خبر لكي لا نبدد فرص المصالحة وطاقة الوسطاء.. عريب الرنتاوي

الساعة 09:16 ص|18 يوليو 2010

 

لكي لا نبدد فرص المصالحة وطاقة الوسطاء.. عريب الرنتاوي

ما حاجة الفصيلين الفلسطينيين الرئيسين للوساطة والوسطاء طالما أنهما قادران على إجراء اللقاءات وتبادل المكالمات وعقد المحادثات مع بعضهما البعض، وطالما أن قنوات البحث والتشاور بينهما سالكة وآمنة، في الاتجاهين معا وعلى حد سواء؟.

 

مناسبة هذا السؤال، ما تناقلته صحف بيروت أمس عن "جولة جدية وجادة" من المحادثات يجريها وفدان من الحركتين، الأول برئاسة عزام الأحمد والثاني بقيادة أسامة حمدان، والطريف في الأمر أن فريقي اللقاء برّراه بأنه النتيجة المنطقية وردة الفعل الضرورية للتعاطي مع فشل آخر وأحدث جولات الوساطة بينهما، والتي قامت بها شخصيات فلسطينية مستقلة برئاسة رجل الأعمال منيب المصري.

 

جرت العادة أن يفضي فشل الوساطات والوسطاء إلى زيادة الأمور تعقيدا وتباعدا بين فريقي الأزمة وأطرافها، لكننا في التجربة الفلسطينية نرى "المحادثات المباشرة" تُستأنف صبيحة اليوم التالي لفشل جولات التقريب غير المباشرة التي يقوم بها الوسطاء، الأمر الذي حدا بأحد الظرفاء إلى القول لنكثّّف من "الوساطات الفاشلة" والحالة كهذه، علّ المحادثات المباشرة التي ستعقبها وتترتب عليها، تتكثف بدورها وصولا للاتفاق المنشود.

 

والحقيقة أننا نخوض منذ أشهر وسنوات في محادثات وحوارات عبثية، هدفها في المقام الأول، إبقاء جذوة الأمل مشتعلة في نفوس الفلسطينيين المنكوبين بالاحتلال والحصار والاستيطان واللجوء والشتات، وهدفها في المقام الثاني، كسب معركة العلاقات العامة، وعدم الظهور بمظهر من "عطّل" الوحدة الوحدة ومَنَعَ قيامها، وهدفها في المقام الثالث، التريث لمعرفة طبيعة الخطوة التالية على مسار التفاوض وعملية السلام من جهة على خط شاليط ومستقبل الحصار من جهة ثانية، لأن الكثير يتوقف على حدوث اختراق على أي من هذه الملفات.

 

ليس لدى السلطة الرغبة في فتح مؤسساتها الأمنية ومؤسسات المنظمة للفك والتركيب، ولا هي على استعداد للتخلي عن "سلطتها" تحت أي بند أو عنوان، والأهم، أنه ليست لديها القدرة، إن هي رغبت، على فعل ذلك.

 

في المقابل، ليست لدى حماس الرغبة في التفريط بما تمتلك يداها من سلطة وقوة في القطاع المحاصر والمجوّع، وهي لا تمتلك القدرة إن توفرت لها الرغبة في فعل ذلك، حفاظا على شبكة المصالح وأصحابها وبناها التحتية، وخشية من المقامرة بمصائر قادتها وكوادرها، ورغبة في إبقاء رؤسهم بين أكتافهم.

 

 النقاش الحقيقي حول الوحدة الوطنية لم يَطرق بعد المواضيع الصحيحة، ولم يخاطب الهواجس الأعمق والمخاوق الأبعد لكلا الجانبين، ولهذا يأخذ شكل "حوار الطرشان"، وتبدو القضايا موضع البحث والتوسط عصية على الحل والتقريب، بل ومعلقة حتى إشعار آخر.

 

ولكي لا تبدو جهود الوساطة ومحاولات الوسطاء الصادقة والمخلصة، حرثاً في الماء، فإننا نقترح أن تتركز جهود هؤلاء، ومن يدعمهم ويقف وراءهم من قوى وجماعات، على إطلاق حركة شعبية ضاغطة باتجاه المصالحة، عليهم أن يهتموا بتحريك المسيرات والتظاهرات والاعتصامات ومختلف أشكال التعبير الجماهيري، داخل الوطن المحتل وخارجه، للضغط على مختلف الأفرقاء للرضوخ لإملاءات المصالحة وضروراتها، سيما وأن هناك قوى وفعليات تسهم في الوساطة، لها قواعد نفوذ شعبية يمكن توظيفها لتحريك الرأي العام.

 

على الوسطاء والوساطيين، أن تنصب إهدافهم وحركاتهم حول الضرورة القصوى لتحريك الشارع وتوليد قوة ضغط داخلية متصاعدة وكفيلة بممارسة أشد أشكال الضغط في هذا الاتجاه بدل صرف الوقت والجهد في لقاءات، مع أطراف يمكنها أن ترفع سمّاعة الهاتف ومخاطبة بعضها بعضاً، قبل أن يعود أعضاء وفد الوساطة إلى منازلهم.