خبر إنهم يبيعوننا بضاعة إسرائيلية.. عريب الرنتاوي

الساعة 07:26 ص|11 يوليو 2010

إنهم يبيعوننا بضاعة إسرائيلية.. عريب الرنتاوي

 

منذ أصبح قيام الدولة الفلسطينية "مصلحة إسرائيلية عليا" لمواجهة زحف الديموغرافية الفلسطينية، أصبح "إنهاء احتلال حزيران 1967 وليس تأييد قيام الدولة" هو المعيار للحكم على موقف هذه الدولة أو تلك الجهة من القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي.

 

باستثناء طيف "أقلوي" سياسي وحزبي إسرائيلي، فإن ثمة ما يشبه الإجماع الإسرائيلي على قبول قيام دولة فلسطينية، منزوعة الدسم والسيادة والسلاح، متصلة جغرافيا عبر شبكة من الأنفاق والجسور التي تربط "كانتوناتها" الثلاث أو الأربع، وحين يقول هذا المسؤول الدولي أو ذاك، أنه يؤيد قيام دولة فلسطينية، فإنه يعبر عن الانسجام مع موقف الغالبية العظمى من الإسرائيليين.

 

أمس الأول، اتصل الرئيس باراك أوباما بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وأبلغ إليه التزام واشنطن بدعم قيام دولة فلسطينية، بعد ساعات قلائل من اللقاء / نقطة التحوّل الذي أجراه مع بينيامين نتنياهو، وقدّم فيه لضيفه الإسرائيلي ما لم يحلم به الأخير من تقدمات وانحيازات عمياء ومجانية.

 

ليس في الخبر جديداً يذكر، وليس فيه ما يثير مشاعر القلق والتحسب لدى الإسرائيليين، هم أنفسهم يريدون الانفصال عن الفلسطينيين في دولة أو كيان، تحفظ "يهودية دولتهم وديمقراطيتها"، والأرجح أنهم سيكونون ممنونين لـ"العم أوباما" إن هو خلّصهم من ثلاثة ملايين ونصف المليون فلسطيني، إن انضافوا إلى مليون ونصف المليون من "عرب 48" بدا التوازن الديموغرافي على أرض فلسطين التاريخية، هشاً وضعيفاً للغاية.

 

لو أن أوباما أبلغ إلى عباس تأييده انسحاباً إسرائيلياً حتى خطوط الرابع من حزيران،  ومن القدس الشرقية عاصمة الدولة التي التزم بقيامها، لو أنه أبدى التزاماً وإن لفظياً بالبحث عن حل عادل لمشكلة خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، لكانت إسرائيل قد انتصبت على ساق واحدة ولما هدأ غبارها حتى الآن.

 

ذات مؤتمر دولي في اسطنبول، اقترحت على لجنة صياغة البيان الختامي اعتماد النص الوراد في "خريطة الطريق" وليس في "ميثاق حركة حماس" والمطالبة بإنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967، وإتباع هذه العبارة بالعبارة التي تشدد على الحاجة لقيام دولة فلسطينية. يومها وتحت ضغط الجماعات المؤيدة لإسرائيل، سقط اقتراحي ولم ير النور، والمؤسف أن عددا من الزملاء الفلسطينيين من "بيزنيس المجتمع المدني" لزم صمت القبور لتفادي إغضاب الدول والمنظمات المانحة ؟!.

 

لا يبيعنا أحد بعد اليوم، بضاعة إسرائيلية عنوانها "دولة ملتبسة الحدود والسيادة والولاية والجغرافيا والديمغرافيا"، ولا يعزفنّ أحد بعد اليوم على "وترنا الحساس" و"حاجتنا الوجودية" لدولة فلسطينية، فهذا أمر إن لم يقترن بالانسحاب والعاصمة والسيادة واللاجئين، سننظر إليه على أنه تسويق لهواجس إسرائيل الديموغرافية وتسويغ لمعالجاتها العنصرية التي تقوم على معادلة "الانفكاك عن أكبر عدد من الفلسطينيين والاستيلاء على أوسع مساحة من أرضهم"

 

ولا ينبغي أن نطرب بعد اليوم لاتصالات هاتفية من النوع الذي قرأنا عنه بالأمس، خصوصا بعد أن يكون صاحبها قد استكمل استدارته الكاملة، وفي معظم الملفات تقريبا: (1) فبعد أن كان وقف الاستيطان شرط استئناف المفاوضات، أصبح إجراءً لا يجوز التذرع به التعطيل المفاوضات أو الانسحاب منها...(2) وبعد أن كان حل القضية الفلسطينية شرط مسبق لاحتواء إيران ومواجهة برنامجها النووي، أصبح التصعيد ضد إيران وفرض الحصار عليها، مدخلا لاسترضاء حكومة اليمين ووسيلة لاستدراج "خطوات بناء ثقة" من جانبها...(3) وبعد أن كان التقدم في الموضوعات الجوهرية (قضايا اللباب) شرط الانتقال من محادثات التقريب غير المباشر إلى المفاوضات المباشرة، أصبحت إجراءات التخفيف والتسهيل والمساعدة هي مبتدأ "الجملة الأوبامية" وخبرها.

 

أنهم يعرضون علينا حبات قليلة من الحمص في كل مرة يقدمون فيها على مقارفة فعلة "الانحياز الأعمى" النكراء، ولأننا جرّدنا أنفسنا بأنفسنا من الخيارات والبدائل وأوراق القوى، ولم يعد لنا ملجأ من واشنطن إلا إليها، فلم يعد لدينا سوى الاكتفاء بهذه الحبات، وتصوير الواحدة منها قبة كما يقول مثلنا الشائع.