خبر مشعل: التفاوض اليوم مع « إسرائيل » خيار خاطئ

الساعة 04:24 م|21 يوليو 2010

مشعل: التفاوض اليوم مع "إسرائيل" خيار خاطئ

فلسطين اليوم – وكالات

قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، خالد مشعل، إن موضوع التفاوض مع العدو، من الموضوعات الشائكة والحسّاسة التي يـُؤثر كثيرون تجنّب الخوض فيها وتحديد موقف واضح إزاءها، خشية ردود فعل سلبية، أو تفسيرات غير سليمة؛ ويزيده حساسية وحرجا الظلالُ القاتمةُ التي التبست به جراء التجارب المريرة للتفاوض الفلسطيني الإسرائيلي، والعربي الإسرائيلي.

 

أضاف في حديث لصحيفة "السبيل" الأردنية: "لا خلاف على أن التفاوض مع الأعداء غير مرفوض، لا شرعاً ولا عقلاً، وخاصة أن هناك بعض المحطات في الصراع بين الأعداء قد تتطلب وجود التفاوض، فالتفاوض كأداة ووسيلة قد يكون مقبولاً ومشروعاً في لحظة معينة، وقد يكون مرفوضاً وممنوعاً في لحظة أخرى، أي أنه ليس مرفوضا لذاته، ولا مرفوضاً على الدوام".

 

وتابع: "إذا كانت المقاومة، على قدرها وشرفها، وسيلة لا غاية، فهل يعقل أن نجعل التفاوض غاية وخيارا وحيدا ونهجا دائما، لا وسيلة وتكتيكا قد يتم اللجوء إليه عند الضرورة والحاجة وتوّفر الموجبات؟!".

 

وأشار: المفهوم القرآني واضح؛ الله سبحانه وتعالى يقول: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكّل على الله"؛ أي أن التفاوض يكون مقبولا ومعقولا ومنطقيا في مفهومنا كأصحاب قضية عادلة، عندما يضطر العدو إليه، عندها يأتينا للتفاوض وهو مستعد لدفع الثمن والاستجابة لمطالبنا؛ أما أن نسعى نحن إليه، ونلهث وراءه، ونعتبره خيارنا الوحيد، فعندها نحن من سيدفع الثمن؛ فالذي يضطر إلى التفاوض هو في العادة من يدفع الثمن. ولذلك قال الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة الأخرى: "ولا تهنوا وتدعو إلى السلم وأنتم الأعلون".

 

وقال: نعود للآية الأولى "وإن جنحوا للسَّلم فاجنح لها" فقد سبقها قوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم".  ماذا يعني ذلك؟ يعني أن القوة وامتلاك أسبابها هي التي من شأنها دفع العدو اضطراراً إلى السلم، وأن جنوح العدو للسلام والتفاوض، هو ثمرة للجهاد والمقاومة وامتلاك القوة، ومن يفكر بالتفاوض بعيدا عن المقاومة، ودون أن يمتلك أوراق القوة، فإنه يذهب عملياً نحو الاستسلام..

 

في علم الإستراتيجية وإدارة الصراعات، التفاوض هو امتداد للحرب، ونوع من إدارة الحرب بطريقة أخرى، فما تأخذه بالتفاوض على الطاولة هو نتاج وضعك على الأرض، وحصيلة ميزان القوى في الميدان؛ فإذا كنت مهزوما في الميدان، ستهزم لا شك في التفاوض؛ وإذا كانت الحرب تحتاج إلى موازين قوى، فالتفاوض يحتاج هو الآخر إلى موازين قوى، والسلام يحتاج إلى موازين قوى؛ لأن السلام لا يصنع بين طرف ضعيف وآخر قوي، وإلا كان استسلاما".

 

وأضاف: الحالة بالنسبة للصراع مع الاحتلال الإسرائيلي مختلفة، فهناك نبت غريب جاء إلى المنطقة وفرض نفسه على أرض وشعب، وشرّد الناس من أرضهم، وأحل مكانهم مهاجرين استجلبهم من شتات الأرض. بالتالي هي حالة معقدة، وينبغي التعامل معها تعاملا دقيقا وحسّاسا.

 

التفاوض حين تتوفر شروطه ومتطلباته الموضوعية، وعلى رأسها وضع يتوفر فيه قدر كافٍ من التوازن والتكافؤ النسبي، وحين تتأكد الحاجة إليه، مع التوقيت المناسب له، لا تعجلاً ولا إبطاءً، عندئذ يمكن أن يكون أحد الخيارات التي نلجأ إليها باعتباره آلية وأداة ووسيلة، وليس هدفاً ولا غاية، ولا حالة دائمة ولا خياراً استراتيجياً. التفاوض أداة تكتيكية؛ وكما أن الحرب ليست حالة دائمة، ولها متطلباتها وشروطها، كذلك التفاوض.

 

وتابع: للأسف، فإن الحالة العربية والفلسطينية – في الأغلب - بالنسبة لهذا الموضوع، غاية في السوء؛ هي حالة مكشوفة، بلا أوراق تفاوض، وبلا سند، بلا مناورة، ولا هوامش إخفاء أو غموض. الصفّ الفلسطيني مكشوف بالكامل، بحيث يذهبون إلى السلام وهم يعلنون أنه الخيار الاستراتيجي الوحيد؛ وإذا كان عدوك يعلم أنك لا تملك إلا التفاوض، ولا تتحدث إلا عن السلام، ولا تملك خيارا آخر، فما الذي يضطره لتقديم التنازلات لك؟!

 

المفاوض الفلسطيني يقول: التفاوض هو الخيار والنهج والبرنامج الوحيد؛ وهو ينسّق أمنيا مع العدو، ويطبّق خريطة الطريق ومتطلباتها الأمنية مجاناً، دون أن يقدّم الإسرائيلي أي مقابل. فما الذي يجبر أولمرت أو نتنياهو على إعطائه أي شيء!!

 

التفاوض في الحالة الفلسطينية خارج عن سياقاته الموضوعية؛ وبالمنطق السياسي المجرد هو يفتقر إلى المقاومة ولا يستند إلى أوراق القوة اللازمة.

 

بكل أمانه وشجاعة أقول: التفاوض من حيث النظرة المطلقة، ليس حراماً ولا ممنوعاً، لا بالميزان الشرعي ولا السياسي، ولا بتجارب الأمة والإنسانية، ولا بممارسة حركات المقاومة والثورات عبر التاريخ؛ لكن ينبغي أن يخضع لمعادلات وضوابط وحسابات وظروف وتوقيتات وسياقات وطريقة إدارة صحيحة، وبدونها يصبح أداة معاكسة ومدمرة.

 

في الحالة الفلسطينية؛ نقول إن التفاوض اليوم مع إسرائيل خيار خاطئ. وقد عرض على حماس التفاوض مع «إسرائيل» مباشرة لكنها رفضت، وعرض على قياداتها أن تلتقي عددا من القيادات الإسرائيلية، بعضها في موقع السلطة كما حصل في عرض إيلي يشاي، وبعضها محسوب على معسكر السلام، ، لكن حركة حماس رفضت تلك العروض.

 

التفاوض اليوم – في ظل موازين القوى القائمة - يصبّ في خدمة العدو، ولا يخدم الطرف الفلسطيني؛ حيث لم يتطور واقع الصراع على الأرض إلى حالة تجبر العدو الصهيوني على اللجوء إلى التفاوض،بل ما زال إلى اليوم يرفض الانسحاب من الأرض، ولا يعترف بالحقوق الفلسطينية؛ والتفاوض في مثل هذه الحالة يصبح نوعا من العبث والمقامرة.