خبر المفاوضات مع حماس -هآرتس

الساعة 09:40 ص|12 يوليو 2010

 

المفاوضات مع حماس -هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: المفاوضات مع حماس يجب ان يديرها محمود عباس وليس بنيامين نتنياهو. أما اسرائيل فينبغي أن تشجع المصالحة الفلسطينية الداخلية، وان تدفع نحو اقامة حكومة فلسطينية تمثيلية وتعترف  بها فتصلح الخطأ الذي ارتكبته في 2006 - المصدر).

"لعل من الافضل ان تتوجه اسرائيل الان الى حماس باقتراح أوسع وأكثر جرأة؟ اقتراح للموافقة على تفاهمات تتضمن وقف نار مطلق، وقف كل اعمال الارهاب من غزة ورفع الحصار عنها؟". هذا الاقتراح طرحه الاسبوع الماضي الكاتب دافيد غروسمان كان التقرير الرئيس في "هآرتس". اقتراح يسروي مجنون؟ في مقابلة مع "ذي ماركر" يسأل البروفيسور اسرائيل اومان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد والرجل اليميني الذي لا يتردد في استخدام القوة كي "يحترمونا" – "لماذا نجري محادثات مع من ليس لديه قوة؟... انا لست مع محادثات تقارب على الاطلاق، ولكن اذا حصلت هذه، فعندها فمع من لديه ما يقوله". اومان هو الاخر يريد محادثات مع حماس.

يبدو أن سحر حماس يتجاوز الخطوط الايديولوجية. الفكرة التي تقول ان الدولة التي لا تفهم سوى

القوة يجب أن تتحدث فقط مع من لديه قوة تنطوي على اغراء هائل. ولكن يدور الحديث عن منطق مشوه، ولد من احساس حقيقي بانعدام الجدوى من ناحية غروسمان، ومن مفهوم ان "حلف الزعران" هو القناة المناسبة الوحيدة من جانب اومان. غير أنه عندما يقف اليمين واليسار عند باب المنظمة، ولا يهم كيف يصفون هذه المنظمة – فان هذا مؤشر واضح على جنون المنظومات.

        حسب منطق "حلف الزعران" على اسرائيل أن تكف عن التطلع للسلام مع سوريا وان تكتفي بمفاوضات مع حزب الله. وهي لا تحتاج الى سلام مع مصر بل فقط لهدوء من جانب الاخوان المسلمين. وفي واقع الامر، لماذا لا تدير اسرائيل مفاوضات منفصلة ليس فقط مع حماس بل وايضا مع الجبهة الشعبية، الجهاد الاسلامي او اللجان الشعبية؟ فهؤلاء ايضا لديهم قدرة على العمل ضدها.

        المفاوضات مع حماس – حتى وان كانت حماس مستعدة لها، وهي ليست كذلك، بالضبط مثلما هي اسرائيل هي مستعدة لها – لا تشبه على الاطلاق المفاوضات التي جرت مع م.ت.ف قبل اتفاق اوسلو. فقد جرى في حينه الحديث عن اعتراف اسرائيلي بتمثيل فلسطيني يعترف به كل العام العربي ومعظم الفلسطينيين، عن قيادة فلسطينية اقترحت ليس فقط اتفاق شامل، بل وايضا وعدت باخضاع كل عناصرها ومواطنيها الى ذاك الاتفاق وبالاساس – عن استعداد اسرائيلي للسماح بقيام دولة فلسطينية، حتى وان كانت فيها اجزاء غير راضية، الا انها ستسيطر في كل اراضيها وتضمن تنفيذ الاتفاق. هذا الاتفاق انهار، ولكن ليس الاعتراف المتبادل بالضرورة الكامنة في ان الحكومتين الفلسطينية والاسرائيلية، وليس المنظمات، ستديران المفاوضات على تعديل الاتفاق.

        غير أن اسرائيل ارادت احتكارا على اختيار الشريك. فقد رفضت الاعتراف بحكومة حماس التي تشكلت في 2006 وبعدها بحكومة الوحدة الفلسطينية لفتح وحماس، مع أنها كانت حكومة تمثيلية منتخبة – حكومة فلسطينية وحيدة كان يمكنها أن تدير مفاوضات ملزمة مع اسرائيل باسم كل الفصائل الفلسطينية. المقاطعة الاسرائيلية – الامريكية لتلك الحكومة كانت العامل المركزي، وان لم يكن الوحيد، في ان القيادة الفلسطينية انقسم الى سلطتين، سلطة حماس في غزة وسلطة فتح في الضفة. لاسرائيل اليمينية كان هذا حلا مريحا. مع حماس تدار حرب ومع السلطة الفلسطينية يجرى "احتلال متنور". ولا تدار مع أي منهما مفاوضات حقيقية للسلام. مع حماس لا يمكن ومع السلطة لا حاجة، وذلك لنها الطرف الضعيف في المعادلة.

        المفاوضات مع حماس ستعزز فقط قوة الخدعة. اذا ما جرت، فهي ستكون في اقصى الاحوال مفاوضات لتهدئة الخوف، لوقف النار، ولكن هذه ليس فقط لا تنطوي على جدوى سياسية، بل ستحطم هذه الجدوى الى الاف الشظايا. إذ أنه عندما تعطل الدولة التي لا تفهم سوى لغة القوة التهديد عليها باتفاق جانبي، فما الذي سيحفزها على أن تدير مفاوضات تستوجب انسحابا من المناطق؟

        المفاوضات مع حماس يجب ان يديرها محمود عباس وليس بنيامين نتنياهو. أما اسرائيل من جهتها، فينبغي أن تشجع المصالحة الفلسطينية الداخلية، وان تدفع نحو اقامة حكومة فلسطينية تمثيلية، وان تعلن بانها ستعترف بكل حكومة تنتخب بشكل ديمقراطي وتصلح الخطأ الذي ارتكبته في 2006. هذا هو السبيل الصحيح. هكذا بالضبط تفعل الولايات المتحدة، التي تعترف بحكومة لبنانية تضم في عضويتها وزراء من حزب الله، او بحكومة افغانية تضم تجار مخدرات. مع حماس كمنظمة يمكن ويجب ادارة مفاوضان فقط على ما يمكن للمنظمة أن تقترحه: تحرير جلعاد شليت ووقف نار القسام.