خبر بازار تركي .. معاريف

الساعة 08:48 ص|05 يوليو 2010

بقلم: بن كاسبيت

الحقيقة أنه لا داعي إلى أن نعود لكتابة ما كتب ها هنا ما لا يحصى من المرار عن طريق سلوك وزير الدفاع ايهود باراك. ومن جهة ثانية، فان السلوك الحاكم العام، الذي يرسل في إطاره رئيس الحكومة وزير الصناعة والتجارة والبنى التحتية للقاء وزير الخارجية التركي بغير إبلاغ وزير الخارجية (لكن مع إبلاغ وزير الدفاع) قد حظي بما لا يحصى من الأوصاف التجميلية الملونة. من تلك الرحلة الى روسيا مرورا بتلك  القافلة البحرية الى غزة، نجح كل ما يبحر أو يطير أو يسافر أو يتحرك في الفراغ في الغرق بفضل عبقرية رئيس الحكومة ورجاله.

إذا عزلنا للحظة اختلافات الرأي بين ايهود باراك وفؤاد بين اليعيزر، فقط نخلص الى استنتاج أنهما على حق. اتصل باراك ليهنىء بن اليعيزر بالنجاح قبل أن يقلع للقاء التركي. ومن جهة ثانية تحفظ باراك في الحقيقة من هذا السفر عندما حدثه نتنياهو فيه لأول مرة. وهذا يعني أن باراك فرق بين التحفظ (الصحيح بالمناسبة) من سفر فؤاد، وبين دعوة الطريق التي بذلها لفؤاد قبل السفر. أهم في بلبال؟ ونحن أيضا.أيمكن أن نفهم من كل هذا أن باراك يخاف من فؤاد أكثر مما يتحفظ من سفر فؤاد؟ ليس هذا محققا.

لكن اليكم مثلا آخر عن الإخفاق الإداري والأدائي لقمة الحكم في اسرائيل: قبل وقت غير بعيد من اللقاء بين فؤاد والوزير التركي جلس فريق مختص خاص من وزارة الخارجية وبحث طرائق السلوك المطلوبة من اسرائيل في مواجهة الأزمة مع تركيا. كان في الفريق أناس مختصون ذوو تجربة، بعضهم من الدبلوماسيين الذين خدموا في  تركيا أو خبراء بالشأن التركي.

اليكم عددا من توصيات الفريق التي صيغت بأسلوب "إفعل" و "لا تفعل"، حصلت على موافقة أرفع مستوى في الوزارة: جاء في التوصيات: "يفضل حتى إشعار جديد عدم إرسال رسائل او مبعوثين الى تركيا، ولا سيما على خلفية السياسة التركية والجهد السياسي التركي المتطرف، واللاذع للمس بمكانة اسرائيل وصورتها في العالم وتسويد وجهها".كذلك جاء في الوثيقة أن "المطالب الكثيرة التي توجهها تركيا الى إسرائيل هي  تسلق شجرة عالية. والتوصية هي عدم استجابة مطلب الاعتذار أو مطلب دفع تعويضات. في الوضع الحالي، تتوقع تركيا أن تقترح عليها إسرائيل سلالم تساعدها على النزول عن الشجرة ولا ينبغي الوقوع في هذا الشرك. السلوك الاسرائيلي والرد على مطالب تركيا سيؤثر تأثيرا حاسما في صياغة ديناميكية العلاقات بين الدولتين في المستقبل. إن توجها اسرائيليا دفاعيا معتذرا سيضمن استمرار توجه تركي مشاجر".

تم الضرر

هذه أسس التوصيات على التقريب. هذه الوثيقة التي صنفت على أنها سرية، نقلت الى مقر الاركان قبل وقت قصير من إرسال فؤاد للقاء التركي. ومنذ ذلك الحين إصفرت أوراق هذه الوثيقة في مكاتب المقر. وهذا بالضبط ما ينقصها الآن، أن يرسل عوزي أراد أيضا الى هذه القِدر الغالية. وهو ما كان يمكن ان يكون مضحكا جدا لولا أن تبين ان الحديث هنا عن أعظم المصالح حيوية لدولتنا. لأنه لو تم تباحث تلخيصي في  مجلس الأمن القومي على أثر وثيقة وزارة الخارجية، ولو أتى أفضل الخبراء من جميع الأذرع الأمنية (كما كان يجب أن يحدث بحسب حرفية النص)، لصيغت توصية جهاز منظمة يجري عليها موافقة مدرجة تبلغ حتى رئيس الحكومة، وامتنعنا من المبادرات المحلية لأمثال فؤاد على اختلافهم، ومن الشجارات التي تأتي على أثرها بين جميع أشباه باراك.

متأخرين، ومما نسمع في الأساس من أنقرة بعقب لقاء فؤاد، يتبين أن التوصيات في هذه الوثيقة كانت دقيقة. فالاتراك متحمسون إلى درجة أن رئيس الحكومة نتنياهو اضطر الى تسلق شجرته الخاصة وأن يعلن إعلانا لا لبس فيه بأن اسرائيل لن تعتبر ولن تدفع تعويضات. وقع الضرر الذي حذروا منه في وزارة الخارجية حرفيا. بحيث تبين أن باراك كان على حق لأنه تحفظ من السفر، لكنه أخطأ عندما سرب ذلك. ولهذا كان فؤاد على حق لأنه غضب لكنه أخطأ لانه سافر. وحصلنا آخر الأمر من هذه الجلبة كلها على وزير البنى التحتية أمس بكامل وزنه، يثور بالمستشار الاعلامي لوزير الدفاع ويوجه اليه تهديدا أصليا على نحو خاص: "أنا عراقي، سأشكك في سفود". ولغير الاقتباس، قال فؤاد أمس لمقربيه إن هذه أشد السكاكين صدأ مما غرس في ظهره ذات مرة، وأنه سافر للقاء من أجل إصلاح اخفاق شخصي لباراك، الذي شوش على القافلة البحرية التركية. وما حصلنا عليه آخر الأمر هو بازار تركي.

هذه هي القيادة الاسرائيلية في منتصف سنة 2010، عشية تحقق التهديد الايراني بكامل قوته. من أجل تحسين المزاج العام، اليكم تبادل الاقوال أمس، في أثناء الشجار في موضوع الحد الأدنى للأجور في الحكومة. الخلفية: يحاول نتنياهو وشتاينتس بما أوتيا من قوة، أن يعوقا زيادة الحد الأدنى للأجور كما يطلب عمير بيرتس. وشاس ايلي يشاي تؤيد ذلك بكامل قوتها. فمن أجل ذلك أرسلوهم الى هناك. ووسائل نتنياهو وشتاينتس لوقف هذا: كل شيء. أحد المعاندين البارزين، الذي أعلم بأنه حلقة ضعيفة، كان رئيس البيت اليهودي الوزير دانيال هيرشكوفيتس. في البدء حاول نتنياهو نفسه، الذي مضى مع هيرشكوفيتس لحديث شخصي، أن يحثه ولم ينجح. آنئذ أتى مديره العام إيال غباي. واليكم ما سمع هناك: غباي: "انس مخصصات الصهيونية المتدينة التي هي عزيزة جدا على قلبي". ويتابع هيرشكوفيتس العناد. غباي: "إنس مجلس البحث والتطوير، فسيبقى عندنا، وبنات الخدمة الوطنية أيضا". ويتابع هيرشكوفيتس العناد. "يجب عليكم ان تفهموني فعندي زفولون (اورلاف) فوق رأسي". غباي: "فهمت يا داني فهمت". كيف انتهى ذلك؟ فهم غباي وتابع هيرشكوفيتس العناد. وكان ليبرمان خاصة هو الذي تكمش. وسقط الحد الأدنى للأجور.