خبر تخاف الفلسطينيين -هآرتس

الساعة 09:09 ص|06 يوليو 2010

تخاف الفلسطينيين -هآرتس

بقلم: موشيه أرنس

(المضمون: الاردن ومصر تخافان الفلسطينيين ولهذا ترفض مصر فتح الحدود مع غزة وترفض الاردن ضم الضفة اليها - المصدر).

        في الجلبة التي نشأت في أعقاب عملية اسرائيل في مواجهة "قافلة الحرية"، التي كانت ترمي الى خرق الحصار على قطاع غزة، تنبه قليلون فقط للكلام الذي قاله في الاسبوع الماضي رئيس مصر حسني مبارك لاعضاء مجلس الشعب المصري.

        في محاولة لفصل دولته عن مشكلة نقل المدد الى قطاع غزة (برغم أن لكليهما حدودا مشتركة، وان مصر تستطيع أن تزود السكان هناك بجميع احتياجاتهم – قال مبارك إن "اسرائيل تحاول التهرب من مسؤوليتها على غزة وان تلقيها على مصر". تجاهل مبارك على عمد حقيقة انه لو كانت مصر مكنت من نقل المدد الى غزة من طريق رفح، لما وجد أي سبب لمحاولة نقل المدد من طريق  البحر.

        مصر تخاف الفلسطينيين. فهي لا تمكن اللاجئين الفلسطينيين من دخولها ولا تريد ان تساعد أناس حماس الذين يسيطرون على القطاع بأي طريقة. تحدث قادة مصر دائما عن معاناة الفلسطينيين، لكنهم فعلوا القليل فقط على السنين لمساعدة الفلسطينيين في غزة – خوف تقوية حماس التي هي حليف "الاخوان المسلمين" في مصر.

        إن طرح المسؤولية على اسرائيل جزء من السياسة المصرية. لا تختلف نظرة مصر للفلسطينيين اليوم عن نظرة الملك فاروق اليهم قبل 62 سنة حينما أرسل جيشه، وسلاح بحريته وسلاح الجو، ليهزم دولة اسرائيل التي كانت قد ولدت حديثا. إن محاولته الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة مما أخلى البريطانيون مع خروجهم من أرض اسرائيل لم تكن ترمي الى انشاء دولة فلسطينية. بعد أن هزم فاروق هزيمة شديدة في محاربة قوات الجيش الاسرائيلي، نجا جيشه من فناء تام بفضل الضغط الذي استعملته الولايات المتحدة وبريطانيا على حكومة دافيد بن غوريون. بقي فاروق مع موطىء قدم في قطاع غزة. وبقيت المنطقة تحت سيطرة جيش مصر مدة 19 سنة حتى حرب الايام الستة. لم تكن فكرة اقامة دولة فلسطينية في رأس ترتيب اوليات حكومات مصر.

        قامت سياسة حكومة الاردن ايضا كما يبدو على مبدأ انه ينبغي الفصل مع الفلسطينيين. فالاردن، التي اكثر سكانها من الفلسطينيين، غير معنية بفلسطينيين اخرين. تصدر عن الملك عبدالله من آن لآخر أصوات تحذير تثير الشفقة، وفحواها ان الحرب في المنطقة حتمية ما لم تنشأ دولة فلسطينية، لكنه لا يخطر بباله أن تضم مناطق يهودا والسامرة الى الاردن في نطاق تسوية يحددها التفاوض مع اسرائيل.

        في الخامس عشر من ايار 1948، ارسل جده الاكبر الملك عبدالله، قوات الفيلق العربية – "البريطانية"، من جهة القيادة والمعدات – كي يحتل لمملكته مناطق واسعة قدر المستطاع من غربي الاردن. بعد معارك استمرت شهورا وعندما كان جيشه قد اشرف على الهزيمة في مواجهة قوات الجيش الاسرائيلي، حصلت الاردن، في نطاق اتفاق وقف اطلاق النار في 1949، على السيطرة على يهودا والسامرة وشرقي القدس وفي ضمن ذلك البلدة القديمة. لم يكن عبدالله ينوي البتة انشاء دولة فلسطينية في المنطقة التي حصل عليها. وبدل ذلك ضمها الى الاردن ومنح الفلسطينيين الذين سكنوها جنسية اردنية.

        كان هذا هو الوضع حتى حرب الايام الستة. بعد سبع سنين منها، في 1974، تخلى الملك حسين من مطلبه المتعلق بيهودا والسامرة، عندما اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات انها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. في ذلك الوقت تذكر حسين بوضوح أحداث أيلول الاسود في 1970 حينما حاولت منظمة التحرير الفلسطينية الاستيلاء على الاردن. قرر حسين أنه يكفيه الفلسطينيون في دولته، وأنه يفضل ان يصبحوا مشكلة اسرائيل.

        لمصر والاردن اسباب كثيرة تدعو الى الخوف من الفلسطينيين. يقع جزء من المسؤولية عن ذلك على القيادة الفلسطينية التي اختارت في اكثر الحالات طرائق عنيفة. في البدء كان مفتي القدس، الحاج أمين الحسيني، في فترة الحرب العالمية الثانية صديقا لهتلر، وبعد ذلك عرفات الذي قاد حملة دولية من الارهاب والعمليات الانتحارية في اسرائيل؛ وقيادة حماس في غزة التي جعلت اطلاق صواريخ القسام من غزة على مواطني اسرائيل عادة.

        بقي ان نرى فقط أيستطيع محمود عباس الذي يمكث في رام الله ويقسم أن يتخلى من كل عنف، أن يستعمل سلطته على الفلسطينيين على نحو يسكن مخاوف مصر والاردن.