خبر الجمهور غبي ولهذا يدفع الثمن- هآرتس

الساعة 10:50 ص|27 يونيو 2010

الجمهور غبي ولهذا يدفع الثمن- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: الجمهور الاسرائيلي غارق في عدم الاكتراث بحيث لم يعد يسائل القادة الاسرائيليين فيما يقولون وأصبح يقبل الدعوة والدعوة المضادة بلا مساءلة - المصدر).

        يوجد على الأقل اسرائيلي واحد خلص الى استنتاج أن الرأي العام في اسرائيل غبي. هذا الشخص هو رئيس الحكومة.

        اذا كان بنيامين نتنياهو يظن، أنه يستطيع طوال السنين ان يقول للاسرائيليين إن حصار غزة ضرورة أمنية، ومصلحة اسرائيلية، ووسيلة لاسقاط حماس ووصفة مجربة لاطلاق جلعاد شليت، ويستطيع في يوم آخر ان يزعم العكس بالضبط وهو أن ازالة الحصار بخاصة مصلحة اسرائيلية، ووسيلة لاضعاف حماس ووصفة لاطلاق جلعاد شليت – فان نتنياهو يعتقد بذلك أن الجمهور غبي (حتى لو كان مكتبه يزعم الان أنه كان في الأصل معترضا على الحصار. لكنه لم يفعل شيئا بطبيعة الأمر لازالته).

        اذا كان الجمهور يقبل بعدم اكتراث مخيف وبطاعة عمياء كل الدعاوى الاولى لنتنياهو ويسارع على نحو آلي ايضا الى تبني عكسها المطلق، فان رئيس الحكومة صادق في استنتاجه. واذا كان الجمهور لا يشعر حتى بالاهانة لهذه العلاقة المذلة والمستخفة والمتعالية لرئيس حكومته به، فان تلك في الحقيقة "صدمة للدولة".

        انظروا ماذا تستطيع أن تفعل سفينة تركية ضعيفة واحدة. إن ازالة جزئية للحصار عن غزة – جزئية، لأن أبواب التصدير مغلقة وما زال مليون ونصف مليون من البشر مسجونين – عرضتنا بمرة واحدة لسلسلة استنتاجات تثير كآبتنا، عن أنفسنا. والأشد اثارة للكآبة منها كلها أنه لا يوجد رأي عام ولا توجد حكومة في اسرائيل. هذه دولة تصادر أملاكها، وقرارتها السياسية تتخذ خارجها. فمن خطبة بار ايلان، الى تجميد البناء في المناطق، واقامة لجنة تحقيق لاحداث القافلة البحرية (بل تكوينها) حتى تخفيفات الحصار – كلها قرارات مستوردة من انتاج امريكا. بل إن مصير "حديقة الملك" في الشيخ جراح سيبت في قسم حماية البيئة في وزارة الخارجية الامريكية.

        لهذا من يشكونا ممن يتوجهون الى الخارج، ويحاولون زعزعة اسرائيل بواسطة عناصر دولية، اولئك الذين يعرفون بأنه "خونة"، يحسن أن يتذكروا أنه لا يوجد عنوان آخر: فاسرائيل تبرهن بأفعالها على أن مصيرها سيبت في الخارج فقط.

        برهنت اسرائيل هذا الاسبوع ايضا مرة أخرى على أن القوة هي لغتها الوحيدة. كان يجب ازالة الحصار منذ زمن، وأن تعرض ازالته على أنها مبادرة اسرائيلية جريئة، واستجابة انسانية لحاجات السكان في غزة، واعلان نيات ايجابيا، وكان يمكن بذلك أيضا حشد تأييد في الرأي العام العالمي والفلسطيني. لكن لا، نحن لا نسقط الحصار إلا إذا أرغمونا. وعندما أرغمتنا أمريكا، ما كان يمكن قبول ذلك إلا كانطواء اسرائيلي مخز. وهنا مرة أخرى الرسالة نفسها لاصدقائنا وأعدائنا: بالقوة فقط. أرسلوا قافلة بحرية أخرى نصف عنيفة كي تزداد التخفيفات أكثر. ومهما يبد الأمر مثيرا للقشعريرة نقول إن عدة رشقات فقط من صواريخ القسام ستساعدنا على تذكر وجود غزة. وفوق كل شيء: في اليوم الذي يقرر فيه رئيس الولايات المتحدة انهاء الاحتلال الاسرائيلي، سيسقط الاحتلال.

        يتقبل الجمهور أيضا وكأن ذلك مفهوم من تلقاء نفسه، أن عنده رئيس حكومة لا يحدثه بالصدق أبدا. لم يوجد رئيس حكومة كنتنياهو في عدم الكشف عن رأيه. ما الذي يعتقده في الحقيقة في الحصار؟ أهو ما قاله أمس؟ أهو ما يقوله اليوم؟ أكان حيويا؟ أأنه لم يكن كذلك؟ أأنه كان مجديا؟ أم مضرا؟ ولا يطلب منه أحد أيضا أن يقول شيئا سوى خبرائه الامريكيين. إن الجمهور غبي، وليغفر لي هذا التعبير، لأنه يقبل كل شيء. أحصار؟ ليكن حصار. لا حصار؟ فليكن. قالوا له حتى أمس إنه لا يوجد حصار، ويقولون له اليوم إن الحصار أزيل؛ كل شيء يجوز. كل شيء يجوز في مجتمع غرق في عدم الاكتراث وكأنه غارق في سبات.

        أيمكن أن يكون أسوأ من ذلك (بيقين). ما يزال يوجد هنا جيل يذكر فترات أخرى، كانت فيها زعامة وكانت معارضة وبديل واضحان، على العكس من اليوم؛ أيام تمت فيها حوارات عقائدية لا كاليوم؛ وجرى فيها احتجاج مدني، لا كاليوم. إن الجيل القادم لن يعرف كل هذا. فهو يتغذى على صحف القطار والتلفاز الغبي، وسيبدو الطلب الى الزعماء أن يقودوا والى الساسة ان يقولوا الحق، في القريب وكأنه مأخوذ من كتب تاريخ يعلوها الغبار.

        أربما لا يوجد شر بغير خير الذي تجتاز فيه شاحنات محملة ببضائع اسرائيلية المعابر سيخرق أيضا الحصار التفكيري الذي حكمنا به على أنفسنا. أربما، ونحن يائسون من تضليل نتنياهو نبدأ آخر الأمر في سؤال: الى أين؟ ولماذا؟.