خبر تحول اوباما- هآرتس

الساعة 10:29 ص|21 يوليو 2010

تحول اوباما- هآرتس

بقلم: ألوف بن

(المضمون: تحول أوباما عن سياسته التي بدأ بها ولايته والتي كانت معارضة اسرائيل ورؤيتها عبئا لا ذخرا وهو الان يبرز الشراكة معها والتعاون الأمني ويحاول ان يلاطفها قدر استطاعته توخيا لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الاوسط - المصدر).

        تعبر مراودات الرئيس براك اوباما لاسرائيل عن تحول اساسي في السياسية الامريكية في الشرق الاوسط. فقد تغير ترتيب أوليات أمريكا، وعلى رأسه اليوم المواجهة التصعيدية مع ايران، والخوف من تبدل القيادة في مصر والسعودية. في هذا الوضع ترى اسرائيل "حليفة حيوية"، كما قال نائب وزيرة الخارجية أندرو شابيرو، لا عقبة أمام التقارب بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي، كما كانت ترى في بدء ولاية اوباما.

        للامريكيين مصلحة عليا في الشرق الاوسط هي التزود بالنفط العتيد الرخيص. وضمان ذلك متعلق بالحفاظ على "الاستقرار" الذي يعتمد على نظم حكم مركزية يتعلق بقاؤها بأمريكا، وحمايتها تعطي أسواقاً مهمة للصناعة الأمنية الامريكية.

        منذ صادرت الولايات المتحدة من بريطانيا حماية الشرق الاوسط، مع نشر "مبدأ ايزنهاور" في 1957 (بعد أزمة السويس)، حاربت كل جهة قوضت النظام الاقليمي وهددت التزويد بالنفط، من جمال عبدالناصر ورعاته من السوفييت الى صدام حسين وأسامة بن لادن.

        لعبت اسرائيل دورا متبدلا في الاستراتيجية الامريكية. فقد كانت ترى أحيانا ذخرا وأحيانا عبئا. في الفترات الوردية أبرز الامريكيون "العلاقات الخاصة" و "القيم المشتركة"، وفي الفترات السوداء ضايقوا اسرائيل في قضية ديمونا وفي قضية المستوطنات بعد ذلك. هذا التوجه مقبول عندهم: فعندما احتاج الامريكيون الى الصين في مواجهة الاتحاد السوفياتي، ركلوا تايوان وتجاهلوا نقض ماو تسي تونغ لحقوق الانسان. وعندما اصبحت الصين ترى تهديدا، اعلنت الولايات المتحدة بيع السلاح من تايوان، واستضافت ادلاي لاما، ويتبين لها ان في بكين رقابة وأن معارضي نظام الحكم يطاردون.

        في العلاقات باسرائيل، تلعب المستوطنات الدور الذي تلعبه تايوان والتبت في العلاقات بالصين، على أنها أمر مضايق ثابت يؤكدونه او يتجاهلونه على حسب الحاجة. أيغضبون على رئيس الحكومة؟ يتذكرون الشيخ جراح ويتسهار وربابا. واذا احتاجوا الى اسرائيل أو ارادوا مداعبتها من اجل تقدم آخر في المسيرة السياسية، يتركون لجان التخطيط في يهودا والسامرة والقدس وشأنها.

        عندما تولى اوباما عمله، قدر أن امريكا ضعفت في الشرق الاوسط، وأمل احراز تسوية لتقاسم التأثير مع القوة الاقليمية الصاعدة ايران. لهذا أظهر البرود نحو اسرائيل واستل من المخزن هراوة المستوطنات. لكن ذلك لم ينجح. فقد صد الايرانيون باستخفاف تفضلات صداقة اوباما، وتجاهلت الدول العربية الموضوع الفلسطيني وبينت ان صد ايران أهم. وكما قال سفير اتحاد الامارات في واشنطن، في مؤتمر في الاسبوع الماضي: "الهجوم العسكري على ايران، ولا يهم على يد من سيكون كارثة. لكن ايران مع السلاح الذري ستكون كارثة أكبر".

        هذه هي خلفية تحول اتجاه اوباما. فبدل "ضرب اسرائيل والحصول على هتاف المسلمين"، يلحظ صرامة العلاقة بايران. فقد ازدادت العقوبات عليها وتصاعدت الخطابة. وتحولت اسرائيل من عبء مثقل الى شريكة مرادة، ربما بلا خيار، على خلفية التقلبات المتوقعة في القاهرة والرياض مع تبدل  الاجيال في الحكم. قوي التعاون مع الجيش الاسرائيلي واختار  الامريكيون ابرازه بخلاف ميلهم الى مطامنته في الماضي. وتحولت اسرائيل الى شيء متلقف في واشنطن، الى درجة أن نائب وزير الخارجية شابيرو، الذي امتدح العلاقات الأمنية، أفرط في حماسته وتحدث أن الرئيسين جون أدامز وابنه جون كوينس أدامز، أيدا وطنا لليهود قبل هرتسل بعشرات السنين. ولدت الصهيونية في البيت الابيض ولم نعلم.

        سجل بنيامين نتنياهو لنفسه انجازا دبلوماسيا. حاول في لقائه الاول لاوباما ان يقنعه بأن التهديد الايراني يسبق كل شيء، وطلب منه اوباما ألا يبني في شرقي القدس. والان يعلن الرئيس بأن الذرة الايرانية "مشكلة السياسة الخارجية في المحل الاول عندي"، ولا يذكر المستوطنات في جلوسه الى جانب نتنياهو. لم يحدث بالمجان: فقد وعد نتنياهو عوض ذلك أن يحرز في غضون سنة تسوية دائمة، ويلمح الى أن عمق تنازلات اسرائيل سيكون كعمق الضربة التي تتلقاها ايران. واذا ساعدت علاقة الحب المتأخرة لاسرائيل اوباما وحزبه في الانتخابات القريبة لمجلس النواب فان الصفقة قد كانت مجدية من جهته.