خبر بعد إقفال باب التوبة..حملة مكافحة التخابر مع الاحتلال إلى أين؟؟

الساعة 07:07 ص|17 يوليو 2010

بعد إقفال باب التوبة..حملة مكافحة التخابر مع الاحتلال إلى أين؟؟

فلسطين اليوم-غزة

"كفى.. آن الأوان للخروج من الظلمة" عنوان آخر لقضية أثارت غضب المجتمع الفلسطيني في غزة من حيث حجمها وخطورتها ومضمونها. خرجت لتكسر حاجز الصمت وتجند وسائل الإعلام كافة لتثير القضية وتوقظ الرأي العام.حيث أن سيادة العادات والتقاليد وأعراف المجتمع هنا في غزة أمر لا يختلف عليه اثنان، فهو يعرف بأنه مجتمع محافظ يرفض العادات والسلوكيات الدخيلة عليه والتي لا تنسجم مع قيمه.

 

"العمالة" والتخابر مع الاحتلال، صورة لا تعكس أخلاق شعب يقاوم عدوه منذ عشرات السنين، وتأبى رايته أن تسقط من بين يد المجاهدين، بل يرتقى الشهداء في سبيل إعلائها. وقد أطلقت وزارة الداخلية التابعة لحكومة غزة حملة لمكافحة التخابر مع الاحتلال، وأعطت المتعاونين مهلة زمنية محدد للتوبة قبل أن ويقفل هذا الباب..فماذا حققت هذه الحملة بعد أسابيع على إطلاقها؟ وماذا بعد قفل باب التوبة؟ وما رأي الدين في كل هذه الأمور؟.

تكللت بالنجاح

الناطق باسم وزارة الداخلية بحكومة غزة، المهندس إيهاب الغصين، أكد لـ صحيفة"الاستقلال" أن الحملة تكللت بالنجاح، حيث قام عدد كبير من العملاء بتسليم أنفسهم، واعترفوا على عملاء آخرين ستلاحقهم الداخلية بعد انتهاء المهلة المحددة لتتم محاكمتهم حسب القانون الفلسطيني بتهمة الخيانة مبينا أن الحكم الذي سيلاقيه العملاء الذين لم يسلموا أنفسهم قد يصل إلى حد الإعدام، بينما من أعلنوا توبتهم لن يعرضوا على المحاكم ولن يحاسبوا.ولدى سؤالنا الغصين عن معنى مصطلح الوعي الأمني أجاب: "نقصد بذلك أن المجتمع كله مستهدف بكل شرائحه، ولمجابهة خطر العملاء، كان من أهداف الحملة توعية المواطن بكل صغيرة وكبيرة، واستخدمنا لذلك طرقا تكنولوجية وإن كانت بدائية". وعن بعض الحالات التي تم إسقاطها في وحل العمالة، قال الغصين: هناك عميل قام بالاتصال بالرقم الإسرائيلي الذي يتصل على بيوت غزة، ويقدم مبلغا من المال مقابل الإدلاء بمعلومات عن مكان الجندي الأسير جلعاد شاليط، وقال لهم هذا الشخص،لهدف التسلية، "أنا أعرف مكان شاليط، لكن أريد مبلغاً من المال قبل أن أتحدث، وبالفعل أرسل إليه المبلغ، بعدها أسقط بسبب إهماله وقلة وعيه.

وأوضح الناطق باسم الداخلية أنه في حالة أخرى تم ابتزاز شخص ومساومته على علاج والدته في مشافي "إسرائيل" بعد أن أنهكها مرض السرطان، وبعد أن باءت محاولات أبنائها لعلاجها بالفشل" مشيرا إلى أن العمليات الاستخبارية ومحاولات إسقاط العملاء زادت بصورة كثيفة بعد أسر الجندي شاليط.

وفي معرض رده على سؤال: هل أساءت حملة مكافحة التخابر مع الاحتلال للشعب الفلسطيني خاصة وأن هذه القضية أخذت حيزا كبيرا في التغطية الإعلامية،  قال الغصين: التركيز تم فقط على وسائل الإعلام المحلية، أما الفضائيات فكانت تحت المراقبة، ولم يتم التطرق للحملة من خلالها حفاظا على قيم أهلنا بغزة ونشر الثقافة الأمنية لديهم بصورة لا تسيء لسمعتهم".

أهداف نفسية

حملة مكافحة التخابر مع الاحتلال لم تحمل دلالات أمنية فقط، بل كان لها أهداف نفسية للتأثير على العميل وإجباره على تسليم نفسه وإعلان التوبة. وفي هذا الإطار تحدثنا إلى الدكتور فضل أبو هين، الأختصاصي النفسي، والذي أخبر "الاستقلال" بالنتائج النفسية للحملة.

 

وقال أبو هين: الهدف من إعطاء العميل مهلة للتوبة ليس الضغط بمعناه، وإنما منحه فرصة نهائية للعودة للمجتمع، لأنه يكون في قمة التوتر النفسي، فهو لا يريد أن يظهر نفسه أنه متخابر وخارج عن الصف، لأن ذلك يمثل إساءة له أمام عائلته ومجتمعه، ويجعله خائفا من انكشاف أمره". وفي إشارة إلى حالة المتخابر من الناحية الاجتماعية أضاف د. أبو هين قائلاً: الأمر ليس سهلا، فكشف العميل يخلق روح الرغبة في الانتقام لدى بعض من تعرض للأذى أو قتل قريب له، فبعد أن ترك جرحا غائرا في المجتمع يتوجب عليه أن يقنع من حوله بعد العفو عنه بأنه تاب توبة نصوحا، ويكون ذلك من خلال محاربته للرذيلة أو مقاومته الاحتلال ليعود إلى صفوف شعبه.

ليس كل عميل يقتل

أما عن رأي الشريعة الإسلامية حول تحديد فترة زمنية لتوبة العميل، التقت الاستقلال بالدكتور عماد حمتو، الذي أكد على ضرورة أن يكون لدى ولي الأمر نوع من الشدة والصرامة، وأن إطالة أمد التوبة هو نوع من المد والجزر يخضع لولي الأمر. ويرى د. حمتو أن ملاحقة العملاء هي معركة وليست ردود أفعال أو تصحيح مسار، وليست قرارا، لأن العمالة موجودة منذ ستين عاماً،ولا يمكن معالجتها خلال60 يوماً! وعن العقاب الذي يتفق والشريعة الإسلامية لردع المتخابر، أردف الداعية حمتو قائلا: ليس كل عميل يقتل" فالفقهاء لهم عقوبة تعزيرية, وتخضع مسألة الحكم للقضاء الذي يعطي الإنسان حق الدفاع عن نفسه، وأهل القضاء المرجعية الأولى للمسألة، ومن يملك الفتوى والمسئولية بين ذوي الاختصاص من العلماء وأولي الأمر والقضاة هم من يبتّوا في هذا الأمر".

 

وفي ختام حديثه، أكد حمتو على ضرورة أن ينضم للحملة وسائل أخرى كالبرامج التعليمية والمنابر الإعلامية.وعن رأي القانون في حملة وزارة الداخلية ضد العملاء، فيقول المحامي سامح النجار، إن نوع العقاب للمتخابر يكون حسب الجرم "فيعفى المرتبطون بالعدو إذا كانت المعلومات التي قدموها بسيطة، أو يتم سجنهم مدة لا تزيد عن 4 سنوات، أما في حال أعطى العميل معلومات أودت بحياة الأبرياء فالعقوبة تكون أشد وهي الإعدام". وزاد بالقول: أما بعد فوات المدة المعلنة للحملة، تشدد الداخلية العقوبة وتكون الملاحقة وحق الاعتقال لهم خيارا في مقدمة الخيارات".

 ......................

 صحيفة الاستقلال