خبر المسئولون بين شارعي الكنز والولادة.. عامر أبو شباب

الساعة 01:12 م|19 يوليو 2010

بقلم: عامر أبو شباب

إن منطلق عمل الوزارات وكل الجهات العمومية أو العامة هو خدمة المواطن بمعنى أن المسئول موظف لدى المواطن، وإن كان الواقع يثبت العكس ويظهر ذلك جليا وبشكل قهري في عالمنا العربي، ونحن كفلسطينيين وإن لم تصبح لنا دولة كآخر شعب محتل في الكرة الأرضية، نمثل هذا الواقع الظالم في إدارة شؤون حياتنا اليومية رغم أننا نمتلك حكومتين وازدواجية في الوزارات مما يزيد من طين واقعنا أكثر من بلة.

 

لن أفيض أكثر من ذلك التزاما بعنوان المقال حيث تبدأ حكايته من مقارنة بسيطة بين شارعين الأول هو شارع مسجد الكنز الواصل بين شارعي عمر المختار والوحدة وسط مدينة غزة، هذا الشارع كان بحالة جيدة جدا مقارنة بشوارع بعض المناطق الداخلية التي لا يمر فيها مسؤول وحتى أن مر فإمكانية المركبة التي يستقلها وجو العظمة المحيط به لا يشعره بالتضاريس الوعرة في اغلب شوارع القطاع، هذا الشارع حل عليه مركز تسوق كبير وجميل كحال الكثير من المراكز التجارية "الخاصة" التي انتشرت كالفطر في قطاعنا المحاصر والمقهور، وهنا أستأذن القارئ العزيز بان أستطرد قليلا و أتساءل عن هذه الاستثمارات الفجائية والكبيرة التي تطفو على سطح القطاع رغم أن الواقع الاستثماري خرج من غرفة الإنعاش إلى مقبرة الحصار ودفن، من أين هذه المشاريع ولا يوجد إلا سوق الأنفاق للاستثمار الأسود.

 

المهم هذا الشارع الذي كان بصحة جيدة تم إعادة رصفه بعد أن حل عليه مركز التسوق وظهرت مادة تعبيد الطرق النادرة وتم تعبيد الشارع بهمة وجهد كبيرين مما قد يدفع الكاتب والقارئ للتساؤل حول مالك هذا الانجاز التجاري ومدى قوة علاقاته.

 

وهنا استطراد آخر وليعذرني القارئ مرة أخرى لشعوري بأنه يستطيع معي صبرا لأني أتحدث عن حالنا البائس بعيداً عن العناوين الكبيرة، لماذا تصبح التجارة لدى رجال الأعمال "الجدد" هي الاستثمار، واعتقد أن الاستثمار هو توفير فرص عمل وليس جمع الأموال.

 

بقدرة قادر صار لدينا شارع جديد وتم إعادة إنشاء بنيته التحتية بسرعة سويسرية.

 

أما الشارع الثاني المسكين والذي لا يمر به ولاة الأمور هو الشارع المتفرع عن شارع مستشفى الشفاء، والذي يؤدي إلى بوابة كشك الولادة بمستشفى الشفاء وللغرابة أن الشارع به أيضا أهم محطات نقل المواطنين إلى كافة مدن القطاع، هذا الشارع الصغير على أهميته حيث تمر به كل حالات الولادة بمجمع الشفاء الطبي حسب إحصائيات الإخصاب العالية، رغم ذلك حال الشارع يرثى له مقارنة بالشارع السابق، لكن يبدو أن الاهتمام بالمواليد الجدد يعني زيادة عددهم مما سيزيد من شدة الحصار، أما التجارة وإعادة البيع فلها إسهام عظيم في التخفيف من الحصار الجائر.

 

إن المزاج الإداري الذي يهتم بالشارع الأول الذي يقال الكثير حول جهة ملكيته من جهة رسمية أو شبه رسمية ويتناسى آلام الشارع الثاني على أهميته يعني أن ولاة الأمور في واد غير وادي الناس البسطاء، وان السلطات تتشابه في مفسدتها وان اختلفت الملابس أو مقدمة الخطب ولغة التبرير.

 

الاستطراد الثالث والأخير أنه يجب الإشارة إلى أن الشارع المتفرع من الشفاء والذي يعمل كمحطة نقل يدفع السائقون مقابل حمل الركاب تذكرة رغم أن الخدمات صفر لدرجة انه لا يوجد بالقرب منه حتى دورة مياه للسائقين أو الر كاب.

 

المسؤولية مشتركة على هذه المشكلة التي تحمل دلالة واضحة عن قائمة أولويات ولاة أمورنا بين وزارة الصحة التي لم تهتم ووزارة المواصلات التي سمحت باستمرار الشارع محطة للنقل وجمعت التذاكر وبين وزارة الأشغال التي ترصف هناك و"تطنش" هنا، وسلاما للبغلة المتعثرة في بغداد وصاحب الثوب المرقع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقد عرى من بعده.