خبر احترمه وشك فيه..يديعوت

الساعة 04:32 م|16 يوليو 2010

بقلم: ناحوم برنياع

أول من أمس، من غد تبرئة عضو الكنيست تساحي هنغبي وتأثيمه بجناية صرف ساعات الظهيرة ليجول في مطعم اعضاء الكنيست. ومثل كل فعل له في السنين الاربع الاخيرة كان هذا الاجراء ايضا محسوبا. اراد هنغبي ان يثبت للصحفيين، ومن طريقهم للقضاة ولاناس النيابة العامة – اولئك الذين سيقررون هل كان في اعماله عار وأولئك الذين سيقررون هل تقدم الدولة استئنافا – ان الجهاز السياسي كله يضمه الى حضنه. أجل لقد زل هنا وهناك لكنه عوقب معاقبة كافية. سنقدر تضحيته ونغفر اثمه. ويستطيع وقد اصبح طاهرا مثل طفل عمره يوم واحد أن يبدأ حياته المهنية من جديد.

        ليس عرضا أن تقدم الى مائدة دان مريدور، يحتضن مقعده بخفة كما يفعل الاصدقاء، ويجذبه اليه بخفة كلها ابتسام بسبب حبهما المشترك لكرة القدم. تحجزه عن مريدور عداوة شديدة مرة بدؤها في فرع حركة "حيروت" في القدس. وليس عرضا أن ابتهج اذ لقي ايهود باراك الذي لقبه ذات مرة في احدى المواجهات الشديدة بينهما "ايهود باراح" (هرب).

        ليست الكنيست منصة للخطب وساحة للصدام الكلامي وموطنا للصفقات السياسية فقط. فهي قبل كل شيء نادي اصدقاء ومكان عمل. عندما يتخلص احد الرفاق من ضيق يسارعون الى تهنئته. لا شيء أكثر من هذا طبيعية. وفي هذا الشأن لا يختلف الساسة كثيرا عن البشر من اوساط الناس. فهم يردون على وجه الشخص المبتهج لا على المواد الصغيرة في فصل القضاء.

        عرفت تساحي هنغبي اول مرة عند النصب في يميت، في الايام التي سبقت اخلاء المدينة في نطاق اتفاق السلام مع مصر وفي المظاهرات العنيفة التي نظمها في الجامعة العبرية إذ كان طالبا.

        في يميت، وعلى رأس جماعة من الشبان الذين اجلوه، سيطر على النصب وهدد بانتحار جمعي اذا اجلي عن هناك. كان زعيم طائفة: قوي الحضور، متطرف الاراء، هادىء الاعصاب على نحو مخيف. اجتذب التهديد الانتباه الاعلامي بضعة ايام. وعندما استنفدت العناوين اجلي من هناك.

        على السنين كتبت فيه كلاما فظيعا. اذا لم اكن مخطئا، كنت الشخص الذي الصق به لاول مرة لقب "البرتقالة الالية" على أثر الفيلم الذي تصعب رؤيته لستانلي كوبريك. فالسياسة الاسرائيلية مشحونة بالانفعالات. فالجدالات في القضايا بين اليهود والعرب، وبين السلام والمناطق، وبين الحريديين والعلمانيين، تستدعي الانفجار. اعتقدت أن هنغبي عنيف جدا، لا يحجزه عما يريده شيء، وان ساخر جدا. وهو شخص خطر خاصة لانه يتمتع بمزايا الزعيم.

        خدمنا في نفس كتيبة الاحتياط. عندما صرفه قائد الكتيبة الى كتيبة اخرى، لان نائب وزير الدفاع مردخاي تسيبوري طلب تسريحه كي يعمل من أجله في الحزب فرحت. وعندما عزل نهائيا، بعد أن اذاع في القاعدة العسكرية في كفار سركين، في يوم التسريح في حرب لبنان الاولى، منشورا يؤيد الحكومة وينقض على معارضيها، اعتقدت ان هذا درس جيد. انه يستحق ذلك ولست ارجع عن هذا.

        لست اعتقد أنه تغير تغيرا جوهريا. فالاراء تتغير لكن الطباع لا تتغير. ان ما يستحق التقدير في هنغبي هو أنه نجح على السنين في تشذيب طباعه وشحذها واستخلاص الافضل منها. كان بارد الاعصاب وقاسيا. وبقي كذلك لكن برد اعصابه جعله انضباطا ذاتيا وقدرة على الثبات، ووجه القسوة الى نفسه. لولا انه مال الى الانزلاق والتورط لكان يمكن أن يكون اليوم وزيرا كبيرا او رئيس حكومة.

        ان ضبط النفس، والطبع القوي والقدرة على الثبات مزايا لا يحل الاقلال من شأنها عندما يكون الحديث عن زعامة وطنية. التحديات ثقيلة. والذعر ينتظرنا وراء الركن. والمسيرة ترجي اناسا جديين باردي الاعصاب.

        ادار هنغبي محاكمته أربع سنين. وقد حصر عنايته في هذه الفترة كلها – وربما قبلها ايضا في قضية واحدة – وهي كيف يقنع القضاة بانه ليس كذاك الذي تظهره لائحة الاتهام وانه قد نشأ هنغبي جديد، يحني هامته وهو متواضع ضابط لنفسه على نحو عجيب، ومعتدل في سلوكه وارائه. جند الجميع للمهمة حتى عضويته في كديما، وكذلك لجنة الخارجية والامن. يسهل على ان ندرك كم كان هذا صعبا، وكم كان الاداء كاملا، عندما نوازن سلوك هنغبي على مدى محاكمته بسلوك حاييم رامون.

        بسبب هذه المزايا، ضمه هارون باراك ودافع عنه. وبسب بهذه المزايا رعاه ارئيل شارون وليسا وحدهما. فمن الحقائق ان هذا الشخص الذي اثم الان بالشهادة الكاذبة، يعد بحق احد اكثر الاشخاص صدقا في الجهاز السياسي، وهو الوحيد ايضا الذي يصدقه نتنياهو ولفني (ولهذا اذا لم يوصم بالعار، فسيستطيع جلب كديما الى الحكومة)، وهو الوحيد ايضا الذي تصدقه لفني وموفاز وهو الشخص الاكثر قبولا في حزبه.

        فحص هنغبي ووجد أن محاكمة ادولف آيخمن دامت وقتا أقل من محاكمته وقال: "بشرط الا تكون العقوبة مشابهة". ان قدرته على السخرية من نفسه تستحق المدح. اذا تخلص هنغبي من مسألة العار وبلغ موقع الزعامة، فيحسن أن يحافظ على هذه الخصلة. فهي تجعله أقل ترويعا.

 

        ستسمعون بعد عنهم

        في ذروة الجلبة على متن سفينة "مرمرة" تلقى رئيس الكنيست، روبي ريفلين، هاتفا من والدي عضو الكنيست حنين الزعبي التي كانت على السفينة. كان الوالدان، كعادة الوالدين قلقين. أيستطيع ريفلين فعل شيء ما من أجل سلامة ابنتهما. على حسب موقع الكنيست الرسمي في الانترنت، الزعبي في الـ 41، وهي سن يتولى فيها الناس امور انفسهم. لكن برغم ذلك كان ما كان.

        الزعبي هي ابنة احدى العائلات الكبرى الغنية في الوسط العربي، وهي عائلة برزت على السنين لتعاونها الخصب مع الدولة. كان شقيق جدها، سيف الدين، عضوا في "الهغناه" وعميل جهاز الاخبار فيها. وكان عضو كنيست عن القوائم العربية في مباي ورئيس بلدية الناصرة في فترة الحكم العسكري وبعده. وكان عمها عبدالعزيز الزعبي، نائب وزير الصحة من قبل مبام. وتولى عم آخر هو عبدالرحمن القضاء في المحكمة العليا.

        لا عجب أنها شديدة التطرف في تصريحاتها عن الدولة. فمثل كثيرين في الجيل الثاني والثالث في الوسط العربي، اختارت هذا الطريق لتزيل عن نفسها وصمة العمالة. وهي تتابع في ذلك عزمي بشارة. فهنالك الوصمة نفسها والعقدة نفسها والغريزة نفسها.

لكن  الشأن ليس شأن الزعبي، بل شأن التصويت الفاضح الذي تم في مساء يوم الثلاثاء في جلسة الكنيست العامة. الفضيحة كلمة شديدة اللطف. نقول اذا شئنا الدقة انها غير مغتفرة. ان الزعبي بركوبها سفينة الدعاية التركية لم تنقض أي قانون. ولا جدل في هذه الحقيقة. صحيح أنها اثارت غضب اكثر الاسرائيليين وغضبي ايضا.  فأعضاء الكنيست يغضبونني كل يوم. وعندما استشيط عليهم حقا اشرب كأس ماء فاسكن.

لكن لا يخطر ببالي ان اقترح ان يسلبوهم حقوقهم القانونية. فاليوم يسلبون حقوق الزعبي. وغدا يسلبون حقوق عضو كنيست يميني لانه ركب سفينة حمقى اخرى. هذا هو بدء النهاية الديمقراطية.

يحسن ان ننظر في قائمة المصوتين. أجهد 16 عضو كنيست فقط أنفسهم في الاتيان للتصويت في معارضة الاقتراح، اكثرهم من اعضاء الاحزاب العربية. والمصوت المعترض الابرز كان نائب رئيس الحكومة، دان مريدور. وقد اصلح بتصويته شيئا ما الانطباع الشديد الذي تركه اعضاء آخرون في كتلته، كتلة الليكود. لو كان مناحيم بيغن حيا اليوم ويتولى عملا في الكنيست، فلا اشك انه كان يصوت كما صوت مريدور. فقد أمن بيغن بالحياة البرلمانية وآمن بالديمقراطية.

كان رأي بيني بيغن وروبي ريفلين مثل رأي مريدور. أجل ريفلين المداولة الى ساعة متأخرة مؤملا ان تقل نسبة العار. وفي النهاية قرر أن يغيب عن التصويت، وانضم بيغن اليه. وكانا يحسنان الصنع لو صوتا معارضين.

مثل العمل اثنان فقط: ايتان كابل وغالب مجادلة. كان يمكن توقع ان ترفع شيلي يحيموفتش صوتها. فهي فارسة اليسار. لكن كما يعلم كل خبير بالجهاز السياسي، يحيموفتش هي يسارية انتقائية، فرجل هنا ورجل هناك، ولا يمكن الاعتماد لا عليها ولا على امثالها في ساعة البلاء.

قال عضو الكنيست اري الداد من اباء هذا الخزي، في خطبته انه لا يريد الحديث عن الزعبي: انه يريد الحديث عن اللورد هاو هاو، البريطاني الذي عمل من اجل النازيين في الحرب العالمية الثانية وحوكم وشنق. وكان وجه الشبه واضحا وهو أنه يجب شنق الزعبي – الى هذه الدرجة ثقل ذنب السيدة.

كانت الزعبي سعيدة. فقد حظيت اخر الامر بالانتباه. جرت وراءها وسائل الاعلام في العالم العربي وفي اسرائيل بجد مؤملة الحصول على مقابلة صحفية، يرغب في ان تكون لها وحدها. وانضم الى خطيئة المس بقواعد اللعبة البرلمانية الاسهام السخي لليمين الاسرائيلي في تعزيز العنصر الاشد تطرقا والاشد معاداة في الوسط العربي في اسرائيل. يسمون هذا حماقة.