خبر لا أصرح بالإخلاص- هآرتس

الساعة 09:42 ص|19 يوليو 2010

لا أصرح بالإخلاص- هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: وصف لأفاعيل الجيش الاسرائيلي واليهود في الخليل على رغم زعم اسرائيل الدائم انها دولة يهودية وديمقراطية - المصدر).

لماذا تكتفي الحكومة بأن يطلب طالبي الجنسية التصريح للاخلاص للدولة اليهودية والديمقراطية؟ أنا أيضا اريد!  حان الوقت لأن نصرح جميعا، بلا شذوذ – اليهود والمسلمين، والحريديين والملحدين – بالاخلاص للديمقراطية اليهودية الوحيدة في العالم. بشرط واحد أن تجري مراسم التصريح في باحة مغارة المكفيلا بعد جولة في وسط الخليل.

ليعلم كل مواطن اسرائيلي ما الذي تفعله الدولة باسمه في مدينة الآباء. ولتعلم كل أم عبرانية الى أين ترسل "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط" أبناءها. ويوقع اولئك الذين تعجبهم المشاهد على التصريح. أما من لا يجدون في الخليل شهادة على قيم يهودية ومبادىء ديمقراطية فيرفضون.

        يحسن قبل الخروج في جولة دراسية في وسط الخليل انعاش الذاكرة: إن اتفاق الخليل، الذي وقع في 1997 بين حكومة نتنياهو والسلطة الفلسطينية قسم الخليل الى المنطقة العربية (اتش 1) التي تسيطر عليها السلطة، والمنطقة اليهودية (اتش 2) التي يسيطر عليها الجيش الاسرائيلي. يسكن المنطقة العربية نحو من 120 ألف فلسطيني، أما في المنطقة اليهودية، التي تشتمل على البلدة القديمة والمركز التجاري للمدينة، ففيها نحو من 500 يهودي ونحو من 30 ألف عربي. وقد استعملت اسرائيل لمنع الاحتكاكات قواعد صارمة من الفصل المادي بين طائفتي السكان وتحديد حركة صارمة للسلكان الفلسطينيين في أكثر مناطق (اتش 2).

        استقبلتنا مجموعة من الكلاب التي غشي عليها بسبب الحرارة في شارع الشهداء، الذي يشق الحي القديم في  الخليل، عند مدخل مغارة المكفيلا. أبواب الحوانيت مغلقة، وسوق اللحوم مهجورة. غطى شخص ما الكتابات الجرافيتية العنصرية بصور وجوه ضاحكة على خلفية وردية مبهجة. وجد استطلاع شامل اجرته "بتسيلم" ورابطة حقوق المواطن في نهاية 2006 أن 1829 مشغلا فلسطينيا (اكثر من 75 في المائة من جملة المشاغل في المنطقة) أغلقت في السنين الأخيرة. وهجر أكثر من ألف وحدة سكنية (أي نحوا من 42 في المائة من اجمالي الشقق). يقول يهودا شاؤول مؤسس منظمة "نكسر الصمت" ان اكثر من 40 في المائة من السكان الفلسطينيين تركوا المنطقة.

        حدق جنود في ملل الى الزوار، فبعد أن تيقنوا أنهم "منا" توجهوا في طريقهم (أو الى رقصهم؟) برغم ان الجيش الاسرائيلي أبلغ محكمة العدل العليا قبل سنتين أنه ألغي الامر الذي يحظر عليهم الحركة في الشارع، لا يجرؤ الفلسطينيون على الاقتراب من هناك. فهم يعلمون أنه في كل زاوية سيجرى تفتيش دقيق في متاعهم. يقول عيران افراتي، الذي خدم في سنة 2007 في موقع أبو سنينة أنه كان يعلق على "جدار التوجيهات" توجيه إثارة "الشعور بالمطاردة" عند السكان. وفي مخزن معلومات "نكسر الصمت" شهادات جنود تحدثوا عن طرائق خلاقة لاحداث هذا الشعور. مثل تسجيل السكان في منتصف الليل (بلسان الجيش الاسرائيلي "رسم خرائط")، أو نقر القدور (لاحداث الضجيج). يجري غلام نحيف، يرتدي ملابس دينية على حصان أبيض بشعور بالسيادة. عند أقدام "بيت هداسا" يعدل شاؤول القبعة الدينية السوداء على رأسه ويشير الى مبنى مدرسة بنات الفلسطينيين. يقول إن عنده في المكتب فيلم فيديو وثق عادة أبناء الجيران اليهود لصرف ملل يوم السبت برمي البنات بالحجارة. في الزقاق المفضي الى سوق الجملة التي اغلقت بعقب المجزرة في مغارة المكفيلا في مطلع 1994، مجموعة من الشبان اليهودي تدفع عجلة محملة بمواد البناء. فمن وراء الأبواب المغلقة، وتحت أنوف الجنود، نجمت مستوطنة صغيرة أخرى.

        عند مدخل  مغارة المكفيلا سد طريقنا ستة رجال شرطة من حرس الحدود. أعلمنا القائد الذي استصرخ الى المكان أنه يحظر علينا دخول الموقع مع يهود شاؤول لانه ينتمي الى منظمة ذات "هوية سياسية". وصدق الضابط أنه قبل يوم أو يومين صحب نوعام أرنون، متحدث المستوطنة اليهودية في الخليل، مجموعة زوار من قبل وزارة الخارجية الى مغارة المكفيلا. أما مستوطنو الخليل كما تعلمون فلا توجد لهم "هوية سياسية".

        لا توجد أي صلة بين أفعال الدولة في مدينة قبور آباء الأمة، وفي الشيخ جراح وفي غور الاردن وفي غزة وبين اليهودية والديمقراطية. ما دام هذا وجه الدولة اليهودية الديمقراطية فانني ارفض أن اصرح بالاخلاص لها.