خبر هل وضعت صفقة شاليط على نار حامية؟ .. عريب الرنتاوي

الساعة 01:53 م|01 يوليو 2010

بقلم: عريب الرنتاوي

هي الرمال الفلسطينية المتحركة: ما أن يهدأ ملف فلسطيني حتى يتحرك ملف آخر.

الأيام القليلة الفائتة شهدت على إغلاق ملف "آخر محاولة لاستئناف الحوار وإتمام المصالحة" ، بعد أن اصطدمت بعقبة "الفيتو الأمريكي" و"الوسيط المصري" و"التراجع الرئاسي" ، الذي أدى من ضمن ما أدى إلى حل لجنة المصالحة الرئاسية وإيقاف مهمتها ، أو بالأحرى دفنها قبل أن تغادر مهدها.

أمس ، وأمس الأول واليوم ، تحرك ملف "تبادل الأسرى" بين حماس وإسرائيل ، تحت وقع التظاهرات والاعتصامات التي رافقت ذكرى مرور أربعة أعوام على اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ، حيث ولّد هذا الحراك وتلك المناسبة ، قوة ضغط غير مسبوقة على حكومة نتنياهو من أجل العمل على إطلاق سراح الجندي وإتمام صفقة التبادل.

وثمة تقديرات لخبراء إسرائيليين تؤكد أن قوة الزخم التي باتت تتمتع بها قضية شاليط وتبادل الأسرى ، غير مسبوقة على امتداد السنوات الأربع الفائتة ، ما ولّد انطباعا بأن الملف قد وضع بالفعل على نار حامية ، وأن لحظة الحسم بشأنه قد أزفت ، ويدلل المتفائلون بقرب إتمام الصفقة على تفاؤلهم بجملة تطورات وأحداث وقرائن منها:

أولا: وجود عاموس جلعاد ، الجنرال المكلف بملف التفاوض حول شاليط في القاهرة ، وإجراؤه محادثات مع الوزير عمر سليمان حول هذه المسألة وحول مسألة المعابر المرتبطة بالملف الأول.

ثانيا: الأنباء التي تحدثت عن زيارات مكوكية خاطفة سيقوم بها الوسيط الألماني المكلف بهذا الملف لكل من غزة والقدس والقاهرة ودمشق.

ثالثا: وقوف إيهود باراك وثلاثة آخرين من أسلافه في وزارة الحرب الإسرائيلية خلف قضية تبادل الإسرى وموافقة الجنرالات الأربعة على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من "العيار الثقيل" ، او من الملطخة أيديهم بالدماء وفقا للتعبير الدارج في الصحافة الإسرائيلية ، أما المبرر فقد لخصة الجنرال أشكنازي: حتى لا يواجه جلعاد شاليط مصير ملاح الجو الإسرائيلي رون آراد.

رابعاً: تنامي قوة الزخم والضغط في الشارع الإسرائيلي والتي ستحرر نتنياهو من كل تحفظاته ، وتجعل قبوله بصفقة تبادل الأسرى أمراً مرجحاً وقد يكون وشيكاً.

خامساً: إحساس إسرائيل بأن جدران الحصار على القطاع أخذت تتهاوى ، وأن اللعب بورقة المعابر من أجل "تحرير شاليط" سوف يكون بلا قيمة ولا أثر في قادمات الأيام ، وأن من الأفضل لإسرائيل أن تتم الصفقة الآن من أن تتمها بعد حين.

إن صحت التوقعات وتم تبادل الأسرى قريبا ، فستدخل حسابات جديدة على معادلة "الحوار والمصالحة" و"توازنات القوى الفلسطينية الداخلية" ، فحماس ستعزز شعبيتها ونفوذها في غزة والضفة على حد سواء ، وسوف تزداد استمساكاً بـ"مصالحة تأخذ بعين الاعتبار تحفظاتها على الورقة المصرية" ، كما أن إتمام الصفقة سوف يعزز من قدرة حماس على مواجهة الضغوط المصرية المتزايدة على الحركة ، والتي بلغت حداً غير مسبوق في الآونة الأخيرة.

وحتى بفرض قيام إسرائيل بتقديم "دفعة من الأسرى" لحساب السلطة والرئاسة في رام الله ، كما تطالب بذلك الإدارة الأمريكية ، فإن أحداً لن يكون بمقدوره منع الرأي العام الفلسطيني من المقارنة بين هذه وتلك ، بين صفقة أنجزت رغم أنف إسرائيل وأخرى استدركت في سياقات التنسيق والتعاون.

وإذ يتزامن الحديث عن قرب إتمام "صفقة شاليط" مع أنباء متواترة عن اتصالات حمساوية - غربية ، بما في ذلك أحاديث عن عروض أمريكية - من تحت الطاولة - لحماس ، مشروطة وليست فورية ، فإن المشهد الفلسطيني برمته ، يبدو مقبلا على عملية خلط أوراق واسعة ، نعرف من أين تبدأ ، وقد تبدأ بشاليط ، بيد أننا لا نعرف كيف تنتهي أو أين.

إنها الرمال الفلسطينية المتحركة ، تأخذك كل يوم إلى ملف من الملفات ، فتنام على مزاج معين لتستيقظ صبيحة اليوم التالي ، على ضوء نهار جديد ومزاج جديد.

كان الله في عوننا وعونكم.