خبر الرفاعي :المنطقة على شفير انفجار كبير وأي حرب ستغير خارطتها السياسية والجغرافية

الساعة 07:10 ص|01 يوليو 2010

ممثل الجهاد في لبنان يتحدث لـ"الاستقلال":

عدم وجود مبادرة قابلة للعيش أوصل المصالحة إلى طريق مسدود

من يريد التفاوض مع الاحتلال فليجهّز كل أوراق القوة التي يمتلكها

على المقاومة أسر أكبر عدد من جنود الاحتلال لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين

المنطقة على شفير انفجار كبير وأي حرب ستغير خارطتها السياسية والجغرافية.

شعبنا الفلسطيني يعيش في لبنان أوضاعاً مأساوية بالغة الصعوبة

فلسطين اليوم- الاستقلال

اعتبر الحاج أبو عماد الرفاعي، ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، أن وصول المصالحة الفلسطينية إلى طريق مسدود سببه عدة عوامل، أهمها عدم وجود مبادرة قابلة للعيش، مبينا أن الحل يكمن في اتفاق فلسطيني داخلي يقوم على أساس العودة إلى الميثاق الوطني، والتخلي عن أوسلو وكافة إفرازاتها.

ودعا الرفاعي في مقابلة شاملة أجرتها معه صحيفة "الاستقلال" المقاومة الفلسطينية إلى العمل الجاد على أسر جنود إسرائيليين لإجبار الكيان الصهيوني على الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، مشددا على أن إجهاض صفقة التبادل سببه الأول حكومة الاحتلال التي لا ترغب في إخراج الصفقة إلى حيز التنفيذ.

وفيما يلي نص المقابلة:- 

سفن فك الحصار

-سمعنا عن سفن ستتوجه إلى غزة انطلاقاً من لبنان... لو تضعونا في تفاصيل هذا الموضوع، وما هي العوائق التي قد تقف أمام إتمامه؟

شعب لبنان الشقيق لم يتأخر يوماً عن التفاعل مع ما يجري في فلسطين، ولذلك بادر بعض الشباب وبعض السيدات إلى اتخاذ خطوات لفك الحصار بعد مجزرة أسطول الحرية، وقد تمّ تجهيز سفينتين، واحدة منهما تحمل حوالي خمسين سيدة لبنانية من مختلف الطوائف والشرائح اللبنانية، وقد أطلقن على سفينتهن اسم "مريم" تيمناً بالسيدة مريم عليها السلام، وهذه إشارة إلى أنها ولدت وعاشت في فلسطين المحتلة، وربما في ذلك إشارة إلى المعاناة التي لقيتها والسيد المسيح على أيدي اليهود.

استكملت السفينتان كافة التجهيزات والأوراق، وغادرتا بالفعل تجاه قبرص، ذلك لأن القوانين اللبنانية تمنع أي سفينة، سواء كانت لبنانية أو غيرها من التوجّه مباشرة باتجاه شواطئ فلسطين المحتلة، على أن تحصل السفن على إذن من السلطات القبرصية بالتوجه نحو غزة.  العائق الإجرائي الذي قد يحول دون إتمام الرحلة هو القرار الرئاسي القبرصي الذي صدر بعد مجزرة أسطول الحرية بعدم منح أي إذن لأي سفينة بالتوجه نحو ميناء غزة.. وبالطبع لن تتوجه السفينتان اللبنانيتان إلى أي ميناء آخر.  ونحن نعتبر أن رسالة التضامن والتعاطف والأخوة اللبنانية وصلت، ونتوجه بالشكر إلى كل من قاموا وشاركوا وساهموا في هاتين السفينتين.

-إسرائيل توعدت بإيقاف هذه السفن، وقالت إنها ستفعل كل شيء في سبيل ذلك، هل تتوقعون سيناريوها يشابه سيناريو سفينة مرمرة التركية؟

-نتوقع أن يفعل العدو الصهيوني ما هو أكثر من ذلك لسببين: الأول، طبيعته العدوانية القائمة على الدماء وارتكاب المجازر، والثاني، أن الإعلام الصهيوني قد تعامل مع السفن اللبنانية وتلك التي كانت تستعد للإبحار من إيران على أنها سفن معادية، وقد مهّد كل الأجواء الإعلامية للتعامل مع هذه السفن على أنها اعتداء حربي وليست مجرد سفن تضامن تضم ناشطين. 

-في المقابل، حزب الله توعد بالرد على أي خطوة إسرائيلية، ويرى مراقبون أن السفن قد تشعل فتيل حرب مع لبنان، إلى أي مدى أنتم مع هذا التصور؟

-استطاع حزب الله أن يقيم توازناً للرعب مع العدو الصهيوني، والعدو يأخذ تصريحاته على محمل الجد. وقد شاهدنا في أسطول الحرية كيف أن العدو سارع إلى إطلاق اللبنانيين الأربعة الذين تم أسرهم ضمن أوائل الذين تمّ إطلاق سراحهم، وما ذلك إلا بسبب خشية العدو من ردة فعل المقاومة في لبنان. لكن العدو يسعى إلى ممارسة الضغط على قبرص من أجل منع توجّه السفينة باتجاه غزة لكي يتلافى احتمال انفجار الأوضاع.

 

 

تهديدات إسرائيل

-صحيفة المستقبل نشرت الأسبوع الماضي نبأ مفاده أن إسرائيل أبلغت واشنطن إكمال استعدادها لضرب لبنان، وأن التنفيذ سيكون بعد الانتخابات النصفية الأميركية، هل لديكم معلومات من هذا القبيل؟ وما هي توقعاتكم؟

-لم يتوقف العدو الصهيوني، ومنذ حرب تموز 2006، عن تهديد لبنان.  ونحن نعتقد أن الحرب ستقع لا محالة إن عاجلاً أم آجلا.  فالعدو الصهيوني في مأزق كبير، وباتت المخاطر التي تهدد بقاءه واستمراره مرتفعة على نحو غير مسبوق منذ نشأة هذا الكيان. والغرب الذي يدعم هذا الكيان في حالة تقهقر وتراجع وعجز عن تحقيق أهدافه في المنطقة.  ليس أمام الغرب سوى دعم الكيان الصهيوني عسكريا ولوجستياً لأن انهيار هذا الكيان يعني انهيار المنظومة الغربية المعادية، على حد تعبير أزنار، رئيس وزراء اسبانيا السابق.

غير أن الحرب لا تقع لمجرد أن طرفاً بات يملك القدرة على شنّها.  فالحرب لها حساباتها المعقدة. ثمّ من يريد أن يحارب لا يقول انه سيفعل في تاريخ كذا.برأينا أن هذه التصريحات هي مجرد تسريبات صحفية أو تهويلات دعائية.

هذا لا يعني أن الحرب لن تقع، بل نعتقد ان هناك حرباً قادمة على المنطقة ستغيّر خارطتها الإستراتيجية والجغرافية، ربما تكون أعنف من جميع الحروب السابقة.

تخفيف الحصار

-حكومة الاحتلال أعلنت قبل أيام عن تخفيف الحصار المفروض على غزة وإدخال سلع جديدة، إلا أن شيئاً لم يتغير على أرض الواقع، ولم تدخل سلع مهمة كالأسمنت والحديد، برأيكم ماذا أرادت إسرائيل من هذا الإجراء؟

-هذا يعكس المأزق الذي يجد فيه هذا العدو نفسه بسبب استمرار الحصار على غزة. أراد العدو من وراء هذا الحصار إسقاط المقاومة وإذلال الشعب الفلسطيني، وكسر إرادته. فإذا بالمقاومة تقوى، وإذا بإرادة الشعب الفلسطيني عصية على الانكسار. الإعلان الذي تتحدث عنه هو محاولة لوقف انكشاف صورة وعورة هذا العدو أمام الرأي العام، وبالتالي لا نتوقع أن يتغير شيء على أرض الواقع.

-هل حديث تخفيف الحصار من شأنه أن يعيد العلاقات المتوترة بين واشنطن وتل أبيب؟ ما دلالات ذلك برأيكم؟

الكيان الصهيوني يلقى كل الدعم وكل التأييد وكل الاحتضان من قبل الإدارة الأميركية لكل ما يقوم به. الإدارة الأميركية الحالية لم تقبل أن تتم توجيه الإدانة إلى هذا الكيان على مجزرة أسطول الحرية، وهي ترفض أن تكون هناك لجنة تحقيق مستقلة. ما تطالب به الإدارة الأميركية ليس رفع الحصار، ولا حتى تخفيفه، بل فقط إجراء تغييرات في الشكل عليه، بحيث يقلّ الإحراج الإعلامي ليس أكثر.

-الحصار دخل عامه الخامس، ولا يزال الوضع على ما هو عليه،... ما هي الإستراتيجية الفلسطينية المطلوبة شعبيا ورسمياُ لإنهاء هذا الحصار؟

-شعبياً، أثبت شعبنا الفلسطيني أنه يعطي العالم دروسا في الصمود والتحدي وحرب الإرادات. ونحن نؤمن بأن إيمان هذا الشعب بقضيته وحقه في أرضه وتحقيق عودته، يسترخص معها هذه التضحيات الكبيرة والهائلة التي قل نظيرها في التاريخ. ولكننا نشير هنا إلى أنّ العدو الصهيوني يراهن على عنصر الزمن.. بأن استمرار الحصار وإطالته سيولّد مشاكل اجتماعية خطيرة، بما لا يستطيع شعبنا أن يتحمله أو يتعايش معه.  لذلك فإن مهمة كل واحد منا هي أن يحفظ الأمن الاجتماعي، وأن لا نسمح لهذا الحصار بأن يفعل فعله في النفوس.

ورسمياً، فإن فك الحصار لا يكون بالتسليم لإملاءات هذا العدو، ولا بالتراجع السياسي، بل بمزيد من الإصرار على المقاومة والتمسك بها، وبالوحدة الداخلية، وضرورة تحقيق المصالحة.

-بعد انقضاء أربع سنوات من الحصار.. كيف تقيمون المواقف العربية، وعلى وجه الخصوص جامعة الدول العربية، وحاضنتها "مصر"؟

-لا شك أن المواقف العربية لم تكن على المستوى المطلوب، بل يمكن القول إن كثيرا من هذه المواقف كانت شريكاً موضوعياً في الحصار. لقد أثبت أسطول الحرية أن هناك كثيرا من الوسائل والسبل التي يمكن مواجهة هذا العدو بها، فإذن لا عذر لأحد.

بالطبع، عتب شعبنا على مصر عتب كبير، لأن شعبنا يرى في مصر حاضناً أكبر للقضية الفلسطينية ورافعة للأمة العربية، هكذا كان دور مصر عبر التاريخ.  نحن نرى أن لشعبنا الحق في الخروج والدخول بحرية من كل المعابر العربية، وأنّ من حق أسرانا أن يسافروا لتلقي العلاج ومن حق طلابنا السفر لتلقي العلم، ومن حق أهلنا التواصل مع إخوانهم. لذلك نحن نطالب الإخوة في مصر التي كانت الحاضن الأكبر لفلسطين في كل فصول احتلالها عبر التاريخ أن يستمر فتح معبر رفح دون انقطاع، وأن تدعم صمود الشعب الفلسطيني بكل الوسائل.

-سمعتم عن أزمة الكهرباء المتفاقمة في قطاع غزة، وهناك تبادل للاتهامات من قبل الحكومتين في رام الله وغزة،... كلمة توجهونها إلى المسؤولين، لتجنيب المواطنين دفع ثمن اختلاف الساسة.

-لا شك أن العدو الصهيوني هو سبب جميع الأزمات والمشاكل التي يعيشها شعبنا سواء في الداخل أو الخارج. هذه نقطة يجب أن تبقى حاضرة في البال.والعدو الصهيوني يستغل الخلافات الفلسطينية الداخلية، بل ويعمل على تأجيجها واستمرارها، وعلينا أن لا نقع في فخ العدو الصهيوني الذي يصدر تصريحات الهدف منها هو تأجيج هذا الصراع.وفي المقابل، الخلاف السياسي لا يجب أن يتحول إلى خلاف شعبي ولا يجوز اقتسام الشعب بحيث يصبح أهل غزة تابعين لحماس وأهل الضفة تابعين للسلطة.. فهذا تقسيم قبلي وعشائري لا ينبغي لأحد الوقوع فيه.. فأياً تكن الخلافات بيننا، يجب أن تكون خدمة شعبنا خارج كل الخلافات.

ملف المصالحة

-على صعيد المصالحة، كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن أنها وصلت إلى طريق مسدود.  هل تلمسون أنتم في حركة الجهاد الإسلامي هذا الأمر؟وما هو السبب؟

-بداية دعني أقول إن موقفنا في حركة الجهاد الإسلامي واضح، وهو أن الوحدة ضرورة وطنية كبرى لا بد من العمل على تحقيقها وإزالة كل العقبات التي تحول دون ذلك.  لكن، نعم.. وللأسف الشديد فإن المصالحة قد وصلت إلى طريق مسدود حالياً، وقد بات ذلك أمراً معلوماً، فلجنة المستقلين برئاسة الدكتور منيف المصري أعلنت حل نفسها، وهو دليل على الوضع الذي وصلت إليه المساعي.

هناك عدة عوامل مسؤولة عن هذا الوضع: عدم وجود مبادرة قابلة للعيش.. فما هو مطروح حالياً كأساس للمصالحة (وهو ما يسمى بالورقة المصرية) يقوم على أساس اتفاقات أوسلو، ويطلب من المقاومة أن تكون ضمن هذا الإطار وليس خارجه، يعني أنها تطلب من المقاومة التنازل الفعلي عن مواقفها، وأن تصبح جزءا من التسوية بغض النظر عن التسميات.. وهذه الورقة تتحدث عن ترتيبات أمنية وانتخابات وما سوى ذلك دون أن تقدم رؤية للاتفاق على إستراتيجية موحدة حول النقاط الأهم وهي الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.  ومثل هذا الطرح لا يمكن أن يحقق وحدة ولا مصالحة حقيقية. ثانياً، هناك الضغوط الأميركية التي تمارس من أجل منع التوجه نحو المصالحة، وهي تصر على قبول المقاومة بشروط الرباعية، وما فيها من اعتراف بالكيان الصهيوني. وهناك ثالثا تحوّل الوسيط المصري إلى طرف في الخلاف الداخلي، بحيث بات الأمر وكأن التوقيع على الورقة المصرية هو توقيع بين حماس ومصر، وليس بين حماس وفتح. وهناك رابعاً استمرار السلطة في الرهان على عملية التسوية التي ثبت فشلها وعقمها، وعدم استعداد هذه السلطة للبحث عن خيارات وبدائل أخرى. الحل هو اتفاق فلسطيني داخلي يقوم على أساس العودة إلى الميثاق الوطني الفلسطيني، والتخلي عن أوسلو وكافة إفرازاتها، وإجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني بحيث تشمل كل الشعب الفلسطيني، والتمسك بالمقاومة التي ثبت أنها تستطيع تحقيق الانتصارات.

-هل ترون وجود أياد خفية تستفيد من استمرار الانقسام وتدعم باتجاه تعزيزه؟ وما هو الهدف من ذلك؟

-بالطبع هناك مستفيدون من حالة الانقسام هذه، وهم ليسوا أياد خفية، بل ظاهرة وواضحة.  العدو الصهيوني هو أول المستفيدين من حالة الانقسام هذه لأنه يبرر بها عدوانه، ويستغلها في ابتزاز الطرف الفلسطيني الذي يتبنى خيار التفاوض لأنه سيكون أضعف في حالة الانقسام.. وهناك الإدارة الأميركية التي ترى أن استمرار حالة الانقسام يعطيها هامشا أكبر في دعم إجرام وعدوانية العدو الصهيوني، وهناك أطراف عربية تستغل حالة الانقسام لتبرير تقاعسها ومواقفها الملتوية أمام شعوبها، وهناك أيضاً طبقة من الفاسدين الذين يعتاشون على هذا الانقسام.

-رشحت أحاديث عن لقاء مرتقب سيجمع محمود عباس وبنيامين نتنياهو لدفع مسيرة التسوية.. ماذا تتوقعون من مثل هذه اللقاءات؟

-أقترح توجيه السؤال إلى السيد محمود عباس هل لا يزال مقتنعا أن أيا من اللقاءات التي يعقدها تقدم له شيئاً؟ هل لا يزال فعلا يراهن على العدو الصهيوني بيمينه ويساره ووسطه؟ طوال عشرين عاماً جرّبت السلطة الفلسطينية التفاوض مع كل ألوان الطيف الصهيوني من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، ما الذي حصلت عليه؟ هل لا يزال السيد محمود عباس يراهن على الإدارة الأميركية بعد مواقف أوباما وإدارته؟  هل هو مقتنع فعلاً أن الإدارة الأميركية الحالية أو أية إدارة أتت قبلها أو ستأتي بعدها ستمارس ضغطاً على الكيان الصهيوني لتقديم ولو حتى فتات تنازلات؟  على السيد عباس أن ينسجم مع طروحاته.. وهنا أتوجه الى السيد عباس لأقول له: نحن نختلف معك في جدوى التفاوض.. وإذا كنت تؤمن فعلا بالتفاوض فإن من يريد التفاوض يجهّز كل أوراق القوة التي يمتلكها.. أوراق القوة هذه هي استخدام حقيقي للمقاومة..

 

 

-في المقابل، إسرائيل لا زالت تعلن على الملأ استمرار عمليات الاستيطان في القدس والضفة، وسمعتم بما يحدث في حي البستان من عمليات تهجير وطرد للسكان.. في أية خانة يمكن وضع هذه المتناقضات؟

-هذه ليست متناقضات، بل هذه الممارسات تنسجم مع طبيعة هذا الكيان الغاصب وتكشف تماماً أن هذا العدو لا يريد التسوية .. المشكلة ليست في ممارسات العدو، بل في الرهان على عملية تفاوض سقيمة.

قضية شاليط

-مرت أربع سنوات على أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.. وبدأ مجددا الحديث عن اتصالات للاستمرار في مفاوضات التبادل.. برأيكم من الذي يعرقل هذه الصفقة؟

-لا شك أنه من مصلحة المقاومة إتمام هذه الصفقة، ولا شك أن المقاومة أبدت وتبدي كل استعداد من أجل إطلاق سراح أكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين وأن تنقص من معاناتهم داخل السجون، وكل يوم له في حسابات المقاومة أهمية لتخفيف المعاناة عن الأسرى وعوائلهم.  المشكلة هي في العدو الصهيوني الذي يدرك أن إتمام الصفقة هو بمثابة إعلان فشل لسياساته العدوانية طوال السنوات الأربع الماضية، كما أنه بمثابة إقرار بنهج المقاومة كسبيل وحيد لإجبار هذا العدو على تقديم تنازلات.  يخشى العدو الصهيوني من أن اتمام هذه الصفقة سيعطي الشارع الفلسطيني دفعة معنوية عالية، وسيصيب الجمهور الصهيوني بمزيد من الإحباط.. لذلك لجأ العدو الصهيوني الى تعطيل الصفقة.

-إسرائيل تحدثت عن لاءات وحددت أسماء أسرى فلسطينيين لا يمكن الإفراج عنهم مقابل شاليط .. في المقابل تصر المقاومة على شروطها.. هل هذا يعني الدوران في حلقة مفرغة؟

-لا نعتقد أن المشكلة هي مشكلة أسماء بل التداعيات السياسية والإعلامية والنفسية التي سيولّدها إتمام الصفقة.. فلنتذكر أن العدو الصهيوني هو الذي أحدث مشكلة الأسماء بعدما رأى أن الصفقة في لحظة من اللحظات اقتربت من أن تتم، وذلك ليضع المقاومة أمام أحد خيارين: إما رفض الصفقة، وبالتالي تأجيل مواجهة استحقاقاتها، وإما القبول بالشرط الجديد، ما يعني إفقاد الصفقة بريقها في الجانب الفلسطيني، ويقلص العدو من الثمن السياسي والإعلامي الذي سيدفعه.

-ما هو المطلوب من المقاومة لإرغام إسرائيل على الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين؟

-أولا، التمسك بشروطها في الصفقة الحالية، وثانياً، استمرار نهج المقاومة والعمل على أسر أكبر عدد ممكن من الجنود الصهيانة، وثالثا، الاستفادة من التحول في الرأي العام العالمي ضد العدو الصهيوني واستمرار إثارة مشكلة الأسرى إعلاميا واجتماعيا.

 

-الولايات المتحدة وحلفاؤها مستمرون في فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، هل ستجدي هذه العقوبات نفعا؟ والى أين ستقود المنطقة بحسب رؤيتكم؟

-أعتقد أن الإدارة الأميركية الحالية لجأت إلى العقوبات ضد الجمهورية الإسلامية في إيران لثلاثة أسباب: الأول التخفيف من حدة الضغوطات داخل الكونغرس الأميركي حيث يطالب أكثر من 70% من أعضائه بتوجيه ضربة إلى المنشآت النووية في إيران، بينما تعلم الإدارة عجز جيوشها عن فتح جبهة جديدة في وقت تبدو فيه عاجزة عن حسم معاركها في العراق وأفغانستان. السبب الثاني هو ممارسة الضغط على الجمهورية الإسلامية من أجل دفعها إلى تقديم المساعدة لها في أفغانستان والعراق، وتقديم تنازلات تتعلق بضمان أمن القوات الأميركية في الخليج وضمان أمن الطاقة. أما السبب الثالث فهو الحد من تنامي قوة المقاومة في المنطقة، ومحاولة وقف التدهور الحاصل في نفوذ الولايات المتحدة فيها، والخوف من إمكانية استغلال الفراغ السياسي الذي قد ينشأ بسبب تقهقر الولايات المتحدة.  هذا إضافة بالطبع الى خوف الولايات المتحدة وحلفائها من تنامي قدرات إيران التسليحية، لأنها الداعم الأول لقوى المقاومة في المنطقة.

في المقابل، نحن نعتقد أن قوى المقاومة ستشتد وتتصاعد، وستجد الولايات المتحدة الأميركية نفسها أمام احتمال خسارة نفوذها أو الحد منه، وأنها ستكون مطالبة هي بتقديم تنازلات .. لذلك قلنا أن المنطقة برمتها على شفير انفجار كبير، وحرب ستغير من خارطتها السياسية والجغرافية.

-إسرائيل تلمح على لسان مسؤوليها إلى إمكانية العمل العسكري ضد إيران.. ما هي حظوظ ذلك خلال الفترة القريبة؟

-أعتقد أن الكيان الصهيوني يلقي بمثل هذه التصريحات لكي يستغلها في ناحيتين: الأولى التخويف الإعلامي في وجه تنامي قدرات المقاومة.. والثانية ابتزاز الشعب الأميركي وتأمين التغطية للإدارة الأميركية لمنحه مزيداً من السلاح والتمويل على حساب دافع الضرائب الأميركي في وقت يعيش فيه المواطنون الأميركيون أزمة مالية خانقة. أما عن توقيت مثل هذه الضربة، فإن ذلك ليس مرهوناً بتوفر الاستطاعة الصهيونية بل بتطورات المنطقة.

-كيف تقيمون طبيعة العلاقات الإسرائيلية – التركية عقب حادث سفينة مرمرة.. والى أين؟

-شهدنا في السنوات الأخيرة أن العلاقات التركية – الصهيونية تتخذ منحى ثابتاً وهو التدهور المستمر في هذه العلاقات.  وجاءت حادث سفينة مرمرة لكي يصل بهذه العلاقات إلى مستوى متقدم من التعقيد.والموقف التركي يعطي دفعا لمحور المقاومة ويدل على أن هذا المحور يقوى ويكبر، وللأسف فإن النظام العربي "المعتدل" وحده لا يزال يعيش حالة التيه.

مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، شهدنا نمواً كبيراً للدور التركي في المنطقة، وتحسناً في الوضع التركي عموماً، وما ذلك إلا بسبب الموقف من قضية فلسطين.  ولذلك نقول إن الموقف من قضية فلسطين لا يزال هو الذي يمنح الشرعية لأية حكومة في المنطقة، ولا يزال المسجد الأقصى هو عنوان الهوية الإسلامية.

-بصفتكم ممثل لحركة الجهاد الإسلامي في لبنان، كيف تقيّمون وضع اللاجئين فيه، ولا سيما في ظل الحديث عن خلاف داخلي حول إقرار حقوق الشعب الفلسطيني؟

-شعبنا الفلسطيني يعيش في لبنان أوضاعاً مأساوية بالغة الصعوبة، وهو محروم من حقوقه في العمل والتحرك بحرية والتملك وحتى التوريث.  وهناك ضغوط كبيرة تمارس من قبل الأطراف الدولية وبعض الدول العربية من أجل فرض التوطين على شعبنا.  لكننا نقول إن كل هذه المحاولات إنما تهدف إلى إراحة الكيان الصهيوني ومحاولة لشطب الثقل الأخلاقي عن كاهل المجتمع الدولي والعدو على حساب شعبنا وحقنا في أرضنا. ونحن نقول إن شعبنا الفلسطيني، وخاصة في لبنان، لن يقبل ولن يرضى عن وطنه بديلا، أياً تكن المعاناة التي يتحملها.. وهو الشعب الذي أثبت في كل المناسبات تمسكه بحقه في أرضه، بما لا يملك أحد التكشيك فيه.  لكننا نرى أن منع حقوق شعبنا الاجتماعية والإنسانية بل والسياسية هي خدمة لمشاريع التوطين لأنها تهدف إلى دفع شعبنا إلى اليأس والإحباط والقبول باملاءات تنقذه من المأساة التي يعيشها، وعلى هذا يراهن المراهنون.