خبر شباب الشمع 2010..يديعوت

الساعة 09:20 ص|02 يوليو 2010

بقلم: ناحوم برنيع

خرج صف السائرين من أجل جلعاد شليت في يوم الاثنين بعد الظهر من "الكريون"، وهو مجمع تجاري ضخم من جملة مجامع تجارية تنتشر عن جانبي الشارع، من مفرق "تشيك – بوست" حتى ظاهر عكا. ما كان يستطيع ضيف عارض ألا يتأثر بقوة الشراء، والعائلات الغنية التي تملأ الحوانيت، والشعور بالشبع. هل يمكن حركة ثورية تخضع الحكومات ان تخرج من مجمع تجاري؟ اذا كان الأمر كذلك فستكون هذه أول مرة.

        في الخارج، بازاء واجهات عرض حانوت "همشبير لتسرخان"، ينتظر نحو من ثلاثة آلاف سائر عائلة شليت. أكثرهم شبان وشابات في سن العاشرة بدأوا العطلة الكبيرة منذ قريب. أولاد حسان. أكثريتهم الغالبية من العلمانيين. يذكرونني بـ "شباب الشمع"، أي جموع الشابات والشبان الحزانى الذين ملأوا الميدان بعد مقتل رابين. كان فيهم حسن ولم يكن فيهم غضب. وتلاشوا مثلما ظهروا.

        صفقوا بايقاع، وبعض السائقين الذين عوقهم الشرط لتمكين الصف من المرور، ردوا عليهم بصفير تشجيع. "ما يزال جلعاد حيا"، صاحوا في جوقة وأنشدوا هنا وهناك لكنهم صمتوا في الأساس.

        سار الصف جنوبا، على طول منازل كريات موتسكين، خرج رجال في الأردية الداخلية الى الشرق الصغيرة لمشاهدة السائرين، وأخرج البعض آلات تصوير رقمية، لتخليد هذه التجربة، ولوح آخرون بأيديهم تشجيعا. قبل خمس سنين، عشية الانفصال، تمت في البلاد مسيرات مشابهة. فقد سار المستوطنون في مدن التطوير في الجنوب مؤملين أن يجروا وراءهم الجموع. وعندما ساروا على طول منازل نتيفوت واوفاكيم، خرج المحليون في الأردية الداخلية الى الشرف، وراقبوا السائرين ولوحوا بأيديهم تشجيعا لكنهم ظلوا في بيوتهم. وكان ذلك بدء نهاية النضال.

        الفرق هو ان المستوطنين أتوا المسيرات بكل من استطاعوا الاتيان به. فقد أتى من أيد. وفي النضال من أجل شليت ما تزال الطاقة الكامنة غير معلومة. في الأيام القريبة عندما تجوز المسيرة تل ابيب وضواحيها، ستبلغ الامتحان الحقيقي.

        أحد السائرين هو ايال ريغف، الاخ الصغير لألداد ريغف الذي قتل في أول أيام حرب لبنان الثانية. أعيدت جثتا الداد ورفيقه في السلاح ايهود غولدفاسر الى اسرائيل في نطاق صفقة مع حزب الله. "كان تفاوض، وفي النهاية حط نصر الله السعر"، قال ريغف. "كان ما حصل عليه غثا جدا. فلماذا لا تحط حماس السعر؟".

        سؤال جيد. سافر ريغف من المسيرة من أجل شليت الى المقبرة العسكرية في نهاريا لذكرى أخيه وقد تمت اليوم أربع سنين منذ تلك الحرب.

        من وراء الجدر قام نحو من عشرة آلاف شخص أو ربما أقل – السائرين وسكان كريات موتسكين. استقبلوا افيفا ونوعام شليت والجد تسفي بتصفيق عاصف وتشجيع. تحدث اليهم شليت كعادته – بخطبة قصيرة موزونة مهذبة بريئة من الدموع نقية من الانفعال. غن سحنة الزعامة التي قضي عليه بها غريبة عليه وقد يكون هذا ما يجعل النضال أكثر تأثيرا في القلب.

        يصعد المنصة موشيه سليك وهو معوق من الجيش قديم انضم الى المسيرة. أراد الحديث باسم السائرين. قال "هذا الشعب افضل من قادته. لحكومة اسرائيل سباعية وزراء. هذا يلائمهم لانهم يجلسون سبعة أيام الحداد. أي رئيس حكومة هذا غير القادر على الاتيان بجندي واحد".

        استعد شمشون ليبمان رئيس الحملة الدعائية من أجل اطلاق شليت بمرة واحدة. القرار الاستراتيجي هو عدم مهاجمة أحد ولا نتنياهو بيقين، ولا بهذه الكلمات على التحقيق. يقفز ليبمان الى المنصة ويسكت سليك سريعا. كان ليبمان، هو شخص ذي متزن على حق. لكن المعضلة قائمة. إن الهجوم الشخصي على نتنياهو قد يضائل تأييد الحملة ويدهور النضال من أجل شليت في المستنقع السياسي. وتحاشي الهجوم يجعل الحملة رحلة دموع باطلة بلا عنوان وبلا وخز.

        نتنياهو على قناعة، كالمرتقب بأنه الضحية الحقيقية في هذه القصة. فالجميع يتآمرون لاسقاطه – الوالدان، والسائرون والصحفيون. وهو لا يختلف في هذا الشأن عن أكثر أسلافه: فكل تنظيم مدني، وكل مظاهرة احتجاج يرونها حيلة سياسية وتهديدا شخصيا. فهم لا يؤمنون بدموع الغير.

        ليس نتنياهو وحده في معضلة شليت. فقد حار اولمرت قبل اسابيع من نهاية ولايته طويلا هل يوافق على الصفقة واستقر رأيه آخر الأمر على الرفض. وحار نتنياهو، في مساء عيد الميلاد السابق ورفض آخر الأمر. يبدو ان حماس هي الجهة الأكثر مثابرة في هذه الدراما.

        في نهاية المسيرة في كريات موتسكين قصوا بمرة واحدة الشرائط وحرروا البالونات تنقلت البالونات مع الريح، بقعا صفراء على خلفية زرقاء، حلقت الى أعلى واختفت. كان تلك لفتة نظر حسنة ذكرت الجمهور بأن الهدف بعد كل شيء هو اطلاق جلعاد شليت لا الحزن عليه.