خبر نضال آخر مثبط -هآرتس

الساعة 09:35 ص|29 يونيو 2010

نضال آخر مثبط -هآرتس  

بقلم: ميراف ميخائيلي

(المضمون: برغم مظاهر الاحتجاج الكثيرة في اسرائيل في جميع مجالات الحياة لا تغير الحكومات الاسرائيلية سياساتها برغم تملقها للجمهور - المصدر).

عندما نشر أن عائلة شليت ستسير الى القدس، كانت أول فكرة عندي هي: "ليسلموا في الطريق على فيكي كنفو". بيد أنه في اسرائيل ما اعتقدت انه تهكم مر يصبح في ثوان واقعا ساخرا مدمرا. فقد علم قبل أن أبدا الكتابة ان كنفو ستنضم الى المسيرة.

ممتاز. لكنفو تجربة لمسيرات الاحتجاج العادلة، التي تأتي من الشعور واشتياق القلب، ولا تبلغ أي مكان. قيل في أحد التقارير الصحفية، إن مقربين ذكروا نوعام شليت بـ "التأثير الكبير الذي كان للمسيرة التي قامت بها فيكي كنفو، قصدا على مناضلة الاقتطاع من مخصصات الأمهات بلا أزواج. ومن المثير أن نعلم هل ذكروه بأن المخصصات بقيت مقتطعة، وأن وضع الامهات بلا أزواج وسائر البؤساء والبائسات الذين انضموا الى الاحتجاج بقي سيئا جدا، وان كنفو نفسها تعتاش اليوم بصعوبة من أجرة جوع ومخصص صغير.

        من المعتاد الشكوى في اسرائيل من أن الجمهور غير مكترث، ولا يفعل شيئا، ولا يخرجه شيء الى الشوارع. حالة غلعاد شليت تبين مبلغ عدم صحة ذلك: ففي أربع سني كون الجندي في الأسر تم ما لا يحصى من الاحداث، ومظاهرات التأييد والحملات الدعائية في كل مكان في البلاد تقريبا، وفي كل فئة عمر تقريبا وفي كل وسط اجتماعي اقتصادي.

        يخرج الجمهور في اسرائيل للمظاهرات في جميع مجالات الحياة: لتأييد السلام، وعدم العنف، والانسحاب من لبنان، والاحتجاج على حصار غزة بعقب الأسطول البحري، واقامة لجنة تحقيق، ومنع الانفصال، وتمويل أدوية مضادة للسرطان، وظروف عيش للناجين من الكارثة، واعتراضا على طرد أبناء العمال الاجانب، وطلبا للخبز والعمل؛ ومقاومة لقطع الاشجار، ولانقاذ الغدران، ولمقاومة الهوائيات للهواتف المحمولة؛ ولتحرير من رفض طلاقهن، وفي مقاومة صفقة المحكمة مع موشيه كتساف، بل لمظاهرة ضخمة في ميدان رابين من أجل التعليم.

        في جميع هذه المجالات وفي غيرها توجد روابط ومنظمات تعمل عملا نشيطا كل يوم. تعمل آلاف المنظمات في تقديم أفكار وموضوعات ترمي الى تحسين حياة الفرد والدولة – باقامة أطر عناية ومساعدة وتعاون، وزيادة الوعي، والبحث، وجمع المعلومات ونشرها والعمل في تغيير القوانين.

        بيد أنه لا تكاد واحدة منها تنجح في التأثير في سياسة الحكومة وتغييرها. وذلك لأن شكوى مقبولة أخرى من أن الساسة والحكومات غوغائية، وتخضع للرأي العام وتتخذ قرارات لارضاء الجمهور، بعيدة من الصحة.

        إنهم يوهمون بالعمل. فهم يتحدثون في الموضوع، كما في التربية مثلا، التي هي الان الموضوع الساخن للانتخابات المقبلة. لكن في الواقع لا يتغير شيء. بعد مظاهرة التربية الكبيرة أصدروا جزئيا ما يسمى "أفقا جديدا"، لكن لم يحدث تغيير عميق حقا للاستثمار في التربية ومستواها.

        يعملون أحيانا عملا محليا كاقامة لجنة تحقيق أو الانفاق على دواء معين. لكن السياسة لا تتغير: فاستنتاجات لجان التحقيق لا تطبق، والنفقة الخاصة على الصحة ما زالت في ارتفاع، وتستمر مطاردة الاجانب في موازاة الاتيان بأجانب آخرين، والزواج في غير المؤسسة الحاخامية أحلام يقظة، وما تزال البيئة مشاعا للبناء والتلويث. بل لم ينجح المستوطنون في ثني اريئيل شارون عن الانفصال.

        يخيل الي ان الشاذ من ذلك هو الانسحاب من لبنان الذي حدت عليه بقدر كبير "الامهات الاربعة". لكن أخواتهن من "حاجز ووتش" أو أبنائهن من "نكسر الصمت" وجميع الآخرين الذين يحاولون انهاء الاحتلال، والتعايش واتفاق سلام يفشلون فشلا ذريعا. فحكومات اسرائيل كما في جميع الموضوعات الاخرى تبنت الكلام على اتفاق وعلى دولتين، وبهذا ثبطت في واقع الأمر نضالا حقيقيا للسياسة المعاكسة تماما التي ما تزال تديرها.

        منذ سنين والحكومات ورؤساؤها يتظاهرون في مواجهة كل نضال اجتماعي بالمشاركة او الخضوع، ويتبنون الكلام ولغة النضال، وبهذا يجعلونه عقيما ويستمرون في أهوائهم. هذا أمر جعل الجمهور والمجتمع في اسرائيل ويجعلهما ضعفاء عاجزين في واقع الأمر. من هذه الجهة لا يهم هل أنت امرأة من حاشية المجتمع، رفض بنيامين نتنياهو لقاءها وأرسلها للاستمرار على حياة الفقر، أو رجل من أفضل أبنائنا، التقاه نتنياهو فرحا لكنه لم يرد عليه ابنه.