خبر تصاعد التوتر مجددا بين القاهرة و« حماس »

الساعة 08:10 ص|28 يونيو 2010

 

تصاعد التوتر مجددا بين القاهرة و"حماس"

فلسطين اليوم-وكالات

قالت القاهرة أمس إن نقل نصب الجندي المجهول المصري في خان يونس يعتبر استفزازا لمصر رسميا وشعبيا، واتهمت حماس بزيادة الأمور اشتعالا ومحاولة التخلص من أعباء المصالحة.

وفي تصريحات نقلتها "الشرق الاوسط" اليوم الاثنين، وصف الناطق الرسمي باسم الخارجية المصرية حسام زكي، ردود فعل حركة حماس على تصريحاته التي انتقد فيها الحركة أمس بـ"الانفعالية والمرتبكة"، مشيرا إلى أن "بعضهم لا يريد الفهم.. والبعض الآخر يتابع ما يحدث بسعادة وربما يريد أن يزيد الأمر اشتعالا"

وأثار إزاحة نصب الجندي المجهول الذي يخلد جنودا مصريين وسط مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، قبل يومين، جدلا وانتقادات فلسطينية واسعة.

لكن بلدية خان يونس أوضحت أن الإزاحة تأتي في إطار إعادة وتأهيل "ساحة الشهداء" وسط المدينة.

وكان مدير عام بلدية خان يونس المهندس محمد الأغا أكد أن طواقم البلدية العاملة في الميدان قامت وبعد دراسات ومشاورات مستفيضة مع دوائر البلدية المعنية بالأمر بأعمال نقل للنصب التذكاري المعروف بـ"الجندي المجهول" والواقع في متنزه البلدية القديم في مركز المدينة.

وأضاف الأغا أزحناه لمسافة لا تتعدى عشرة أمتار عن مكانه لتحسين ساحة الجندي المجهول ليتوسط الساحة.

لكن مع هذا التوضيح فإن ما أثار الجدل أن من ضمن مخططات البلدية إقامة معلم تذكاري "تخليدا لشهداء خان يونس في مجزرة سنة 1956". ويعتقد أن هذا هو السبب المباشر لإزاحة نصب الجندي المجهول.

وبينما سربت حركة "حماس" أمس تقريرا يتهم مصر والرئيس الفلسطيني بإفشال جهود لجنة المصالحة، نفت حركة "فتح" أن يكون الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد تراجع عن اتفاق مع وفد المصالحة الرئاسي بخصوص توقيع ورقة تفاهمات بين الحركة و"حماس"، قبل توقيع الورقة المصرية، بعد ضغوط من مصر.

وقال الناطق الرسمي للخارجية المصرية في تصريحات للمحررين الدبلوماسيين صباح أمس بمقر وزارة الخارجية في القاهرة تعليقا على المواقف الصادرة أمس من أعضاء في حركة "حماس" حول الموقف المصري من جهود المصالحة، "الوضع ليس جيدا.. هم يتبعون منهج شخصنة الأمور.. ويخطئ من يظن أن تلك الأمور تؤخذ بشكل شخصي.. وإمعان البعض من حركة حماس في استخدام هذا الأسلوب عقيم بخلاف أنه مرفوض".

وردا على استفسار بشأن الموقف المصري من الأنباء التي تتحدث عن أن حركة "حماس" في غزة بصدد نقل النصب التذكاري للجندي المجهول المصري في خان يونس من مكانه، قال المتحدث الرسمي "إننا نأسف بشدة على مثل هذا السلوك. هذا التصرف يعكس استخفافا كبيرا وغير مقبول بذكرى الشهداء المصريين الذين قضوا في فلسطين ورووا بدمائهم الطاهرة أرضها. هذا الأمر يذهب في استفزاز مصر رسميا وشعبيا إلى مدى بعيد، ولا أعتقد أن هذا في صالحهم".

وحول موضوع المصالحة الفلسطينية قال الناطق الرسمي إن "التطورات الأخيرة وبعض التسريبات الإعلامية كشفت عن الإشكال الحقيقي، وهو أن البعض يريد أن يدخل مصر في لعبة تحميل مسؤوليات حول توقف جهد المصالحة، فحماس تريد التخلص من هذا العبء الكبير؛ عبء تحمل مسؤولية فشل المصالحة الذي تحمله منذ نهاية العام الماضي. هذا هو الموضوع".وكشف الناطق الرسمي عن أن "ما طرح خلال زيارة أمين عام الجامعة العربية إلى غزة في موضوع المصالحة تم تقييمه ودراسته من جانب مصر بشكل دقيق، وتبينا أن تلك الأفكار تفتح مسارا جديدا للحوار عن شيء جديد اسمه التفاهم حول المصالحة ويفترض أن ينتج عنه وثيقة جديدة. بمعنى أن يفتح مسار بين حركتي فتح وحماس غير محدد المدة وغير واضح المعالم لاستمرار حوار بشكل ما بين الحركتين وتستمر بالتوازي معه الأمور على حالها في قطاع غزة، بعد التوقيع الشكلي على الوثيقة المصرية. وهذا يفرغ مرجعية وحجية الوثيقة من مضمونها بل ويضعها على الرف".

وأضاف: "أما المنهج الذي تقول به مصر فهو أن يتم التوقيع أولا لإثبات حسن النوايا. وعند التنفيذ يتم أخذ كل ملاحظات الفصائل في الاعتبار. وهناك فارق كبير بين المنهجين. أما بقية التفاصيل فهي تخص الفصائل ذاتها وأعني هنا مثلا موضوع تشكيل حكومة التكنوقراط بعد التوقيع على الوثيقة. فقد وافقت عليها حماس اخيرا وهو يقرب المواقف من بعضها. وهذا أمر يسعدنا. هذا بالإضافة إلى أن الأفكار التي يشار إليها تتحدث بشكل واضح عن سعي لاستبدال الدور المصري. ونحن نعلم من يسعى لهذا".

وأكد الناطق الرسمي على أن "مصر ترفض بشكل قاطع الدخول في لعبة تحميل المسؤوليات. وهي لا تريد الانزلاق إلى مثل هذه الأمور على الإطلاق. أما محاولات التشكيك في التصريحات، وأن ينقل فلان عن فلان، أو تسريب إلى صحيفة هنا أو موقع إخباري هناك فهذه الأساليب مكشوفة ولن تحقق شيئا يذكر، ولن تدفع بالأمور إلى الأفضل بل العكس. وأنصح حركة حماس مجددا بعدم اللجوء إلى تلك الأساليب لأنها لن تفيد سوى في المزيد من التوتير والابتعاد عن إنجاز المصالحة بدلا من تحقيقها كما نريد جميعا".

وكانت حركة "حماس" سربت أمس تقريرا قالت إنه يدور عن أسباب "تعثر المصالحة الفلسطينية"، متهمة مصر والسلطة الفلسطينية بإجهاض جهود المصالحة ونسبت فيه إلى من سمته "مصدر فلسطيني مطلع شارك في اجتماعات لجنة المصالحة التي شكلها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس"، قوله إن الأمور كانت في طريقها إلى الانفراج والاقتراب من اتفاق ينهي حالة الانقسام، لولا اصطدام الجهود بعقبة الرفض المصري وبتراجع رئيس السلطة عن تفويضه لهذه اللجنة.

ويقول المصدر في هذا التقرير "إن اللافت في الأمر كان ما حدث بتاريخ 5/6/2010، عندما صدر قرار من رئيس السلطة محمود عباس قبل زيارته المعلنة إلى الولايات المتحدة الأميركية، بتشكيل وفد مكون من أعضاء اللجنة التنفيذية وممثلي بعض الفصائل وشخصيات وطنية، تكون مهمتها بحسب نص القرار العمل على تذليل العقبات والعوائق التي تحول دون توقيع وتطبيق الوثيقة المصرية المتعلقة بالمصالحة الوطنية".

وقال التقرير إنه بعد أيام من مجزرة أسطول الحرية (نهاية الشهر الماضي) صدر قرار من رئيس السلطة، قبل زيارته المعلنة إلى أميركا بتشكيل وفد يرأسه رجل الأعمال (الفلسطيني) منيب المصري، للعمل على تذليل العقبات التي تحول دون توقيع الوثيقة المصرية المتعلقة بالمصالحة الوطنية، يضم ستة عشر عضوا بينهم خمسة من قيادات "فتح"، وعدد من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وعدد آخر من الشخصيات المستقلة، بحيث يقوم الوفد بمهامه الموضحة في القرار خلال أسبوعين من تاريخه.

وقال التقرير إنه بتاريخ 10/6/2010، عقد وفد المصالحة اجتماعه الأول في رام الله بحضور تسعة من أعضاء الوفد، وغياب الآخرين من بينهم الممثلون عن حركة "فتح" لأعذار مختلفة، وأضاف أن موقفا من مهمة الوفد طرأ على موقف عباس، بعد عودته من القاهرة.

ونسب التقرير إلى منيب المصري قوله إن "الموقف المصري مثلما كان دائما، يجب توقيع الوثيقة من جانب الجهة المعنية، حماس، كما وقعتها فتح.. لا استعداد لدينا للسماح بأي تعديلات لهذه الوثيقة مهما كان شكل هذا التعديل، سواء تعديل مباشر بتغيير الصياغات أو حتى إضافات عليها في صورة ملحق"، وقال التقرير إن هذا الموقف يتطابق مع موقف رئيس السلطة.

وتابع قائلا إنه في اليوم ذاته، وفي اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير برئاسة عباس فاجأ الحضور - ومنهم من هو عضو في وفد المصالحة - بالقول إنه طرح على مصر ما أوكله إلى الوفد من مهمات، لكن الرد المصري كان حاسما بالرفض القاطع وأن المطلوب أولا هو توقيع الورقة. ونسب لعباس قوله "لا أستطيع أن أغضب مصر".

وتحدث التقرير عن مساعي الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وقال إنه بالتوازي مع مساعي وفد المصالحة المكلف من عباس، كان موسى يسمع مقترحا من رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة إسماعيل هنية في الاتجاه ذاته، مضمونه أن يجري التفاهم الفلسطيني - الفلسطيني حول القضايا الخلافية ويتم توقيع الفصائل على هذه التفاهمات بمباركة مصرية (وعربية إن أمكن) وبعد ذلك يتم توقيع الورقة المصرية، حيث تصبح الورقة المصرية والتفاهمات الفلسطينية هي مرجعية عملية للمصالحة الفلسطينية.

وقال إن موسى اعتبر فكرة التفاهمات الفلسطينية مخرجا لعقدة المصالحة وقد أرسل مقترحا منه يرتكز على هذه الفكرة إلى دول عربية.

وتابع التقرير قائلا: "الملفت هنا، هو موافقة الرئيس المصري حسني مبارك على مقترح عمرو موسى حسب ما ذكره عباس في اجتماع تنفيذية المنظمة، وفقا لمحضر الاجتماع". وأضاف أن محضر الاجتماع هذا ورد فيه أن "حسني مبارك وافق على رسالة عمرو موسى، وكذلك أنا (عباس) وافقت". وقال التقرير إن هذا ما يتعارض مع تصريحات أبو الغيط والتي قال فيها "نرى أن هناك الكثير من التقارير الخاطئة التي نشرت عن عملية المصالحة وهي لا تعكس الموقف المصري".

ولفت التقرير إلى أنه بعد هذه المعلومات، أصبح واضحا أنه وخلال أسابيع قليلة، تم إجهاض جهود المصالحة سواء جهود الوفد الذي شكل بقرار من رئيس السلطة محمود عباس، وعاد وتنصل منه بعد زيارته للقاهرة وواشنطن، وجهود عمرو موسى بناء على مقترحات إسماعيل هنية، وتنصلت منها القاهرة، وتبعها عباس، على الرغم من تأكيده أن مبارك نفسه قد وافق عليها.

وقال التقرير، بعد كثير من التفاصيل، إن وفد لجنة المصالحة برئاسة منيب المصري التقى محمود عباس يوم السبت 19/6/2010 مساء، وبعد نقاش مطول معه، تراجع عباس عن المهمة التي كلفت بها لجنة تذليل العقبات، وحصر مهمة الوفد بإقناع "حماس" والضغط عليها لتوقيع الورقة المصرية، أولا وقبل كل شيء