام على تخرجه، لم يتح له الاقتصاد المتداعي أي فرصة عمل ويقول فـ«كل الطرقات مقفلة» أمامه، ما جعله «يفقد الأمل».

تختصر هذه النماذج الثلاثة الوضع الاقتصادي المزري في قطاع غزة، الذي تعهد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يوماً بتحويله إلى سنغافورة البحر المتوسط، لكن الحصار الإسرائيلي الذي تم تشديده بعد تولي حركة حماس السلطة في العام 2006، دمّر الاقتصاد، ومعه الأمل في مستقبل أفضل لسكان القطاع البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة.

ويقدّر رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد الفلسطينيون خسائر الحصار والحرب بعشرات الآلاف من الوظائف المفقودة، إلى جانب الخسائر المباشرة الناجمة عن تدمير البنية الاقتصادية للقطاع، لاسيما في قطاع الصناعة. والأصعب هو قياس حجم الآمال المهدرة للشبان الفلسطينيين الذين يريدون مغادرة القطاع إن استطاعوا لذلك سبيلا، ولرجال الأعمال الذين كانوا يرون أن السلام مع إسرائيل سيحقق عائدا ورخاء. ويقول المدير التنفيذي لاتحاد الصناعات الفلسطينية عمرو حمد إن غزة «تفقد طبقة رجال الأعمال الشرعيين وهي آخر طبقة تؤمن بالسلام».

وبالرغم من إعلان إسرائيل تخفيف الحصار عن غزة، بعد ضغوط مارستها خصوصاً دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن المراقبين يشككون في ما تعتبره إسرائيل «سياسة جديدة» تجاه القطاع، فالكميات التي تعهدت إسرائيل بالسماح بدخولها تقل كثيرا عن احتياجات غزة العادية، وذلك دون الأخذ في الاعتبار الاحتياجات الإضافية لاقتصاد يحتاج إلى إعادة بناء بعد الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع في شتاء العام 2009.

وتقول مديرة جمعية «جيشا» الإسرائيلية لحقوق الإنسان ساري باشي: «ما يقلقنا أن حق سكان غزة لا يقتصر على استهلاك (السلع) بل الإنتاج والتصدير والسفر»، مشيرة إلى أنّ «سياسة الحرب الاقتصادية ما زالت مستمرة». وتوضح باشي انه في الأسبوع المنتهي يوم 24 تموز، دخلت غزة 979 شاحنة محملة بالسلع، بزيادة بلغت نسبتها 40 في المئة عن الماضي، ولكنها ما زالت تمثل 40 في المئة فقط من الكميات التي كانت تدخل غزة قبل سيطرة حماس على القطاع.

ويرى الاقتصادي الفلسطيني عمر شعبان أنّ «غزة تحتاج الآن الى خطة مارشال»، في إشارة إلى خطة المعونة الأميركية التي ساعدت الاقتصاد الأوروبي على النهوض بعد الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أنّ «مصطلح (اقتصاد) لم يعد ينطبق هنا».

وبحسب بيانات البنك الدولي فقد ارتفعت نسبة البطالة في غزة إلى 40 في المئة، مقارنة بـ30 في المئة خلال العام 2007، فيما تشير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين («أونروا») إلى أنّ 80 في المئة من السكان يعتمدون حاليا على المساعدات الغذائية، بارتفاع تقارب نسبته 40 في المئة مقارنة بالسنوات الماضية.

وما يعوق التعافي أيضاً، هو أنّ قائمة الممنوعات الإسرائيلية تشمل مواد البناء التي تزعم إسرائيل انه يمكن استخدامها لأغراض عسكرية، علماً بأنّ هذه المواد، ومن بينها الاسمنت والحديد، متوافرة بالفعل لدى حركة حماس أو أي شخص يستطيع تحمل تكلفة خدمات المهربين عبر الأنفاق على الحدود مع مصر.

أما الصيادون فلا يسمح لهم بالإبحار سوى لمسافة ثلاثة أميال بحرية من الشاطئ، ما اضطرهم للتخلي عن مراكب الصيد الكبيرة والاستعانة بقوارب صغيرة.

ولعل ارتفاع حجم البطالة في القطاع قد يجعل الكثيرين مستعدين للانخراط بالأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المقالة. وقد أعلن وزير الداخلية المقال فتحي حماد إن وزارته تُحضر لإعلان التجنيد الاختياري ومن ثم الإجباري في صفوف أجهزتها الأمنية. وقال حماد في حفل افتتاح المديرية العامة للتدريب شمال قطاع غزة اليوم «إننا على أبواب ومشارف فتح باب التجنيد الاختياري ومن ثم الإجباري»، موضحاً أنّ ذلك يهدف إلى «إعداد جميع فئات الشعب الفلسطيني بمن فيهم النساء، لمواجهة أي عدوان إسرائيلي جديد».