خبر متلازمة القدس-معاريف

الساعة 10:12 ص|04 يوليو 2010

متلازمة القدس-معاريف

بقلم: أرال سيغال

(المضمون: مشروع حديقة الملك هو مشروع نزيه، ولكن العرب بعد ان يسمعوا هتافات اليسار ضده يجدون أنفسهم خائفين في تأييده خشية أن يعتبروا عملاء - المصدر).

        أبنائي باتوا يعرفون. في الصباح، عندما يأخذهم أبوهم الى المدرسة والى الروضة، شيء ما يتشوش فيه، وهو يبدأ بالحديث غير الجميل الى الراديو. خذوا مثلا مشروع "حديقة الملك"، في القدس. من سمع التقرير في صوت الجيش – محطة عسكرية (؟؟!) التي تمول باموال الضرائب – فهم بان نير بركات، رئيس بلدية القدس هو طاغية بحجم القيصر نيرون ولكن فقط بدون شبابة. لم يشرحوا المنطق الذي في الخطة، بل طحنوا الغضب العربي والاثار على علاقات اسرائيل – اوباما. اعمال الشغب في الحي، بما في ذلك محاولة الفتك باب وثلاثة اطفاله غطيت بحجم صغير للغاية. لا تزعجوا المذيعين بالحقائق. فلديهم جدول أعمال يدفعونه الى الامام ومايكروفون يحفرون به في رؤوس المستمعين.

        هل يوجد شخص سوي العقل يتصور ان يبني مبنى غير قانوني في وسط الحديقة المركزية في نيويورك او امام الساحات الخضراء لقصر باكينغهام في لندن؟ فحتى قبل ان يجف الطين، فان اولئك الرحيمون بمرافقة شرطية سيربطوه بحزام المجانين ويقتادوه الى مكان يحرص على حمية متشددة وأدوية لعلاج العصاب.

        في وسائل الاعلام تحدثوا عن أشخاص لا منازل لهم من العرب وتواضعوا في قصة "حديقة الملك". ولكن من ناحية الاهمية التاريخية فان حديقة الملك في القدس تأكل بلا ملح الساحات الخضراء المعنى بها لاليزابيت من عائلة هنوفر الملكية. حديقة الملك في اسفل جدول قدرون هو ذخر هائل للثقافة البشرية. وهي تذكر في كتب الانبياء واصحابات التوراة. كما هي "الجنان" في نشيد الانشاد، حديقة الملك سليمان التي كتب فيها حسب التقاليد كتاباته.

        ولكن تحت الحكم الاسرائيلي أصبحت المنطقة التي كان محظورا البناء فيها منذ عهد الاتراك والبريطانيين سائبة. زحام من المنازل المتنافسة الواحد مع الاخر في بشاعتها فقط ولكنها جميعها ذات قاسم مشترك واحد – كلها، دون أي استثناء، بنيت دون ترخيص بناء، دون تخطيط، دون بنية تحتية بالحد الادنى. معظمها بنيت بعد اتفاقات اوسلو وريح التفاؤل التي هبت من حكومة رابين.

        لقد وقع بحق الموقع دمار تام. من الصعب ان نفهم كيف حصل أن مكانا ذا اهمية هائلة للثقافة البشرية، موقعا كان سيعتبر في دولة طبيعية مركزا سياحيا يعج بالناس، أصبح تحت السيادة الاسرائيلية اصبعا منكرا مدسوسا. واكثر من ذلك غرابة الاعتراض على الخطة النزيهة لـ "الاخلاء – البناء" في النطاق. وحسب الخطة، سيعاد بناء القسم الغربي من الحديقة وفي قسمها الشرقي سيقر بناء مناطق تجارية، مطاعم، ورشات فنية ووحدات سكن للمخلين. في نهاية المطاف سيسوغ 90 في المائة من البناء غير القانوني في كفار هشيلوح، وبدلا من هتافات الفرح نسمع عن الحريق. عن المعارضة الجارفة من سكان القرية، رغم أن البلدية تجلس مع ممثلي السكان منذ أكثر من سنة. وهم يعرفون المخططات.

        وسأكشف لكم عن سر. هم يريدونها ولكنهم يخافون. ليس من القانون الاسرائيلي، بل من عصابات السلطة الفلسطينية. من الصعب اتهامهم. بعد ان يسمعون الجوقة المشجعة من اليسار ضد الخطة، بل ان يلتقون العدميين من الناطقين بالعبرية، ممن انتقلوا الى القرية كي يثيروا الاضطرابات (يا شاي نيتسان، اين أوامر الابعاد لهم؟) فان العرب يخافون. كي لا يقال انهم عملاء.

        ولكن اليسار ورفاقهم في السلطة غير مهمين بالنسبة لموقف الدولة من الخرق الفظ للقانون. هناك الاخفاق الاعظم ومثال على ذلك كان في مقابلة مع صوت الجيش للواء الشرطة المتقاعد اريه عميت قبل عدة اشهر. فقد شرح عميت بان في نظره شرقي القدس ليست جزءا من اسرائيل. مفهوم اشكالي في ضوء حقيقة أن القانون الاسرائيلي ينطبق في شرقي القدس والى أن يتقرر خلاف ذلك يجب فرضه.

        من اقوال عميت تنكشف عورة الدولة. فقد هدأ روع يعيل دان القلقة في ضوء المس بالعرب بقوله ان في المنطقة شرطة اسرائيل، هي وليس غيرها – هي التي ستحبط النية لهدم المنازل. أتفهمون؟ الشرطة حسب عميت هي الراشد المسؤول وليس الذراع التنفيذي لدولة اسرائيل. اذا ارادت فانها ستهدم، واذا ارادت فانها ستجر الارجل. منطق في الجنون؟ هكذا تبدو متلازمة القدس.