خبر من يسيطر على صناعة القرار الصهيوني؟

الساعة 05:10 ص|26 يوليو 2010

مؤرخ صهيوني: الجيش والمستوطنون يسيطرون على صناعة قراراتنا

فلسطين اليوم-قسم المتابعة

المستوطنون اليهود في الضفة الغربية المحتلة من ناحية، والجيش "الاسرائيلي" من ناحية اخرى، اقليتان داخل المجتمع في الدولة العبرية، وهؤلاء يؤثرون على الاغلبية في المجتمع الاسرائيلي، لان الاغلبية في كل مكان في العالم تنزع في الغالب الى الخمول والكسل، هذا ما جاء في كتاب جديد للمؤرخ الاسرائيلي البروفسور موشيه تسيمرمان(67 عاما)، الذي يدرس في الجامعة العبرية في القدس الغربية.

وبحسب نظريته التي يطرحها في الكتاب الجديد، الذي جاء تحت عنوان الخوف من السلام ـ المأزق الاسرائيلي، فانّ جيوشا من الوسطاء والدبلوماسيين والسياسيين، خاصة من الولايات المتحدة الامريكية واوروبا، يسافرون منذ سنوات الى الشرق الاوسط محاولين التوسط بين الاسرائيليين والفلسطينيين، غير ان كل ذلك ذهب ادراج الرياح، بل ان الوضع يبدو الآن اسوأ من اي وقت مضى.ويضيف المؤرخ: هناك بالطبع الاخطار العديدة التي تواجهها اسرائيل من جانب حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ومنظمة حزب الله اللبنانية والنظام الايراني الذي يهدد بابادتها، كما ان ذكرى المحرقة (الهولوكوست) ما زالت ماثلة في اذهان الجميع. ولكن الا يريد الاسرائيليون التوصل الى حل سلمي للصراع؟ هل تخشى اسرائيل السلام؟ نعم، يقول المؤرخ الاسرائيلي موشيه تسيمرمان في كتابه الجديد مشددًا على انّ الناس يخشون اخطارا في حالة السلام اكثر من حالة الحر، يقول تسيمرمان، خلال الحرب يعرف الناس بالتقريب ماذا ينتظرهم، ولكن الوضع مختلف في حالة السلام ولذلك يميل العديد منهم الى الشعور بالخوف من السلام، على حد تعبيره.

وبرأي المؤرخ تسيمرمان: يخشى عديد من الاسرائيليين ان تكمن وراء السلام مناورات وحيل، كما ان الاستعداد لتقديم تنازلات يُنظر اليه على انه ضعف.

حسب هذه النظرة فان السلام لا يمكن التوصل اليه الا من خلال ردع الاعداء وتحجيمهم، مثلما يرى تسيمرمان: كثير من الاسرائيليين يرون ان السلام لا يمكن ان يتحقق الا اذا عاش الفلسطينيون تحت السيطرة الاسرائيلية. صحيح ان هذا ما تفكر فيه اقلية ضئيلة في اسرائيل، غير ان هذه الاقلية تنجح في اشاعة الخوف وبالتالي فهي تسيطر على الاغلبية. بالطبع تريد الاغلبية ان تحيا في سلام ورفاهية، ولكن هناك اقلية في المجتمع الاسرائيلي لها مصالحها التي تتعارض مع السلام.

وكمثال على تلك الاقلية يذكر المؤلف المستوطنين والجيش، وهؤلاء يؤثرون على الاغلبية في المجتمع الاسرائيلي، لان الاغلبية في كل مكان في العالم تنزع في الغالب الى الخمول والكسل، يقول تسيمرمان: عندما نؤكد اننا معرضون دائما الى الخطر، واننا كنا دوما ضحايا، واننا لا نريد ان يتكرر ذلك ابدا وان العرب هم اعداؤنا، وان هدف الفلسطينيين ابادة اسرائيل، عندئذ تكون حجج اليسار غير مقنعة، وهي ان بامكان المرء ان يفكر في بدائل، على حد قوله.

ويرى تسيمرمان ان الخروج من هذا المأزق يستلزم التخلص من عقلية الخوف والردع. هذا التحول في التفكير شهده المجتمع الاسرائيلي في عام 1993 عندما ابدى استعداده فجأة لاجراء مفاوضات مع الفلسطينيين في اوسلو والتغلب على الخوف والاحكام المسبقة. غير ان ذلك انتهى على شكل فجائي باغتيال رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق، اسحاق رابين في العام 1995. ولكن كيف يمكن الوصول الى تحول جديد في تفكير المجتمع الاسرائيلي؟ هذا ما لا يجيب عنه تسيمرمان في كتابه، كما انه لا يتعرض الى الفلسطينيين بكلمة.

ويمكن الايجاز والقول انّ اراء تسيمرمان محاولة من محاولات عديدة لتفسير الوضع الحالي في الشرق الاوسط، غير ان محاولته هذه اثارت انتقادات عديدة في اسرائيل حيث وُصف بأنه يسيء الى وطنه وانه ينشر نظريات معادية لاسرائيل. تسيمرمان يرد على هذه الانتقادات بقوله: اعداء اسرائيل الحقيقيون يجلسون في الحكومة، انهم يمارسون سياسة معادية لاسرائيل لانها تؤدي الى عزل اسرائيل، والى اعاقة السلام وفي النهاية نعيش في مواجهة الكارثة، على حد قوله.

جدير بالذكر انّ البروفسور تسيمرمان اثار حفيظة الاسرائيليين، وتحديدًا اليمينيين منهم، عندما قال انّ اولاد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة هم مثل الشباب الذين درج الزعيم النازي ادولف هتلر على تربيتهم خلال سنوات حكمه في المانيا. وبعد الادلاء بهذا القول طالب 79 بروفسيرا من الجامعة العبرية باقالته من منصبه في رسالة وجهوها الى ادارة الجامعة، معتبرين انّ هذه المقولة تمس مسا سافرا بالمحرقة اليهودية، على حد تعبيرهم.