خبر الاسرائيلي الجميل -هآرتس

الساعة 09:54 ص|14 يوليو 2010

 

الاسرائيلي الجميل -هآرتس

بقلم: يوئيل ماركوس

(المضمون: أظهرت مسيرة جلعاد شليت الوجه الحسن للاسرائيليين السائرين في المسيرة ممن عطفوا على ألم عائلة شليت - المصدر).

ينتج عن كل اخفاق قضية جلعاد شليت وعجزنا عن اطلاقه شيء مشجع أيضا. فقد أصبح نظرنا في المرآة أسهل. فلم يعد عندنا انشغال في ميران والمرشد الديني، ولا تحقيق الشرطة مع أناس الحياة العامة، ولا فؤاد الذي يشك براك في السفود ويلقبه كاذبا، ولا حوادث طرق فتاكة ومظاهرات عنيفة للحريديين فقط ولا مظاهرات سياسية فقط في ميدان رابين – بل رد خارج من القلب.

        في سني أسر جلعاد شليت الاربع كتبت الشيء ونقيضه. فقد قلت مرة: "نعم لاطلاقه بكل ثمن" وبعد مضي وقت كتبت النقيض: "لا لاطلاقه بكل ثمن". وكنت على حق في المرتين. زعمت وسائل الاعلام اكثر من مرة في الماضي أنه يوجد عدم توازن في تبادل الاسرى وطلبت أن يكون واحد مقابل واحد من الان فصاعدا. اذن كتبوا. بقي عدم التوازن على حاله في امتحان النتيجة فقد دفعنا دائما الكثير.

        القرار في هذا الشأن في أيدي رؤساء الحكومة ولم يثبتوا حتى الان لضغط العائلات. أجيزت صفقة جبريل على يد اسحاق رابين بحجة أنه لم يكن قادرا على الثبات لنظرة مريام كروف. في بلد ثكل غير قليل من أبنائه، كانت مظاهرتان عفويتان فقط أسقطتا رئيسي حكومة. حركات احتجاج مسرحي الجيش الاسرائيلي على أثر اخفاق حرب يوم الغفران سببت استقالة غولدا مئير، بعد زمن قصير من انتخابها من جديد برغم آلاف القتلى في الحرب ومعها موشيه ديان. وهما الشخصان اللذان لم تمسهما لجنة اغرينات.

        وتمت المظاهرة السياسية الثانية في اثناء حرب لبنان، التي طالت بلا حاجة وجذبت خريجي المعاهد مباشرة الى ميدان القتال في الحرب التي لم يكن هدفها واضحا. أصبح الجمهور العريض يرى الفائدة في سفك الدماء الذي لا ينقطع في الحرب اقل فأقل، وهي التي كانت انشودتها الهازلة بين السطور الاربعة "انزلي الينا ايتها الطائرة الورقية، خذينا الى لبنان، نحارب من أجل شارون ونعود في تابوت". أفضى الاحتجاج العفوي الى انهيار مناحيم بيغن النفسي. وقد اعترف في أيام حكمه الاخيرة بأنه لم يكن قادرا على مواجهة منظر المتظاهرين قبالة بيته، الذين حملوا في أيديهم كل صباح لافتات مع عدد القتلى.

        في حين نبعت هاتان المظاهرتان الكبيرتان من تقديرات سياسية وانتهتا الى عزل رئيسي حكومة، أصبح اختطاف شليت بفضل والديه دراما انسانية أقامت معضلة صعبة. لم تهدأ افيفا ونوعام شليت يوما واحدا بغير رفع الصوت. وهما يعلمان أن من يقرر في هذه الحالة هو رئيس الحكومة وحده. لكن اولمرت رفض دفع الثمن وما يزال بيبي لا يتنازل. عندما احتاج الزوجان شليت في مرحلة ما الى خفض النغمة كي لا يمسا بالتفاوض المتقدم مع حماس أطاعا ذلك لكن المأساة الشخصية منقوشة في وجهيهما. وصوتهما الهادىء والمنضبط يصرخ الى السماء.

        لست أعلم كم من الاشخاص شاركوا في المسيرة على الاقدام التي نظمتها عائلة شليت من الشمال الى ديوان رئيس الحكومة. حتى لو يكونوا 200 ألف شخص، فقد كانت المظاهرة الهادئة الأشد صراخا التي تمت ذات مرة في البلاد. على نحو يشبه فورست جامب، الذي بدأ بعد موته أمه في مسيرة، وانضم اليه رويدا رويدا آلاف وعشرات الالاف، وكل واحد وباعثه الخاص، انضم آلاف وعشرات الآلاف الى عائلة شليت، لألمها ونضالها عن حياة ابنها.

        ليس كل من سار في مسيرة التظاهر المدهشة اعتقد أن من الصحيح اطلاق جلعاد بكل ثمن، لكنه عطف على ألم الوالدين. عندما وقفت المسيرة قبالة بيت ايهود باراك نزلت زوجته نيلي فريال وانضمت الى هذا المقطع من المسيرة. لم تتظاهر على زوجها بل عطفت على ألم العائلة. ولم يرد جميع المشاهير والنجوم ايضا التأثير كما أرادوا ان يظهروا في التلفاز أنهم هناك.

        كانت هذه مظاهرة من أجل الوالدين لا ضد الحكومة. لا شك في أنه قد كان بين السائرين في المسيرة من تحدثوا في الغرف المغلقة على نحو  مختلف ايضا وان الدولة لا تستطيع ان تكون أسيرة مصير جندي واحد. فاليوم سيحررون ألف قاتل، وغدا سيطلبون التخلي عن القدس عوض  مختطف آخر.

        لم تكن مسيرة شليت سياسية بل أتت من القلب. كانت هذه هي المظاهرة العفوية الانسانية الأشد تأثيرا التي جرت عندنا ذات مرة. حتى لو كان الأمر لا يعدو شيئا تافها فانه يحسن ان نرى وجه الاسرائيلي الجميل.