خبر فضل الشفافية..يديعوت

الساعة 09:21 ص|02 يوليو 2010

بقلم: سيفر بلوتسكر

أراد رئيس الحكومة نتنياهو في خطبته القصيرة الجزلة أن ينقل رسالة ما الى الجمهور الاسرائيلي، وإلى عائلة شليت وبقدر لا يقل عن ذلك الى قيادة حماس.  ورسالته، بخلاف انطباع التصميم الذي أحدثه كلامه بالبث الحي، هي المرونة والواقعية والاستعداد لمصالحة أخرى.

        إن ميدان التفاوض بين اسرائيل وحماس معلم الآن بخطين. أحدهما هو الخط الأحمر – أي حزمة مطالب حماس التي تشتمل على اطلاق جميع قيادة الارهاب الاسلامي السجينة في اسرائيل. أشك في ان تكون حكومة ما في القدس مستعدة ذات مرة لقبول املاء حماس بحذافيره. والخط الثاني هو حزمة المصالحة التي وافق عليها نتنياهو كما قال في أسى: وهي اطلاق ألف مخرب، في حين يعرف 450 منهم أنهم ارهابيون كبار. ويوجد بين هذين الخطين، كما تبين قراءة دقيقة لخطبة نتنياهو، مجال مفتوح لمساومة متبادلة أخرى. قال نتنياهو في واقع الأمر لن تجتاز أبدا الخط الأحمر، لكنها لا ترى حزمة المصالحة هي الكلمة الاخيرة ونهاية الفقرة. ولهذا تنتظر جواب حماس كي تبدأ جولة مباحثات أخرى.

        انتصب استعداد نتنياهو لعين الناظر بالكلمات الموزونة التي تناول بها عدم وجود رد من حماس: "أعتقد أن حماس مخطئة (لانها لا تجيب على الاقتراح)"، قال. وقد ترك رئيس حكومة اسرائيل بذلك لقادة حماس أن يفهموا أنهم اذا عادوا الى المحادثة فسيوجد ما يتحدث فيه. لقد تحاشى المس بكرامتهم.

        أكد رئيس الحكومة بانفعال أن دولة اسرائيل غير مستعدة لاطلاق جلعاد شليت بأي ثمن. هذا موقف صحيح لكن لا للأسباب التي فصلها نتنياهو في خطبته خاصة. فليس السبب الحاسم لرفض مطلب حماس المتطرف أمنيا بل سياسيا. إن اطلاق عشرات من قادة الارهاب المشهورين الذين حكم عليهم بفترات سجن طويلة، عوض جندي مختطف واحد، يعني استجابة لانذار سياسي بين من حماس. وسيكون المطلقون بهذه الصفقة قيادة المنظمة الجديدة، ويعززونها، ويجرون فيها دما جديدا ويجعلونها عدوا أكثر ثقة بنفسه وانجازاته في مواجهة اسرائيل. في الغد أو بعد غد قد تختطف حماس جنديا آخر وتطلب عوضا منه انسحابا من المناطق او اعلانا بقبول حق اللاجئين في العودة. من الخطر على اسرائيل أن توجد على هذا المنزلق الدحض.

        لا يعني هذا أنه لا يوجد لاسرائيل ما تقترحه. بل يوجد ويوجد وبيبي يعلم ذلك. مثلا لن يتضرر أمننا اذا أطلق بدل 500 سجين أمني عادي 2500 فسيظل 800 آلاف مثلهم في السجون. ومثلا يفضل لاسرائيل أن يطلق نشطاء معينون من حماس الى مناطق الضفة الغربية حيث ستعالجهم كما ينبغي أجهزة أمن منظمة التحرير الفلسطينية المملوءة من الانتقام. وخيارات أخرى هنا وهناك من أجل تقديم الصفقة.

        حافظت اسرائيل حتى الان على السرية والخفاء والرقابة الشديدة على ادارة مفاوضة حماس. وهذا خطأ. خطأ ضخم. كان يجب على اسرائيل لكونها دولة ديمقراطية أن تجري مساومة حماس منذ البدء بأوراق لعب مكشوفة على نحو تام، مع الاعلان بكل اقتراح منا ومنهم. فالشفافية هي السلاح الوحيد للديمقراطية. لكن مجري التفاوض فضلوا ألا يستعملوه وأخفقوا في امتحان النتيجة. ذاب جلعاد شليت أربع سنين في ظروف اختطاف غير انسانية وما زال اطلاقه لا يرى في الأفق.

        الان، مع التأخير وتحت ضغط الرأي العام، بدأ رئيس الحكومة نتنياهو يغير سلوك المباحثة مع حماس، وهو يكشف بالتدريج عن المقترحات المعروضة. يتقدم بحذر من الشفافية. ويكشف عن أوراق اللعب. هذا غير كاف فقد كنت أتوقع من رئيس حكومة اسرائيل أن يعلن في نهاية خطبته أنه منذ الان، منذ هذه اللحظة، تظهر في موقع خاص في الانترنت أسماء المخربين الألف المستعدة اسرائيل لاطلاقهم في اطار الصفقة، كي تعلم عائلاتهم من الذي حكم عليهم باستمرار السجن.

         لا يحل لحكومة اسرائيل أن تقعد ساكنة وأن تنتظر وسيطا المانيا او مصريا يأتي من دمشق وغزة بالاجابات المأمولة. قد لا تأتي الايجابات وقد لا تكون لقادة حماس مصلحة في اتمام أي صفقة تبادل لاطلاق شليت. من المريح لهم أن يبقوه عندهم ذخيرة استراتيجية ورهينة من أجل أمنهم الشخصي. إن مهمة نتنياهو أن يغير قواعد اللعب المصيبة بالشلل هذه وأن يحدث حراكا مختلفا، حراكا تكون اسرائيل فيه هي المبادرة والكاشفة. لأنه لا يوجد لاسرائيل ما تخفيه، بخلاف حماس. لنا جندي واحد نريده في بيته.

        لم يسترجع نتنياهو أمس خطب سلفه في شأن جلعاد شليت. وقد خطا مسافة ذت شأن بأن اختار تحديد الشروط بدل اخفائها، من أجل  تغيير سلوك التفاوض، وجعله مكشوفا وفتح منفذا لبدء جديد. قد ينجح الأمر هذه المرة.