خبر تحقير المحكمة..معاريف

الساعة 08:02 ص|22 يوليو 2010

بقلم: بن كاسبيت

لو كنت لص سيارات، لأمكنني منذ اليوم وصاعدا الخروج الى العمل مرتاحا. ولا يجب أخذ مفك أيضا. كم هي جيد وجود محكمة عليا في اسرائيل تهتم بنا. إن قرار الحكم أمس يحسن تحسينا حاسما أمننا في العمل. ما زلنا لا نحصل على تقاعد لكن يوجد على الأقل تأمين حياة. منذ الان، سأسطو أنا ايضا على السيارات في منتصف الليل، وحتى لو ضبطني فريق متحرين متلبسا فكل ما يجب علي فعله أن انطلق مسرعا. مباشرة نحو أفراد الشرطة أو قربهم لا يهم. لا يجب في الحقيقة أن أغرس مفكا في رؤوسهم. فهم لن يجرؤا على فعل شيء وسأسافر في السيارة المسروقة حيثما شئت. لا أعلم لماذا يشكو الناس؛ فاسرائيل جنة عدن. للصوص بطبيعة الأمر.

        لو كنت شرطيا، لاطمأننت منذ اليوم فصاعدا. يمكن النظر الى العمل في استمتاع. لا يجب أن تنضغط. حتى لو خرجنا الى كمين في منطقة مليئة بلصوص السيارات، في حي مضروب بالسطو والعنف، فلن نفعل هذا بجدية. فعلى هذا النحو أيضا، نأتي نحن شرط الميدان البسطاء بيوتنا بأقل من خمسة آلاف شيكل. صحيح، لا توجد ساعات اضافية ولا ظروف حسنة، لكن من جهة ثانية لا يوجد أيضا الحق في الدفاع عن النفس، ولا يحل اطلاق النار على ساط يسافر في اتجاهك في منتصف الليل واذا أطلقت النار فمن حسن الحظ وجود قضاة في القدس. إنهم، في المسكن الفخم فوق رأس التل، يعلمون بالضبط كيف تقف هناك، في ساعة متأخرة من الليل، في مواجهة لص يحمل مفكا، ورفيقك مستلق في سبات في المشفى مع مفك في دماغه تلقاه في وضع مشابه، وسيقمون بالحساب ويرسلونني الى السجن لوقت ما.

        في الحصيلة العامة، الحديث عن مسار منطقي. فبعد أن تخلت الدولة عنا واستهانت بمكانتنا، وأجورنا وظروف عملنا، أتت المحكمة الان ودقت المسمار الأخير في تابوت الشرطي العبري. من الحقائق أن شلومي اسولين يناضل الان حقا عن حياته، بعد أربع سنين في سبات، وأن شاحر مزرحاي، الذي حاول الهروب من مصير مشابه سيسجن ثلاثين شهرا. هكذا الحال في دولة القانون. لو كنت من سكان هذه الدولة البائسة، لسجلت تاريخ يوم أمس، الواحد والعشرين من تموز 2010 على أنه وصمة عار. في وقت ما، بعد سنة أو عشرين سنة، عندما تجتمع لجنة ما لتفحص كيف بلغت مكانة المحكمة في اسرائيل الحضيض ومتى فقدت تماما ثقة الجمهور بها، فانني افترض أن يذكر قرار المحكمة العليا أمس على أنه واحد من أهم القرارات في هذا المسار.

        رتب ثلاثة قضاة من المحكمة العليا أجلاء، برئاسة الرئيسة دوريت بينيش بجلالها وبنفسها، وهي التي نجت بأعجوبة فقط قبل بضعة أشهر من حذاء رميت به عندما قامت بأداء عملها (أرسل الرامي ليقضي ثلاث سنين في السجن الفعلي، كما يناسب من يحاول المس برمز من رموز السلطة)، رتبوا سلم أوليات جديدا يجعل سلطة القانون يقلب سلطة القانون، وحق المواطنين في التملك وفي الأمن والعيش، وقدرة الشرطي على الدفاع عن نفسه وأداء عمله. كل اولئك ينحني ويخضع لحق لص سيارات ضبط متلبساً في الهرب بسلام وبأمن من مكان الجريمة. بالمناسبة يمكن أن تنتهي سرقة سيارة الى القتل ايضا. يشهد على ذلك والدا عينبال عمران، التي نزفت حتى الموت في سيارتها بعد أن طعنها لص حاول سرقتها.

        هلم ننطلق من افتراض ان الشرطي الممتاز شاحر مزراحي اخطأ عندما أطلق النار على اللص محمد غنايم. الأمر هو انه في الوضع الذي كان فيه كلاهما، يكون الخطأ جزءا من الظروف. لقي لابس ملابس شرطي أرسل في مهمة خطرة في منطقة مضروبة باللصوصية والسطو في منتصف الليل لصا مسلحا بمفك يسبه، ودخل السيارة وانطلق مسرعا نحوه عند الشرطي مزراحي جزء من الثانية ليقرر. وهو لا يعرف حقا هل ينوي غنايم صدمه. فكر، كما أفترض في رفيقه شلومي اسولين المستلقي في سبات، بعد أن تلقى مفكا مشابها من لص مشابه مباشرة في رأسه. فأطلق النار. حتى لو كان الحديث عن خطأ فلا شك أنه خطأ بليغ. ليس ها هنا عمد. وتوجد هنا جميع ظروف التخفيف في العالم. لا يجب ان تدرس الحقوق لتفهم هذا. يكفي القليل من المنطق. أجل، وأن تعلم ما يحدث حولك في هذه الدولة.

        إن قضاة المحكمة العليا لا يسطون على بيوتهم كما يبدو. فلو سرقوا منهم سيارة الأودي 6 الحكومية لأتتهم ادارة السيارات بأخرى من الفور. فالحياة هناك، في العالم الحقيقي، غريبة عنهم. بالمناسبة، سيارة الأودي 6 الحكومية للقضاة منحت لهم لا بحسب ما يقتضي القانون. فهم يملكونها من غير أن يصدر ذات مرة قانون ما في هذا الشأن. الحديث عن حيلة من انتاج مدير المحاكم موشيه غال اصبحت عادة ثابتة. لكن عندما يكون الحديث عنهم فان القانون مرن كما يبدو. يمكن ليه الى هنا او الى هناك. اما عندما يكون الحديث عن الشرطي شاحر مزراحي، وهو أحد افراد الشرطة القلة الذين يرسلون الى الشوارع لحمايتنا وحماية ممتلكاتنا فان القانون يكون صارما. لكن لا يجب أن نحتج على المحكمة فحسب. فالنيابة العامة أسوأ منها. إن تلك النيابة العامة التي تعقد صفقات محاكم مهينة مع زوجين صدما ولدا صغيرا، وتركاه ينزف في الشارع، ومضيا لغسل السيارة والأكل في مطعم؛ تطلب بعد، في الآن نفسه، التشدد في عقوبة شرطي قام بأداء عمله. فالنيابة العامة بدل أن تدافع عن المواطنين تنتحر من أجل حماية اللصوص. سيدخل شاحر مزراحي السجن فترة مشابهة جدا لفترة الزوجين الصادمين من يهود. لا يوجد منطق ها هنا ولا عدل، إن شيئا ما أساسيا جدا قد فسد هنا حتى الأساس.