خبر شرخ في القطاع- هآرتس

الساعة 10:00 ص|11 يوليو 2010

شرخ في القطاع- هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: حماس تحقق النجاحات حيال اسرائيل وفي الرأي العام العالمي، ولكن علاقاتها مع مصر وصلت الى درك أسفل غير مسبوق. وللمفارقة فان الجار العربي الاكبر والاكثر تأثيرا هو بالذات الكفيل بعرقلة الازالة التامة للاغلاق - المصدر).

وزير الخارجية المصري، احمد ابو الغيط بشر هذا الشهر بانه أنهى كتابة سيرته الذاتية الدبلوماسية. ثلاثة مجلدات سميكة، تستند الى ذكريات الوزير ابن الـ 68، ستصدر قريبا ويبدو أنها ستتضمن عدة مفاجآت لاسرائيل. في مصر كان هذا الاسبوع من ألمح بان ابو الغيط يوشك على انهاء مهام منصبه، وذلك لان كتابة السيرة الذاتية تأتي بشكل عام بعد الاعتزال. ولكن من الافضل الا نحبس انفاسنا: فابو الغيط سيواجه عدة مغامرات قبل أن يغادر منصبه والمركزية بينها ترتبط بشبكة العلاقات بين مصر وحماس.

        "شبكة العلاقات" هو تعبير مضلل في هذا السياق. ما يحصل بين حماس ومصر من الادق وصفه بانه المقت والاشتباه المتبادلين. الخلاف الاخير في المسلسل وقع في الاسبوعين الاخيرين، كصدام جبهوي بين ابو الغيط ومحمود الزهار، الذي يعتبر بشكل عام احد الزعماء البرغماتيين لحماس في قطاع غزة. في مقابلة مع الصحيفة المصرية "المصري اليوم" اعرب الزهار عن استخفافه بالوزير واقتبس كمن يقول بان معالجة الموضوع الفلسطيني في مصر "ليست في ايدي وزارة الخارجية بل في أيدي المخابرات. واذا كان الحكم المصري يريد ان نجلس مع وزارة الخارجية فليأتِ ليبلغنا بذلك".

        هذا التصريح جر رد فعل حاد من الناطق بلسان الخارجية المصرية في القاهرة. "الزهار على الاطلاق ليس زعيما في القطاع... وذلك لان القرارات تتخذها قيادة حماس في الخارج (في دمشق)" قال الناطق، حسام زكي، واضاف لذعة: "الزهار يعتقد بان مصر تدير شؤونها كمنظمة وليس كدولة". كما أنه اتهم حماس بانها تحاول القاء المسؤولية عن تأخير عملية المصالحة الفلسطينية الداخلية على مصر، رغم ان المنظمة الاسلامية هي المذنبة في ذلك.

        كانت هذه هي المرة الاولى التي يتحدث فيها موظف مصري كبير علنا ضد حماس، وذلك لانه حتى الان نشر الحكم المصري اراءه عن المنظمة من خلال المحللين في وسائل الاعلام. ومع ان الزهار سارع الى الادعاء بتزييف اقواله، الا ان الصحيفة المصرية نشرت على موقع الانترنت الخاص بها تسجيلا للمقابلة كي يتمكن الجمهور من أن يحكم بنفسه.

        بعد عدة أيام من ذلك حرصت "محافل" في حماس على التسريب لوسائل الاعلام المصرية بان المنظمة تفكر بان تسحب من القاهرة الوساطة في المصالحة الفلسطينية وفي المفاوضات على تبادل الاسرى مع اسرائيل، ونقلها الى فرنسا، تركيا او كلتيهما. مصر لم تفزع. في زيارته هذا الاسبوع الى باريس، اوضح الرئيس المصري حسني مبارك لنظيره الفرنسي، نيكولا ساركوزي مواقف حكومته في الخلاف مع حماس. وفي هذه الاثناء يبدو أن فرنسا، رغم تطلعها الى تعميق دورها في المنطقة، فانها لا تعتزم ادخال رأسها في سرير المرض لحماس ومصر.

        وفي ساحات اخرى تتناكف مصر مع حماس. في مقابلة نشرت في نهاية الاسبوع في صحيفة "الشرق الاوسط"، قال ابو الغيط انه اذا لم يطرأ حتى ايلول تقدم في المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية، ستطلب الجامعة العربية من مجلس الامن في الامم المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وشرح بان الدولة ستقام حسب مبادىء المبادرة العربية من العام 2002 وعلى أسس السلام مع اسرائيل، نشر قوة دولية في اراضيها وحل عادل لمشكلة اللاجئين. الاعتراف بدولة فلسطينية هو آخر ما تريده حماس الان، ولا سيما لان الاستناد الى المبادرة العربية سيتضمن اعترافا باسرائيل وضمانات عربية لامنها. وهذه ستنزع منها الرافعة التي بواسطتها تحاول المنظمة فرض مواقفها على السلطة الفلسطينية.

        لقد ملت مصر من المطاردة وراء جر أرجل حكومة اسرائيل، ووراء ملاحظات حماس، التي تعرقل منذ أكثر من نصف سنة توقيعها على وثيقة المصالحة مع فتح، التي صاغتها القاهرة. وهكذا تعرقل المنظمة "تحرر" مصر من عبء غزة.

        كما أبلغت مصر حماس بانها ستفتح معبر رفح – الامر الذي سيرفع نهائيا الحصار عن القطاع – "فقط عندما ينتهي الاحتلال" وعندما يستقر في الطرف الفلسطيني شرطة السلطة، بموجب اتفاق المعابر من العام 2005. حماس تعارض هذا الاتفاق، لانها ترى فيه جزءا من منظومة النفوذ الاسرائيلية. منذ السيطرة الفتاكة للجيش الاسرائيلي على الاسطول الى غزة، فتحت مصر جزئيا معبر الحدود لخروج الفلسطينيين من القطاع، ونحو 10 الاف منهم استغلوا ذلك حتى الان. ولكن مصر لا تسمح بعبور حر للبضائع عبره. معبر رفح "لم يأتِ أبدا كي يكون معبر بضائع"، علل ابو الغيط، ويبدو أنه لا يرمي الى عدم نقل البضائع فقط. فمصر لا تسمح ايضا بعبور من يعتبر مقربا من حماس، والوفود التي تسعى الى زيارة قيادة المنظمة.

        شرط مصر لفتح جارف للمعبر هو توقيع حماس على وثيقة المصالحة. رئيس السلطة وزعيم فتح محمود عباس (ابو مازن) وقع على وثيقة منذ تشرين الاول 2009. ولكن حماس تؤخر توقيعها الى أن تلبى مطالبها بتعديل البنود المتعلقة بادراج المنظمة في م.ت.ف وتغيير طريقة الانتخابات في السلطة. مصر تصر على موقفها، ترفض قبول أي تغيير وتلقي المسؤولية عن تأخير المصالحة على حماس.

        هكذا يجري الحوار بين مصر وحماس منذ أشهر. والى هذا المعمعان تنضم ايضا مسألة تحرير جلعاد شليت. بين الحين والاخر تطلب حماس ان تتضمن صفقة تبادل الاسرى مع اسرائيل فتح المعابر الى القطاع، بما في ذلك معبر رفح، وازالة الاغلاق تماما. ومع ذلك، يبدو أن هذا المطلب يستهدف اساسا التأثير على مصر لتغيير وثيقة المصالحة بين يكون لحماس فرصة افضل للسيطرة على م.ت.ف والتحكم بنتائج الانتخابات في السلطة.

        واضح لحماس، مثلما هو واضح لفتح، بانه لن يكون مفر من المصالحة مع فتح، لانه بدونها لن يتمكن حكام القطاع من ترجمة نجاحاتهم الاخيرة بالنسبة لاسرائيل الى انجازات سياسية. اضافة الى ذلك، فان التسهيلات الكبيرة في الاغلاق تقلص فرص المزيد من أساطيل التظاهر، التي ستمنح حماس علاقات عامة في الرأي العام العالمي. صفقة تبادل الاسرى مع اسرائيل كفيلة بان تمنح المنظمة الانجاز الاكبر الاضافي الذي تتطلع اليه. ولكن في هذه الاثناء، فان شبكة العلاقات المهزوزة مع مصر تملي وتيرتها الخاصة.