خبر تختتم فعالياتها غدا:مخيمات"شهداء أسطول الحرية..متنفس يرسم البسمة على شفاه الأطفال

الساعة 09:08 ص|15 يوليو 2010

تختتم فعالياتها غدا:مخيمات"شهداء أسطول الحرية..متنفس يرسم البسمة على شفاه الأطفال

غزة-فلسطين اليوم-الاستقلال

بينما كان الأطفال يلتفّون حول مائدة كبيرة يمارسون هواياتهم ويعبرون عما يختلج في وجدانهم ويسكن عقولهم من أحلامٍ وتطلعاتٍ وآمالٍ، بدأ الطفل عز الدين السقا "12" عاماً يرسم بيده الصغيرة على ورقة بيضاء "سفينة مرمرة" التركية  وهي تغرق في بحر من الدماء فيما بدت السماء ملبدة بالغيوم السوداء التي تظهر فيها الطائرات الصهيونية وهي تلقي الصواريخ على السفينة، وفي أسفل الورقة رسم طفل فلسطيني  يقف على "عكازين" وهو يبكي. تلك اللوحة الفنية إن صح تسميتها لم تكن معروضة في أحد المتاحف الايطالية، بل كانت واحدة من عشرات الرسومات التي رسمها الأطفال والزهرات في مخيمات "الوفاء لشهداء سفن الحرية" التي تنظمها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين لعام 2010م. فالسقا الذي يسكن  في أكثر المناطق خطورة بسبب وجود الاحتلال الصهيوني على مقربة من منطقته الحدودية، وجد في مخيمات الوفاء أملاً  في التخلص من حالة الخوف والقلق التي تكتنفه وتسيطر على أحلامه وتلاحقها في يقظته..

 

المتنفس الوحيد

فيما أكد الطفل عبادة الفرا (16) عاماً  أن جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الأطفال والشيوخ والنساء والأشجار والمساجد وكل ما هو فلسطيني كافية لكره بني صهيون، نافياً في ذات الوقت الرواية " الإسرائيلية" التي تدعي أن حركة الجهاد الإسلامي تستغل المخيمات الصيفية لتغسل عقول الأطفال الفلسطينيين، والتي تهدف إلى تشويه صورة الحركة  أمام العالم.

ويرى الفرا أن المخيمات الصيفية بالكاد تكون المتنفس الوحيد أمام الأطفال الفلسطينيين في ظل الحصار الخانق الذي يفرضه الاحتلال وأعوانه، ومؤكداً أن المخيمات الصيفية ساهمت بقوة في التخفيف من معاناته وأعطته فرصة لترجمة مهاراته وتطويرها من خلال البرامج المتعددة التي تقدم لهم بشكل يومي، لافتاً إلى أنه من أكثر البرامج التي حازت على إعجابه المسابقات التثقيفية والترفيهية حيث أن إدارة مخيم "شهداء أسطول الحرية" اتبعت أسلوب المكافأة من خلال تقديم جوائز متنوعة للفائزين في المسابقات، بالإضافة إلى النشاطات الأخرى مثل المحاضرات الدينية، التاريخية، والألعاب الرياضية المتنوعة.

 جيل جديد

وبدوره قال منسق مخيم غرب خان يونس، منير البيوك :" إن الهدف الأساسي لمخيمات " الوفاء لشهداء سفن الحرية" رسم البسمة على شفاه الأطفال الفلسطينيين المحرومين والذين يعانون من تبعات الحصار، وعانوا من قبل ويلات العدوان الصهيوني الذي أثّر على نفوسهم، كما تهدف المخيمات إلى الاستفادة من الإجازة الصيفية في برامج هادفة ومفيدة للأطفال في تحصيلهم العلمي المستقبلي، وتعزيز الأخلاق المنغرسة في المجتمع الفلسطيني لإنشاء جيل متسلح بالإيمان والوعي والثورة".

التصدي للاحتلال  

ومن جانبه قال المشرف العام على المخيمات وليد حلس لصحيفة الاستقلال : " إن أطفال  فلسطين أبرياء ومحرومون، وهم يحبون الاستطلاع ، ونشيطون ومفعمون بالأمل .  ويجب أن تكون أوقاتهم مفعمة بالسعادة والسلم واللعب والتعلم والنماء.  ويجب أن يتشكل مستقبلهم في جو من الانسجام والتعاون ، وينبغي أن تنضج حياتهم وهم يوسعون أفاقهم ويكتسبون خبرات جديدة " .

 

وتابع قوله :" نحن في بداية القرن الحادي والعشرين وما زال أطفال فلسطين يعيشون في ظروف صعبة للغاية فمنهم الأيتام ومنهم المعاقون، فهم  يستحقون منّا  العناية والاهتمام والمساعدة لإخراجهم من أجواء الكبت والمساهمة في تطوير مهاراتهم وقدراتهم  العقلية، لكي يكون لدينا جيل فريد من نوعه".

 

وبيّن حلس أن المخيم حمل العديد من الرسائل أولها رسالة حب ووفاء لشهداء الحرية الذين جاءوا ليرفعوا الحصار فيما تصر الأنظمة العربية على الصمت وعدم المبالاة، ثم رسالة تربية، وتثقيف وتوعية، بالإضافة إلى إيصال رسالة للعالم بأننا لا نعلم أبناءنا المحرومين من أدنى متطلبات الحياة الكريمة، التطرف كما يزعمون ولا نفعل معهم ما يسمى بغسيل الدماغ وإرسالهم للحروب".

 

وأعرب  المشرف العام على مخيمات شهداء أسطول الحرية عن إعجابه الكبير بالروح المعنوية الفولاذية التي أبداها أطفال المخيم رغم إجراءات الاحتلال القمعية المتواصلة لتحطيم هذا الجيل، ومؤكداً أن العدو الصهيوني سيقف عما قريب عاجزاً عن مواجهة هذا الجيل الذي رأى بعينه الطائرات وهي تقتل أسرته وتدمر بيته وتقتل أصدقائه وتحرمه من اللعب واللهو وتلاحقه في أحلامه"، مبيناً أن التركيز في اختيار المشاركين بالمخيمات كان على أبناء الشهداء والجرحى والأسرى.

حمل الأمانة

وعن أهداف  المخيمات التي تنتهي يوم غد الجمعة، تحدث حلس قائلاً : "نهدف من خلال تلك المخيمات إلى دمج أشبالنا وزهراتنا في المجتمع والارتقاء بفهمهم للواقع المحيط بهم، من أجل إعداد جيل قادر على حمل الأمانة والرسالة، ورسم البسمة على شفاه أطفالنا المحرومين"، لافتاً إلى أن الحصار لا يزال يمثل العائق الأكبر أمام جميع مناحي الحياة بما فيها المخيمات الصيفية، حيث يحرم القائمون عليها من استخدام بعض الأدوات والأنشطة اللازمة.

وحول برامج مخيم الوفاء أضاف حلس "هناك برامج دينية وترفيهية وتربوية ورياضية وثقافية، ومسرح هادف ورحلات بحرية، ودورات في فن الكتابة والخط والرسم والتمثيل والإنشاد، وفي نهاية كل يوم تم تنظيم زيارات لأسر الشهداء والجرحى والأسرى، وشارك الأطفال في أعمال تطوعية تنمي مهاراتهم وتعزز أخلاقهم مثل زراعة الأشجار وتنظيف الشوارع والمقابر..".

الجهود المبذولة

وكان وفد من قيادات حركة الجهاد الإسلامي قد قام بجولة تفقدية لمخيمات "الوفاء لدماء شهداء الحرية"، وعبَّروا عن سعادتهم الغامرة للبرامج المقدمة للأشبال والزهرات، والتي بدا واضحاً أنها تهدف للارتقاء بثقافتهم ووعيهم.   

وأشاد الوفد الزائر بجهود اللجنة المركزية القائمة على المخيمات الصيفية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، ودور مشرفي ومنشطي هذه المخيمات في تنشئة فتية الشعب الفلسطيني وفتياته، وإعدادهم بصورة مثلى تصنع منهم أجيالاً طلائعية قادرة على المواجهة ومؤهلة للارتقاء بالمجتمع الفلسطيني. وبدوره حثَّ الشيخ خضر حبيب، عضو قيادة الساحة بحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، الأشبال والزهرات خلال الجولة، على التمسك بكتاب الله والمضي على درب المقاومة، كي نحرر الوطن والمقدسات من رجس الصهاينة.

ودعا حبيب المشاركين في مخيمات الجهاد الإسلامي الصيفية، لأن يكونوا نموذجاً فريداً يحتذى به في الأخلاق والمثل العليا داخل المجتمع الفلسطيني، ليصبحوا محل ثقة وتقدير كافة شرائح شعبنا وأطيافه.

من جانبه، تحدَّث الشيخ خالد البطش، عضو قيادة الساحة بحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، باستفاضة عن أهمية المخيمات الصيفية في إنشاء جيل ملتزم وواعٍ ومثقف - قدر الإمكان- بقضايا دينه ووطنه، مردداً أن هدفهم السامي من وراء ذلك هو تنفيذ وصية الشهيد القائد فتحي الشقاقي:" المثقف أول من يقاوم وآخر من ينكسر". 

ولفت البطش إلى أن المخيمات الصيفية التي تنظمها حركته، تُسهم في تعزيز ثقافة المقاومة والجهاد داخل المجتمع الفلسطيني في مواجهة الغزو الفكري الذي يحاول أعداء الأمة جاهدين إرساءه بين ظهرانينا، كي يسهل عليهم تمرير مخططاتهم الخبيثة بحق أرضنا ومقدساتنا. 

 

من ناحيته، قال الدكتور طاهر لولو، القيادي في الجهاد الإسلامي،:"إن مخيمات الحركة هذا العام مميزةٌ في برامجها وفي آلية عملها"، موضحاً أنه لمس ذلك من خلال الأداء اللافت للأشبال والزهرات خلال جولته التفقدية مع قيادات حركة الجهاد الإسلامي لعدد من المخيمات في مدينة غزة.

ويذكر أن مخيمات الوفاء لشهداء سفن الحرية شارك فيها زهاء عشرة آلاف شبل وزهرة تتراوح أعمارهم بين 11-16 عاما، يشرف عليهم 500 منشط، ولجنة مركزية مكونة من ثلاثة متخصصين، ولجنة تحضيرية مكونة من مسئول الإقليم ومعاون إداري وآخر تنفيذي". وبلغ عدد المخيمات في مختلف محافظات قطاع غزة 51 مخيما موزعين على الأقاليم بحسب حاجة كل واحد منها، وكل مخيم استوعب من 150-200 فرد بينهم منشطون ولجان ببرامج تم اختيارها بدقة لتناسب الزهرات والأشبال.

مخيمات القرآن (3)

وفيما يتعلق بمخيمات "القدس 3" لتحفيظ القرآن الكريم، اعتبر الشيخ عبد الفتاح حجاج، مدير جمعية اقرأ الخيرية  أن هذا المخيم هو جزء من مخيمات الحركة السنوية وأنه انطلق منذ بداية العطلة الصيفية بمشاركة أكثر من 1500 طالب وطالبة في كافة محافظات قطاع غزة.

 

وأوضح حجاج أن مخيمات التحفيظ تعقد للسنة الثالثة على التوالي حيث تم تخريج 401 حافظ وحافظة للعام 2008 أما في العام 2009 فقد تم تخريج 298 حافظ وحافظة في حين بلغ العدد لهذا العام 1500 طالب وطالبة.  وحول الفئات المستهدفة، بيّن حجاج أن أعمار الطلاب متوسطة ما بين 12 و16 عاماً، وأنهم قادرون على استيعاب القدر المطلوب منهم يوميا، وهو تسميع عشر صفحات من القرآن بالإضافة إلى حفظ عشرة أخرى في المنزل لتسميعها في اليوم التالي.

ولم يغفل الشيخ أهمية تثبيت وتمكين القرآن الكريم والتي بناءً عليها أسست "مراكز تمكين حفظ القرآن الكريم" لهذا العام وذلك لاستيعاب الطلاب الذين أتموا الحفظ في السنوات السابقة.

وأوضح حجاج أن هناك بعض المعوقات التي تواجه المخيمات الصيفية لحفظ القرآن الكريم منها قلة الإمكانات المادية في ظل الحصار، وعدم وجود أماكن واسعة تتسع للأعداد الكبيرة من الطلبة المشاركين لاسيما بعد الدمار الهائل الذي طال دور العبادة في الحرب الصهيونية الأخيرة.

وبيّن حجاج أن الهدف من المخيمات الصيفية يكمن في تنمية قدرات العناصر الشابة بكل فئاتها العمرية من أجل مواجهة المراحل الصعبة التي يعيشونها،  وفي سياق خلق جيل قرآني قادر على حمل فكرة الإسلام والجهاد.

-----

غزة –تقرير لصحيفة الاستقلال