خبر اسرائيل وأبو الهول المصري .. هآرتس

الساعة 01:42 م|27 يوليو 2010

بقلم: البروفسور يورام ميتال

(رئيس مركز حاييم هرتسوغ لابحاث الشرق الاوسط في جامعة بن غوريون في النقب)

أخذ يعظم القلق في اسرائيل والولايات المتحدة من أن انصراف حسني مبارك عن الحكم، عندما يقع، سيفضي الى تغيير حاسم لسياسة مصر. النشرات التي تقول إن الرئيس المصري أصيب بالسرطان عمقت هذا القلق وأعطي تعبير عن ذلك في لقاء نتنياهو لمبارك قبل عدة أيام. تناول اللقاء في الحقيقة التفاوض مع الفلسطينيين، لكن يمكن أن نفهم أن رئيس حكومة اسرائيل ومصاحبيه أرادوا أكثر من كل شيء الوقوف على الوضع الصحي لأبي الهول من القاهرة.

أجل، سيكون لكل تغيير في سياسة القاهرة آثار في الواقع في الشرق الاوسط، وفي ضمن ذلك مواجهة ايران والنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. اذا نضج التفاوض مع الفلسطينيين، فسيحتاج الزعماء الى البت في قضايا الوضع الدائم. لمصر في هذه المرحلة دور حاسم في تأييد القيادة الفلسطينية.

إن تحليل خصائص النظام المصري والعوامل التي تصوغ سياسته قد يبين عن امكانات حدوث تغيير حاسم على أثر انصراف مبارك. إن سياسة مصر الداخلية والخارجية لعهد  مبارك صيغت في ضوء الحلف الاستراتيجي الذي عقد بين مصر والولايات المتحدة واسرائيل في العقود الثلاثة الأخيرة. وجه قادة مصر سياستهم على حسب فرض أن مواجهة ناجعة للتحديات الكبيرة في الداخل تتعلق بقدر كبير في تثبيت مصر اقدامها على أنها حليفة مركزية للولايات المتحدة، وفي الحفاظ على اتفاق السلام مع اسرائيل.

الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن والقدس ثبتت لامتحانات صعبة، فيها اغتيال السادات، وأزمة طابا، وحربا لبنان وانهيار مسيرة اوسلو. مع ذلك تشارك اسرائيل مصر في موضوعات مركزية. يزعمون في مصر أن استمرار مشروع الاستيطان وسياسة "القبضة الشديدة" التي تستعملها اسرائيل في المناطق المحتلة تثبط احتمال تسوية النزاع مع الفلسطينيين. يخدم هذا التوجه مصلحة دول ومنظمات ذات برنامج عمل عسكري، بل يهدد مصالح مصر الحيوية. ويزعمون في اسرائيل ان مصر لا تستعمل قدرا كافيا من تأثيرها في الفلسطينيين ليزيدوا في مرونة مواقفهم، وأنها تحبط تحقيق اتفاقات التطبيع وتعمل في تثبيط خيار اسرائيل الذري.

مع كل هذا أصبح الرئيس المصري في السنين الأخيرة عزيزا على السياسة الاسرائيلية، ويمكن أن نعلق سبب ذلك في خوف الدولتين من حماس. فادارة مبارك تعارض بشدة تثبيت أقدام "دولة صغيرة" بقيادة حماس في قطاع غزة.

إن الانباء عن تدهور الوضع الصحي لمبارك قد أشعلت من جديد الانشغال بسؤال اتصال السياسة المصرية. حتى لو لم تنتقل الرئاسة آخر الأمر الى جمال مبارك – في الظروف القائمة من المضمون ان يحل محل حسني مبارك مرشح عن الحزب الحاكم، وتكثر احتمالات أن تستمر خطوط السياسة المركزية التي رسمها.

السبب الرئيس لذلك هو أن السياسة التي قادها مبارك يشارك فيها رؤوس أجهزة الأمن، والبيروقراطية، والنخبة الاقتصادية في مصر. فهم يرون استمرار الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ومعها السلام مع اسرائيل، شرطا ضروريا لضمان مصالح بلدهم القومية الحيوية. وهم يرون أن العوامل التي أفضت الى الأخذ بهذه السياسة قبل نحو من 30 لا تزال موجودة وعلى قدر أكبر اليوم ايضا، وعلى رأسها عدم وجود موارد تمكن من مواجهة معقولة للزيادة السكانية وحاجات المجتمع والجهاز الاقتصادي.

إن الحفاظ على النظام المصري وسياسته مصلحة من الطراز الاول للولايات المتحدة واسرائيل ايضا. وهذا ما جعلهما تتجاهلان وضع الديمقراطية في مصر واضطهاد الاخوان المسلمين. وهكذا، في حين يلف الغموض شخص الرئيس القادم، سيظل نظام السلطة في المستقبل القريب على حاله وكذلك السياسة التي قادها أبو الهول المصري ايضا.