خبر الأسير غنيم .. إصرار فلسطيني على إدراجه بصفقة التبادل رغم رفض الاحتلال

الساعة 04:01 م|06 يوليو 2010

الأسير غنيم .. إصرار فلسطيني على إدراجه بصفقة التبادل رغم رفض الاحتلال

فلسطين اليوم: القدس المحتلة

نشرت صحيفة يديعوت العبرية يوم الاثنين الموافق 28 حزيران الماضي ، أسماء وصور لأربعين أسيرا فلسطينيا طالبت بهم الفصائل الآسرة لـ " شاليط " ضمن صفقة التبادل مع جلعاد شاليط، فيما لا تزال الحكومة الإسرائيلية ورئيس وزرائها " بينيامين نتنياهو " ترفض إدراجهم ضمن الصفقة وتصر على بقائهم في الأسر ، وهذا أحد الأسباب التي تعيق التوصل لاتفاق نهائي حول الصفقة.

ولقد تضمنت القائمة أسماء لأسرى فلسطينيين يعتبرون من رموز المقاومة والانتفاضة ، فبدأت بالأسير عبد الله البرغوثي ، وانتهت بالأسير عبد الهادي غنيم ، وما بين هذا وذاك أسماء يفخر بها الشعب الفلسطيني ويصر على ادراجها ضمن الصفقة.

وحكاية " غنيم " هي واحدة من حكايات الأسرى التي تستحق أن تؤرخ وتنشر وتوزع، كي يعرف العالم كم نحن على حق حينما نطالب بحرية هؤلاء ، وأن ( لا ) عودة لـ " شاليط " دون عودة غنيم وأمثاله من القدامى ورموز المقاومة إلى عائلاتهم وأحبتهم.

و يقضي حكماً بالسجن لمدة (2064 ) سنة، وتنتهي وفقاً لأجندة الاحتلال عام ( 4053 ) فيما تصر الفصائل الفلسطينية على انتهائها مع اتمام الصفقة.

" عبد الهادي سلمان رافع غنيم " أسير فلسطيني يبلغ من العمر ( 45 عاماً ) متزوج وله ولد واحد أسماه " ثائر " ، وهو من سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ، وكان قد اعتقل في السادس من يوليو / تموز عام 1989 ، وصدر بحقه حكماً بالسجن المؤبد ( 16 ) مرة ، بالإضافة إلى ( 480 ) عاماً ، وبمجموعها فانه يقضي حكماً بالسجن لمدة (2064 ) سنة، بدأت عام 1989، وتنتهي رسمياً حسب سجلات المحاكم الإسرائيلية ووفقاً لأجندة الاحتلال عام ( 4053 ).

و كان الأسير قد نفذ عملية الحافلة ( 405 ) في السادس من تموز عام 1989، أي قبل واحد وعشرين عاماً.

21 عاماً في سجون الاحتلال ..

21 عاماً مضت على اعتقاله ، قضاها في غرف معتمة وزنازين مظلمة ، وتلقى خلالها معاملة قاسية ، وعانى الحرمان وسوء التغذية والعلاج ، متنقلاً بين سجون هي الأسوأ والأقسى في العالم.

" عبد الهادي غنيم " أسير فتحاوي إلتحق قسراً  قبل عام بقافلة "عمداء الأسرى " وهذا مصطلح يطلق على من مضى على اعتقالهم عشرين عاماً وما يزيد ، وربما يلتحق قسراً أيضاً بقائمة " جنرالات الصبر " وهو مصطلح يُطلق على من مضى على اعتقالهم ربع قرن وما يزيد.

ولكن الأهم أنه وخلال واحد وعشرين عاماً مضت لم يستسلم للواقع المرير، ولم تهتز معنوياته أو تضعف إرادته .. بل شمخ وتعملق وكان نداً قوياً للسجان ، وكما صنع من اسمه علامة بارزة في الثورة والمقاومة، فانه صنع منه نموذجاً يُحتذى بين إخوانه في الحركة الوطنية الأسيرة، وغدى قائداً من قيادات حركة " فتح " والحركة الأسيرة في سجون الإحتلال ، ولم يعد أحدٌ يسمع عن  الحركة الأسيرة، إلا ويبرز ويتردد لمسامعه اسم " عبد الهادي غنيم " بصموده وشموخه وتعملقه.

والأهم أيضاً أن ( لا ) صفقة دون " غنيم " وأن الفصائل الآسرة لـ " شاليط " أكدت مراراً رفضها للاءات الإسرائيلية واصرارها على إدراج كافة الأسرى القدامى ضمن صفقة التبادل ، و" غنيم " هو واحد من هؤلاء القدامى ، بل واحد من عمداء الأسرى .

في صبيحة يوم السادس من يوليو/ تموز عام 1989 ، وبعد أقل من عام على اندلاع الانتفاضة الأولى ، قرر الثائر " أبو ثائر " تنفيذ عملية استشهادية انتقاماً لدماء الشهداء والجرحى ولمعاناة الأسرى ، فتوجه إلى محطة الحافلات المركزية في " تل أبيب " وبعد متابعة دقيقة لحركتها وعدد ونوعية الركاب الصاعدين إليها ، قرر الصعود إلى الحافلة رقم " 405 " المتجهة إلى مدينة القدس المحتلة  ، وجلس في المقاعد الأمامية .

وحينما اقتربت الحافلة من منطقة أبو غوش وبالتحديد فوق منطقة واد سحيق ، صرخ مكبراً " الله أكبر " ، وانقض بقوة نحو السائق ومسك بمقود الحافلة بقوة لم يعتد عليها من قبل ، ولم يستطع السائق ومن حوله منعه من تنفيذ ما أراد تنفيذه ، فانتصر بقوة الانتقام والثأر وحرف مسار الحافلة لتسقط هاوية بمن فيها من ركاب عشرات الأمتار ، وتستقر في أسفل قاع الواد  ، متحطمة ، متفحمة ، متناثرة إرباً إرباً ، وجثث وأشلاء عشرات الإسرائيليين والجنود هي الأخرى متناثرة ، والحصيلة النهائية مقتل ستة عشر إسرائيلياً ، وإصابة 24 شخصاً آخرين جروحهم مختلفة ، وبعضهم فقدوا أطرافاً  من أجسادهم .

أما الثائر " أبو الثائر" لم ينل الشهادة كما كان يتمنى ، وقُدِّر له أن يبقى على قيد الحياة ، رغم إصابته في الرأس والساق والحوض ، ليتعرض لصنوف مختلفة من التعذيب رغم جروحه وإصابته ودمه النازف ، وحاولوا إذلاله والانتقام منه ، فكان أقوى منهم وتفولذ في أقبية التحقيق ، وتعملق على جلاديه ، وانتصر على سجانيه ، فبقىّ شامخاً فخوراً بما قام به .

وبعد شهور من التعذيب المميت صدر بحقه حكماً جائراً بالسجن الفعلي المؤبد ستة عشر مرة ، وأربعمائة وثمانين عاماً، ليبدأ مع إخوانه الأسرى مرحلة جديدة من الحياة والنضال والمعاناة خلف القضبان ، ليُجبر في بدءها بالمكوث في غرف العزل الانفرادية الرهيبة في سجن الرملة ليمضي فيها أكثر من ثلاث سنوات ، ومن ثم يتنقل قسراً كغيره من الأسرى من هذا السجن إلى ذاك ، ومن هذه الزنزانة الانفرادية إلى تلك ، ليمضي ما مجموعه عشرة سنوات من فترة اعتقاله في أقسام وزنازين العزل الانفرادية مختلفة الأسماء والأمكنة ، في عزل الرملة أو عزل عسقلان أو عزل ايشل في بئر السبع أو غيرها ، فالأسماء مختلفة والزنازين والأهداف واحدة .

لم يرَ طفله

وخلال مسيرة حياته واعتقاله الطويلة تعرض لكثير من المواقف المؤلمة والمحزنة ، المؤثرة والمعبِّرة، فوالده توفى حينما كان " عبد الهادي " في عمر الورود ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره.

وأمه توفيت قبل عامين تقريباً دون أن يتمكن من رؤيتها أو تقبيلها قبلة الوداع الأخير أو المشاركة في تشييع جثمانها إلى مثواها الأخير ، وهذا الحدث أثر فيه كثيراً، وزوجته لم تزره منذ سنوات طوال ولم يرَ إخوانه وأحبته أو أصدقائه وجيرانه منذ اعتقاله .

و كانت زوجته أنجبت له طفله الوحيد " ثائر " يوم واحد من تنفيذ عمليته وذلك بتاريخ 5-7-1989 ، ولم يرغب في رؤيته خشية في أن يتأثر برؤيته وان يتغير قراره في تنفيذ العملية، فاختار الإصرار على تنفيذ العملية انتقاماً لدماء الشهداء واللحاق بكوكبة الشهداء.