خبر الموعد الثاني..هآرتس

الساعة 08:58 ص|30 يونيو 2010

 بقلم: الوف بن

حكومة نتنياهو تتصرف كسفينة علقت في قلب البحر دون وقود. لا تزال لا تتعرض لخطر الغرق ولكن دون قدرة على التقدم. كما انه لا يوجد الى اين تفعل ذلك: في ظل غياب هدف او اتجاه واضحين، فان رئيس الوزراء يتمترس وراء سياسة الجلوس في المكان. مكانته السياسية متينة، احد في حزبه او في المعارضة لا يهدد حكمه. بين الحين والاخر تقع عليه ازمة، مثل ما في قضية الاسطول، ولكن بشكل عام الحياة طيبة. بعض التجميد، بعض الاستيطان، بعض الشقاق وبعض المصالحة مع براك اوباما والزمن يمر دون التنازل عن ملمتر واحد في الضفة الغربية.

        بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان ينشغلان بجدال يرمي الى تبرير السيطرة الاسرائيلية المتواصلة على المناطق. رسائلهما تذكر بالاعلام الاسرائيلي في عهد غولدا مائير وابا ايبان: المستوطنات ليست سبب النزاع، الفلسطينيون يحرضون ويؤيدون الارهاب، اسرائيل تكافح ضد "حملة نزع الشرعية" التي غايتها هي تفكيكها واعادة يهودها الى بولندا والمغرب.

        ليبرمان عرض الاسبوع الماضي امام الصحافيين رسالة الدكتوراة التي كتبها محمود عباس في جامعة لومومبا في موسكو، والتي حاول فيها الرئيس الفلسطيني المستقبلي تقزيم حجوم الكارثة. ووضع ليبرمان الكتاب على الطاولة وقال ان عباس شبه في رسالة الدكتوراة خاصته الصهيونية بالنازية، وشخص كهذا ليس شريكا.

        نتنياهو استعرض في خطابه الاخير في الكنيست السجل التاريخي لنزع الشرعية، التي يقودها على حد قوله ايران، اليسار الاوروبي وبروفيسوريون راديكاليون من اسرائيل. هذه الحملة بدأت، على حد نهج نتنياهو، في مؤتمر ديربن في 2001 وتواصلت منذ ذلك الحين. بمعنى، ليست سياسة نتنياهو هي المذنبة في موجة العداء لاسرائيل. وسلفاه ايضا ارئيل شارون (الذي يعتبره نتنياهو في نظرة الى الوراء يسارا) وايهود اولمرت اللذان تنازلا، او اقترحا التنازل، عن اراض اصطدما بمطالب قانونية وقرارات معادية في المؤسسات الدولية. استنتاج نتنياهو بسيط: لا يمكن لاي مسيرة سياسية أن تساعد اسرائيل أمام الاعداء الذين يتآمرون على ابادتها، ولن يفعل ذلك سوى التراص الداخلي والموقف المصمم.

        خسارة ان نتنياهو ينشغل جدا في الماضي لدرجة أن ليس له الوقت لان ينشغل في المستقبل. ما هي رؤياه؟ أي نوع من الدولة ستكون اسرائيل؟ ماذا ستكون حدودها؟ ماذا سيكون مكانها بين الامم؟ ولعله لا يهمه، طالما انه هو سيبقى في الحكم والمستوطنات ستبقى في مكانها؟ بالفعل دعاية. السياسة ليست فقط المنافسة والجدال ضد السلطة الفلسطينية. السياسي يفترض به أن يقود، أن يتصدر، ان يشق الطريق، وليس فقط أن يحذر من المخاطر ويشهر بالخصم، مثلما يفعل رئيس الوزراء.

        الان توجد لنتنياهو الفرصة للاصلاح، الموعد الثاني في امتحان الزعامة. يوم الثلاثاء القادم في البيت الابيض، سيسأله اوباما الى اين يسعى. اذا كان نتنياهو يسافر كي يروي له بانه لا يوجد هناك مع من يمكن الحديث ولا يوجد ما يمكن الحديث فيه، وان عباس يتنكر للكارثة والبروفيسوريين اليساريين هم العدو، فمن الافضل له أن يبقى في البيت وان يواصل سلوكه العابث حتى الازمة التالية. اما اذا كان في رغبته ان يتحرك، فلديه فرصة استثنائية. ليس للادارة الامريكية فكرة عن كيفية التقدم في المسيرة السياسية ومنع حرب جديدة في المنطقة. الزعيم الفهيم، مثل بن غوريون، بيغن، رابين او شارون في حينهم، يعرف كيف يستغل مثل هذه الاوضاع كي يقرر جدول الاعمال ويقود الاحداث، بدلا من ان يكون مقودا وموضع ابتزاز.

        بدلا من اقتباس التصريحات المعادية من أرشيف م.ت.ف على نتنياهو ان يعرض على اوباما فكرة عملية، وان يغلفها برسالة قابلة للاستيعاب. صيغته الحالية، "دولة فلسطينية مجردة الى جانب الدولة اليهودية" تثير التثاؤب. في مساق التسويق يحصل المرء على علامة راسب لقاء رسالة لجوجة ومعقدة كهذه. اين هذا واين "السلام"، "نهاية النزاع" و "فك الارتباط" لاسلافه، الذين اثاروا انفعال الجمهور وأمالوا حكومات العالم الى جانب اسرائيل؟

        نتنياهو في ذروة قوته السياسية، ويمكنه أن يختار من لائحة جاهزة: دولة فلسطينية في حدود مؤقتة، مفاوضات لتسوية دائمة، سلام مع سوريا. فقط اذا ما قرر، ولم يتراجع فورا على عادته، فان اوباما سيسير معه وسيعطيه الاسناد. ولكن نتنياهو لا يبدي حاليا بوادر التغيير. وعليه، فانه يسير الى الوراء، الى عهود اسحق شمير ومساعيه لكسب الوقت. من المجدي ان يصحو وان يستغل الفرصة النادرة التي وقعت امامه – إذ ربما لن يكون له موعد ثالث.