خبر ثالوث مخيف يستهدف الفلسطينيين... د . محمد صالح المسفر

الساعة 06:07 ص|13 يوليو 2010

ثالوث مخيف يستهدف الفلسطينيين

د . محمد صالح المسفر

 

وسط الحديث عن المحادثات المباشرة أو غير المباشرة بين الإسرائيليين وسلطة محمود عباس، وسط الحديث عن المصالحة بين حزب التيئيس فتح وحزب المقاومة حماس، وسط هذا كله يتعرض العقل العربي لطوفان من المعلومات المتناقضة والتي تقود الإنسان العربي نحو الشك في كل ما يسمع والريبة في المستقبل الفلسطيني، كل ذلك يدفعنا للبحث ومعرفة ماذا جرى للمتصدرين للعمل الفلسطيني، كانوا آباء في منتصف الستينات (أبو الهول، أبو الفرح، أبو الغضب، ...) من اجل التحرير. كانوا حقا مناضلين في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، كانوا ينادون بالتحرير من النهر إلى البحر فصدقنا واندفعنا للتأييد والمؤازرة، في التسعينات تغيرت علينا الصورة، طالبونا في تغيير ما آمنا به وصدقناه واعددنا أنفسنا له ... التحرير.

في التسعينات سلطوا علينا سيلا من مثقفي التيئيس وطالبونا باعتناق مذهب 'الواقعية' والواقعية عندهم تعني أن إسرائيل أمر واقع لا يمكن تغييره، وأدخلونا في دوامة 'اوسلو'، التي مابرحت سياطها تلهب ظهورنا وتشوش قناعتنا، منها على سبيل المثال، مصطلحات جديدة لم نسمع بها من قبل، خارطة الطريق، الاعتراف المتبادل ،المفاوضات المباشرة، المفاوضات غير المباشرة، وقف الاستيطان، عدم توسيع المستوطنات أفقيا.

في التسعينات فرضوا علينا القبول بما امنوا به وهو 'الحق التاريخي لليهود في فلسطين'، وهذا أمر لم يحلم به أي سياسي يهودي صهيوني منذ التفكير في بناء دولة إسرائيل، وخرج فريق آخر ينادي بإسقاط البندقية وسحق الحجر ليكون ترابا يتعذر استخراجه في مقاومة المحتل وعرفنا مصطلح 'السلام بهدف قيام الدولة' والسلاميون تمددوا من كوبنهاغن إلى شرم الشيخ إلى وادي عربة إلى وأي ريفر إلى أنابوليس باختصار تمددوا إلى كل مكان.

في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين استوت عملية التدويخ الإسرائيلي للجانب العربي التي قام بها شمعون بيريز للرئيس الفرنسي الأسبق ميتران والتي قال فيها بيريز: 'إننا شعرنا أن الفلسطينيين يتحتم عليهم تخفيض سقف توقعاتهم، وان أي وفد مفاوض يحمل تعليمات من القيادة الفلسطينية لن يستطيع القيام بهذه المهمة، وعلى فرض أن وفدا فلسطينيا فهم هذه الضرورة وتصرف بتجاوز تعليماته فأسهل الحلول تغييره بوفد آخر، أما إذا كانت القيادة نفسها هي المفاوض فمعنى ذلك أن الجالس أمامنا هو الذي يملك القرار، وحينئذ يكون الباقي علينا'. يقول بيريز: 'إن الإسرائيليين يحتاجون وقتا طويلا كي يأخذوا فيه الفلسطينيين إلى مائدة المفاوضات ثم يقودوهم إلى قرب المائدة، ويطرحوا عليهم صيغا واسعة مفتوحة لكل الاجتهادات، ثم يأخذوهم معهم إلى تمارين في الصياغة قد تكون مفيدة في تعليمهم دون أن تكون بالضرورة مؤدية إلى اتفاق معهم ثم أنهم سوف يعرضون عليهم ليذهبوا إلى واشنطن ونيويورك ويعودوا من واشنطن ونيويورك، ثم يكون هذا الجهد كله لكي يؤقلم الطرف الفلسطيني نفسه تدريجيا مع كيفية تخفيض سقف توقعاته أننا نجري عملية تدويخ قبل الدخول في الكلام الجد'.

اليوم جاء كلام الجد وتمت عملية التدويخ من رام الله إلى شرم الشيخ إلى واشنطن، باراك اوباما جاء إلى الشرق فخاطب العالم من اسطنبول، وأكد حديثه في جامعة القاهرة وصفق دعاة الاستسلام لكل ما قاله اوباما في القاهرة، وذهب إلى الرياض ليأخذ بركة النظام السياسي لمخططه الذي لا يختلف عن المخططات الإسرائيلية. يؤكد الرئيس الأمريكي باراك اوباما على التلفزيون الإسرائيلي 'أن رئيس طاقم مكتبه هو رام عمونئيل يهودي ولد في "إسرائيل"، وكبير المستشارين السياسيين عنده ابن لمواطن يهودي . وأكد اوباما انه يتعاطف مع آلام اليهود، واعترف انه خلال فترة رئاسته رغم قصرها الزمني (18 شهرا) قدمت أمريكا لإسرائيل اكبر دعم امني في أي عهد رئاسي سابق، والتعاون الأمني بين أمريكا وإسرائيل زاد عن أي فترة سابقة في التاريخ.

لقد فرض اوباما على العرب المعتدلين القبول ومساندة محمود عباس لإكمال مشواره في إتمام المحادثات المباشرة (إكمالا لعملية التدويخ)، وعاد نتنياهو من واشنطن بعد أن اخذ الوعد الأمريكي لرفع يده عن أمر الشرق الأوسط وجعله في يد الإسرائيليين، وستجتمع اللجنة العربية المعنية في أواخر الشهر الحالي لإقرار المفاوضات المباشرة مع "إسرائيل"، واليوم سيذهب نتنياهو إلى شرم الشيخ لتأكيد مشروعه، وبعدها يلتقي عباس لحبك عملية الاستسلام.