خبر يغرقون في التحقيقات..يديعوت

الساعة 03:10 م|13 يوليو 2010

بقلم: ناحوم برنياع

على طاولة رئيس الاركان موضوعة اليوم مشكلتان مزعجتان، الاولى هي التحقيقات في قضية السفينة التركية؛ والاخرى هي السفينة الليبية. بين السفينة التي كانت والسفينة التي قد تكون نشأت متاهة آخذة في التعقد وتضم في داخلها وزير الدفاع، رئيس الاركان، قيادة الجيش الاسرائيلي وتصل حتى المقاتلين.

الليبيون يفترض أن يصلوا الى محاذاة شواطىء اسرائيل غدا. مع حظ نتنياهو من شأن مقاتلي الوحدة البحرية ان يسيطروا بالقوة على السفينة بالضبط عندما يبدأ لقاءه هو مع الرئيس مبارك في القاهرة.

في هذه الاثناء تبذل جهود كبرى لاقناع سيف الاسلام القذافي، ابن حاكم ليبيا، بان يأمر سفينته بانزال شحنتها في العريش او في اسدود او العودة الى الديار. وكان هذا هو الدرس الفوري الذي استخلص من الورطة على "مرمرة": يجب تفعيل كل الروافع الدبلوماسية لمنع المواجهة في البحر. وطلبت اسرائيل في عدة قنوات، سياسية وعسكرية، من سلطات ايطاليا لممارسة نفوذها على الاب والابن القذافي. طلب مماثل نقل الى الحكومة المصرية ولاقت اذنا صاغية. حاولوا الوصول الى القذافي الابن مباشرة وكذا عبر النائب احمد الطيبي. قبل بضعة اسابيع طلبوا رفع لائحة اتهام ضد الطيبي بسبب زيارته الى ليبيا – والان يسعون الى استغلال العلاقات التي اقامها هناك.

الجيش الاسرائيلي اقترح الزام اليونانيين بفحص السفينة عند رسوها في بيراوس. واستجاب اليونانيون وفقا للقواعد الدولية. وفي فحصهم لم يعثر على اسلحة، بل على مجرد مؤن انسانية.

ورغم ذلك، اذا حاولت السفينة الابحار الى غزة، فان تعليمات القيادة السياسية هي وقفها بالقوة. سلاح البحرية يمكنه أن يحاول ردع طاقم السفينة من خلال استعراض القوة. في الماضي كان هذا يكفي. ويمكنه أن يعرض على السفينة انزال شحنتها في اسدود. واذا لم يجدِ هذا ايضا فان التعليمات في هذه اللحظة هي الصعود بالقوة العسكرية الى السفينة، شيئا من قبيل "مرمرة 2".

هل هذه هي الخطوة الصحيحة؟ أفلا يحتمل ان تنهي اسرائيل هذه القصة مثلما في النكتة القديمة عن الشرطيين البولنديين، الذين قتل اربعة منهم، اثنان في حادث طرق واثنان في اعادة تمثيل الحادث.

في الجيش الاسرائيلي مقتنعون بانهم اذا تركوا السفينة تمر، فلن يتمكنوا من وقف أي سفينة في المستقبل. لا يوجد اغلاق انتقائي: الحصار سينكسر نهائيا. حماس ستربح. اسرائيل ستتضرر. ومثلها ابو مازن.

في جبهة التحقيقات وقع أمس تطوران يقلقا باراك واشكنازي. فقد اعرب الرجلان عن معارضة قاطعة لتحقيق قضائي في قضية الاسطول التركي ولا سيما التحقيق مع  لابسي البزات. وفي محاولة لارضائهما، وفي نفس الوقت اجراء استيضاح يهدىء الضغط الدولي، عين نتنياهو لجنة تيركل.

وعندها ابتدأ الانجراف. وزير العدل نئمان قاد العملية. اراد منذ البداية لجنة تحقيق رسمية متدحرجة، وهذا ما حصل عليه، مع بعض المساعدة من تيركل ومن محكمة العدل العليا، الذي استخدم كرافعة التماس "كتلة السلام". قرار محكمة العدل العليا نشر أمس. عمليا، يسمح القرار للجنة باستدعاء أي رجل عسكري ترغب في سماعه، خلافا للفيتو الذي فرضه باراك واشكنازي على قرار الحكومة الاصلي.

القرار اعطى صداه في اروقة هيئة الاركان. وهم مقتنعون هناك بان تيركل مل قراءة ما يرد في الصحف بانه كلب مدلل. وهو يريد أن يكون أسدا. بهذه الروح سيواصل ادارة تحقيقه.

وهكذا نكون قد أكلنا السمك النتن، وضربنا، وطردنا من المدينة ايضا: ستكون هناك لجنة تحقيق كثيرة الشهود في اسرائيل، مع محامين وتحذيرات واستماعات – وكذا تحقيق مراقب الدولة وايضا على ما يبدو لجنة تحقيق دولية.

الى هذه الجلبة اندفع امس تقرير اللواء احتياط غيورا ايلند. عندما عين اشكنازي ايلند للتحقيق في الجوانب العسكرية لقضية الاسطول كان ينبغي له أن يعرف بان ايلند لن يكتفي بتقرير صغير. الامور التي نشرها أمس من التقرير تدل على أن تحقيقه كان جذريا، موضوعيا وكثير الدروس.

لقد وجد ايلند من الصواب ان ينشر ايضا حقيقة وجود رسالة بعث بها رئيس الاركان الى رئيس الوزراء ووزير الدفاع قبل اسبوعين من وصول السفينة التركية. واقترح في الرسالة اتخاذ كل السبل لمنع مواجهة عسكرية. رئيس الاركان لم يلوح بالرسالة. من ناحيته النشر كان خللا: فهو يعرف انه فتح صندوق المفاسد.

وبالفعل، فانه فتحه. امس نشر في القناة 2 نبأ عن لقاء دعا اليه وزير الدفاع قبل اسابيع من الاسطول، اعرب فيه عن قلقه وأمر بجمع المزيد من المعلومات الاستخبارية. ظاهرا يرمي النشر الى اخراج باراك نقيا والقاء التبعة في كل ما حصل على الجيش الاسرائيلي. وربما العكس. فهو يرمي الى احداث الشقاق بين باراك ورئيس الاركان. قريبا سيظهر، بالاحرى، المزيد من الرسائل، المزيد من المحاضر، احد لن يخرج نقيا.

الفارق بين تحقيق قضية الاسطول والتحقيقات الاخرى هو أنه في هذه الحالة لا يوجد أي ضغط جماهيري للتحقيق، ولا جوع جماهيري للعقاب. ما كان في البداية مشكلة اعلام اسرائيلي في العالم اجتذب الى الداخل، الى الجهاز العسكري، تطور وبدأ الان يرفس ويهز الجميع.

وهكذا ترتبط السفينة التي كانت بالسفينة التي على الطريق. سحابة التحقيقات ترافق مقاتلي سلاح البحرية في طريقهم الى مهماتهم وتنتظرهم لدى عودتهم الى ميناء الوطن. هذا الضرر ينضم الى اضرار اخرى. في قضية الاسطول يوجد شيء واحد واضح: في السيطرة عليه أحدثت السفينة التركية ضررا أكبر مما لو كانت أبحرت بهدوء الى غزة.