خبر مرايا ..عبد الله الشاعر : تخريفة المصالحة!!

الساعة 04:43 م|08 يوليو 2010

 

مرايا ..عبد الله الشاعر : تخريفة المصالحة!!

- الاستقلال

هل التسمية وحدها كافية أم أنها دون الكارثة؟! فما يكلا يمضي شهر أو أكثر إلا وتطل علينا المصالحة برأسها أو تفوح رائحتها عبر الإعلام ثم سرعان ما يتلاشى بريقها... تبدأ بضرورة الاتفاق ووجوبه وتنتهي بتبادل التهم والتنابز بالمخازي... فهل يحق لنا أن نستعين بالمسميات الشهيرة لنطلق على ما يجري "تغريبة" فتح وحماس أو "تخريبة" فتح وحماس؟

 

حين يتأقلم المرء مع الحقائق فإنه سرعان ما يلجا إلى أطيب المعاني...  سرعان ما يحاول إفراغها من دلالاتها المتوحشة لتكون أكثر قبولاً وأكثر أُلفة ... إنه التزوير والخداع، ولذلك لن أخدع أحد وأقول له إنني مع المصالحة، وبالتأكيد لست مع الاحتلال وما دام كلا المتخاصمين يريا نفسيهما يحملان مشاريع متضادة فمن العبث التلاعب بمشاعر الناس والتحدث عن فرصة لاتفاقهما، أما إذا كانا متفقين على أنهما يحملان مشروعاً واحداً، أو مشروعين متقاربين، فمن الجريمة أن لا تشهر الاتهام في وجهيهما، ولا يحق لأحد أن تشكل الأنا أفقه الأخلاقي، أو تشكل تعاليم الحزب فضاءه المعرفي.

 

إن نظرية البقاء للأوحش، والسيادة للأقوى والأفظع، قد تمرر وتسوق بفعل السياط على الأجساد دون العقول الواعية، والتي ما زال  البعض مصراً على تعطيلها.

 

قد يرتكب البعض فظائع كثيرة تحت شعارات متعددة أحياناً ودون شعارات أحياناً أخرى، ولكن الحق يظل أبلج وعصيّاً على التزوير مهما حاولنا دفعه إلى ساحة الجريمة.

 

هل يعقل أخي القارئ أن نُشبع أحد الفصائل ضرباً ثم نترك فكرة السياسي ونزعاته الاستئصالية تدخل تفاصيل حياتنا، وبدهيات تفكيرنا، ونظرياتنا السياسية؟

 

هل تصبح بعض الأفكار السياسية إسلامية لمجرد ارتدائها جبة وعمامة، وقد كانت من قبل زندقة ونهجا للظالمين؟... يا سيدي إن الخمرة تظل خمرة وإن أعلنت إسلامها على يد تاجر، أو راهب، أو شيخ مخمور، أو حاخام!!

 

لم يبق في كوب الأسى شيئ، فيا حسرة ما أكاد أحلمها... آخرها مزعج وأولها، لذا لا يستغربن أحد منا أننا لن نقف إجلالاً لعلم المصالحة المطرز بالتناقضات، أو لذلك الحوار الذي تحول إلى سيمفونية ممجوجة تتلاعب بمشاعر الناس وبدمائهم...هذا يحرص على حذف جملة ملغومة، وذلك يتحفز لإضافة عبارة أو تعديل نص مفخخ، لكن كلاهما يريد في الحقيقة إثراء نص يشكل ضمانة لاستمرار وجوده وهيمنته...

 

إن فلسطين جغرافيا وتاريخ وهوية... وإن آخر ما يفكرون وإن بدا للمتوهم أن ذلك في مقدمة الأولويات، فثمة أشياء تظل معها العين إن لم يكن لها القلب والضمير بالمرصاد.

 

إن تخريفة بني الفصائل يتجاوز فيها الحوار كل حزب بما لديهم فرحون ... يتجاوز حدود افتتان كل حزب بذاته ليصبح نوعا من الهوس المرضي... نوعا من عبادة الأنا... ويصير الحزب صنما يتوسل به إليه... يعبده هذا الفريق ليقربه إلى الآخر، ويعبده ذاك ليقربه إلى ذاته زلفى...

 

بعد كل هذا الاستخفاف بنا كشعب وأمة، فعلى الفصائل الفلسطينية أن تدرك أنه ليس من حق أحد أن يرى نفسه مركز الكون، أو الكعبة الحق التي علينا الطواف حولها، والتبرك بشعاراتها البيضاء والتي تحولت بفعل الخطايا إلى سوداء..

 

على الفصائل الإسلامية أن تدرك أنها ليست إلا بوتقة ينصهر بها المسلم على أمل أن تقربه من وجه ربه... وإذا لم تكن كذلك فحتما ستمضي إلى أسفل سافلين... أما العلمانية وغيرها فآن لها أن تدرك أن قامة الوطن أكبر من مشاريعها، وأنها في كثير من الأحيان تصيح في واد والأمة وقضاياها في واد آخر!.