خبر « ضاق العالم بنا ذرعا »..يديعوت

الساعة 08:57 ص|25 يونيو 2010

لقاء صحفي مع الوزير الاسرائيلي بن يمين بن اليعيزر

بقلم: اريئيلا رنغل - هوفمان

هو في الرابعة والسبعين، أكبر أعضاء الكنيست سنا، وأكبر الوزراء سنا. 26 سنة في السياسة الاسرائيلية، بعد سبع حكومات عمل فيها وزيرا – واشتمل ذلك على وزارة الدفاع في أوجه الانتفاضة الثانية. يعد منذ سنين أقوى رجل في حزب العمل، ورجل سر رئيس الحزب، ومقربا من رئيس الحكومة ومصاحبا مفضلا لرئيس الدولة في أسفاره في الخارج. وبحسب شهادته: "لم تكن اسرائيل قط في وضع صعب كما هي اليوم". ولم يكن هو نفسه قط "قلقا الى هذه الدرجة ومتشائما أيضا".

        يأتي وزير الصناعة والتجارة والسياحة الى اللقاء في المكتب بعد يوم مليء بدأ في السادسة صباحا، وما زال في ساعات المساء المتأخرة في القدس، حاضرا للدعوة للتصويت في الكنيست في اطار التدبير الذي نظمته المعارضة. لا يحب هذا ولا "يدرك لماذا نشغل أنفسنا بهذه السخافات، ومتى سيرتفع شخص ما عدة طبقات الى أعلى وينظر حوله، ويحاول ان يفهم كيف بلغنا المكان الذي نحن موجودون فيه وكيف نخرج منه".

- ماذا يعني؟

+ "أننا لا نفرض حصارا بل نحن موجودون في حصار. في عزلة مطلقة، في وضع ضاق به العالم الكبير بنا ذرعا. ضاق ذرعا باستماع تفسيراتنا، والعطف على أزماتنا حتى لو كانت حقيقية، وتفهمنا. لم يعد العمل ينجح. بعد 43 سنة، لم يعد أحد يريد أن يسمع بعد تفسيرا لماذا يستمر هذا الاحتلال، وكيف لا يوجد من نتحدث اليه ونتوصل الى اتفاق آخر الأمر".

- أويوجد من يتحدث إليه؟

+ "لنا مشكلة الشريك، هذا صحيح، ولهذا أيدت في السنين الاخيرة ايضا اطلاق مروان البرغوثي الذي قد يكون قاتلا لكنه شريك قوي اذا وقعنا معه اتفاقا فسيكون لهذا الاتفاق فعل".

- وهو ما يزال في السجن.

+ "أجل. اذا لم نطلقه فانه يجب اذن ان نتحدث الى من هو موجود. لا نستطيع اختيار قادتهم، ولا نستطيع ايضا أن نتباكى طول الوقت أنهم يطلقون النار علينا ويتسلحون لمواجهتنا ويهددوننا".

        استطاع في السنة ونصف السنة الاخير أن يزور نصف العالم ويستمع أيضا ما يقولونه عن اسرائيل. كان في باريس وسمع وزير الخارجية الفرنسي يبين له "أن هذا الوضع لا يمكن ان يستمر على هذا النحو". والتقى المدير العام لاحدى الشركات الكبرى الذي أبلغه "قرار مجلس الادارة على قطع العلاقات باسرائيل". وسمع من وزيرة رفيعة المستوى في السيد إن "اسرائيل دولة فصل عنصري". وسافر مع رئيس الدولة الى كوريا الجنوبية، وكازاخستان وأذربيجان. وكان في تركيا، والتقى رئيس الحكومة التركي ورئيسهم. "كان ذلك في الحقيقة قبل أن استولت اسرائيل على السفينة، لكن بعد أن نشأت الأزمة وبعد أن قمنا بعدد من الحماقات".

        زار مصر ثلاث مرات مع رئيس الحكومة. وجلس معه في محادثات مع الرئيس مبارك. وكان في الدوحة أيضا عاصمة قطر في ذروة قضية الاسطول البحري. جلس في أحد المنتديات الاقتصادية الكبرى ورأى على شاشات التلفاز الضخمة، التي جعلت في حيطان القاعات والأروقة الجنود الذين يهبطون على الحبال على السفينة التركية، والجرحى والقتلى. رأى وسمع كيف يندد العالم كله باسرائيل، وقبل أن استطاع أن يدرك ما حدث بالضبط هناك، وجد نفسه مضطرا للدفاع عن اسرائيل، ولبيان لماذا اضطر سلاح البحرية الاسرائيلي الى وقف السفينة في عرض البحر. بعد ذلك من الفور ضم القطريون اثنين او ثلاثة من الحراس الملازمين الاخرين الى اولئك الذين كانوا ملازمين له أصلا، وهكذا جال هناك، محاطا بسبعة رجال في جلابيب بيضاء، صحبوه من عدسة تصوير الى اخرى، الى ان قيل له على نحو لا يترك مجالا للشك إنه يحسن الصنع اذا عاد الى اسرائيل.

        "كانت هناك وفود اقتصادية من العالم كله. كان اولئك الذين تحدثوا الي مهذبين جدا ومؤدبين، لكن نظراتهم قالت كل شيء. من الغد، عندما نزلت للفطور، وقف على مبعدة عدة أمتار مني، بين البندورة والخيار مندوب رفيع المستوى جدا من أحد الوفود الغربية. قال فينا "جماعة من الحيوانات". حول العالم اتجاهه وما يزالون عندنا لا يدركون ذلك".

- أتتحدث عن رئيس الحكومة؟

+ "ليس وحده. فنتنياهو يأكل أيضا الثمار العفنة لسلفه. لقد أكلوا هناك، في هذه اللقاءات، وشربوا هناك، واحتضن بعضهم بعضا قبل وبعد، لكن لم ينتج ذلك شيئا، وعندما بلغ ذلك نتنياهو كان الوقت قد انقضى. حسم الأمر يجب الان بت الأمر".

- ماذا تقصد بـ "الان"؟

+ "الان. مشكلتنا المركزية، الوجودية هي ايران. وليست مشكلتنا وحدنا بل مشكلة الشرق الاوسط كله، والامر الخطير جدا أنه في هذه الايام حقا يصاغ امكان انشاء محور شر جديد يمر بايران والعراق وسورية وتركيا ولبنان. سيكون هذا خط تأييد يغذي الارهاب على اسرائيل ويدبر، بحكمة كبيرة، الحرب لسلبنا شرعيتنا. إن أمر الرحلات البحرية هذا، مثل مما يستطيعون طبخه".

- وصديقتنا الامريكية؟

+ "لن تستقيم مع احتياجاتنا. فاما ان نستقيم معها واما ان يسوء الامر جدا. هذه أول مرة في  تاريخ العلاقات بالولايات المتحدة يؤيدون فيها مطلب الرقابة على قدراتنا الذرية. هذه أول مرة والأمر خطره منقطع النظير".

- وهكذا نعود الى رئيس الحكومة.

+ "يجب أن يكف عن الخوف. فالائتلاف وراءه".

        لن يعود بوش

        "صحيح ان اليمين اختار نتنياهو"، يقول بن اليعيزر. "وصحيح أن الشعب بعامة ينحرف الى اليمين في السنين الاخيرة. وأنه ضاق ذرعا بالكلام، وبالفلسفات الكبرى، وبأوصاف كيف سيأتي السلام. يريد أن يرى أفعالا، وأمرا ملخصا في الميدان. واذا قاد نتنياهو مسارا للاتفاق مع الفلسطينيين، فان أكثر الشعب سيمضي وراءه. كما مضى بالضبط وراء شارون لاخلاء قطاع غزة. ماذا نفعل، إن مسارات كهذه يستطيع قادة اليمين فحسب قيادتها".

- وهل يستطيع نتنياهو؟

+ "يستطيع. وأنا أقول لك معلومات شخصية، بعد محادثات مع وزراء وأعضاء كنيست من الليكود، أنه سيكون له تأييد أيضا".

- وهل تؤمن بأنه سيفعل هذا؟ ويمضي لتسوية؟

+ "كما قلت. إنه يستطيع. والسؤال هل هو مبني لفعل ذلك".

- قل لي أهو مبني؟

+ "أتعلمين إنه مبني. والسؤال هل يريد ذلك".

- فمه؟

+ "هذا لا أعرفه. أنا أبني على سفره القريب الى الولايات المتحدة، واللقاء مع أوباما. ليست عنده خيارات كثيرة. فالامريكيون يتحدثون بلغة واضحة جدا".

- وأين أنت من هذا الشأن كله، وأنت الرجل القوي في حزب العمل، الذي يقولون عنه إن ايهود باراك بغير تأييده ما كان لينجح في ابقاء حزب العمل في الائتلاف؟

+ "أنا موجود. وأنا غير صامت. ما عندي أقوله لمن يجب طول الوقت".

- وماذا عن القيام بفعل؟ أن تطلب الى وزير الدفاع، رئيس حزبك أن يعرض انذارا؟

+ "من السهل أن ننهض ونغادر فقد فعلت ذلك من قبل. لكن السؤال أهذا هو الشيء الذي يصح فعله الان، واذا كان هذا أصلا ما يستطيع أن يهدده تهديدا حقيقيا ويفضي الى حل الائتلاف. يجب علينا الان نناضل، ونناضل الى أن نأتي به الى مائدة المفاوضات وإذا لم يحدث فسنخرج آنذاك".

- بأي جدول زمن؟

+ "عاجل جدا".

- ماذا يعني هذا؟

+ "لا أريد هنا أن أسمي أجلا، لكن من الواضح أنه يجب ان يحدث حتى نهاية السنة. فبعد ذلك سيدخل الجميع أصلا دوامة الانتخابات المقبلة".

        إن ما يجب ان يحدث بعد على حسب ما يرى بن اليعيزر، من أجل تقديم مسيرة السلام، هو ضم كاديما الى الائتلاف. "لا مناص، يجب أن يحدث هذا". يرفض بن اليعيزر الأقاويل التي تقول إنه قد أصبح يرى الهدف الآتي – أي ديوان رئيس الدولة بعد نهاية ولاية بيرس، وأن ضم كاديما سيعيد الى المنصة عضو الكنيست داليا ايتسك، التي يوجد هذا المنصب في برنامج عملها ايضا. "إن المطروح في جدول العمل ليس مستقبلي. بل مصير الدولة"، يقول، "ولا يستطيع كاديما النظر متنحيا كيف تتدهور هذه الدولة الى الهاوية. إن تسيبي لفني ليست لاعبة احتياط يدخلونها الملعب عندما تدخل الاهداف في سل الفريق. لتنزل الى الشعب ولتسمع الاصوات. اليوم توجد الدولة على خطر ويجب عليها ان تدخل بلا أي شرط".

- بلا شروط؟

+ "أصرف انتباهها الى ما فعله مناحيم بيغن عشية حرب الأيام الستة. فقد انضم الى الائتلاف من غير أن يطلب حقيبة وزارية واحدة. وهذا بالضبط ما أتوقعه منها. أن تقول: أنا أدخل وشرطي واحد ووحيد هو تقديم التفاوض مع الفلسطينيين".

- أحادثتها في هذا؟

+ "بيقين. المشكلة أن كل واحد ينطوي على نفسه في ركنه. أتوقع منها أن تقوم بمبادرة، وألا تنتظر دعوة خاصة، وأن  تنضم".

- السؤال هل ينتظرها نتنياهو أصلا؟

+ "قد تكون ثمة صعوبة. لكن نتنياهو يدرك ان العالم لم يعد يقبل تصور ضفتي الاردن، ولا يستطيع الاستمرار على التسويف في القرار على توقع أن يعود من يشبه بوش او كلينتون. هذا هو الموجود، ويجب على دولة اسرائيل ان تواجهه اليوم. لا اليوم بل أمس".

 

 

        "الليكود وحده يستطيع"

        يقول ناس في حزب العمل يرون أنفسهم مقربين من بن اليعيزر إن هذا هو الوقود ا لذي يحركه اليوم؛ وإن هذا الرجل، الذي رأى نفسه طوال السنين جزءا من معسكر السلام، يشعر بأنه لم يعد يستطيع الصمت؛ وأنه قد أخذ يرى نهاية حقوقه السياسية، وأنه لا يستطيع ان يغفر لنفسه اذا لم يضغط اليوم للتوصل الى تسوية. يقول أحد من أجريت معهم اللقاءات الصحفية: "فؤاد هو الوحيد في حزب العمل الذي اذا قرر ضرب المائدة بجمع يده، فلن يكون لباراك حزب ولن يكون لبيبي ائتلاف".

        اذن اذا كان مهما جدا له، أسأل، فلماذا لا يضرب على المائدة بجمع يده؟ "لأنه آخر الساسة الواقعيين في السياسة الاسرائيلية. ولأنه يعلم بالضبط ما هو نظام القوى، ويدرك أن اليسار لم يعد يستطيع انشاء حكومات في العقد القريب؛ وأن القادر حقا على قيادة مساء كهذا هو نتنياهو وحده؛ وأن باراك، مع جميع نقائصه، ما يزال وزير الدفاع الأفضل الذي يمكن أن يكون اليوم لاسرائيل، وأنه ليس لحزب العمل شخص يستطيع أن يحل محله. ولذلك يفعل كل ما يفعل من الداخل".

        أسأل فؤادا: أتوافق على هذا التحليل.

        "قد قلت إن الليكود وحده يستطيع ان يقود اجراءات حاسمة".

- وهل باراك وزير دفاع جيد؟

+ "وزير دفاع ممتاز".

- لم تكن راضيا عن السلوك في قضية الاسطول البحري.

+ "صحيح. اعتقدت- وما أزال اعتقد – ان القرارات من هذا النوع يجب ان تمر على المجلس الوزاري المصغر. لو كان وصل ذلك الى المجلس  الوزاري المصغر لسألنا ما هي السيناريوات الممكنة وما هي الخيارات. أذكرك بأنه عندما كنت وزير الدفاع قمنا بالاستيلاء على سفينة كارين ايه، وقبل ان يحدث هذا سألنا جميع الاسئلة مرة بعد اخرى".

- سؤال المشكلة ان المجلس الوزاري المصغر مثل غربال يسيل منه كل شيء.

+ "ليس صحيحا. في المباحثات الأخيرة، في الرحل البحرية القريبة، بين رئيس الحكومة أنه اذا حدث تسريب فان الشاباك سيفحص عمن سرب، ولم يحدث هذا".

- بعقب هذه القضية، وتأييدك لجنة تحقيق دولية، ساءت الامور بينك وبين باراك؟

+ "هذا يحدث في كل عائلة جيدة، وما زلت أراه صديقي وأرى نفسي صديقه".

- وهل أنت راض عما حدث في حزب العمل؟

+ "لا. أنا أحسد ايفيت ليبرمان وايلي يشاي، أنهما مثل راعيين مع 14 او 10 شياه تسير وراءهما. يوجد عندنا 13 عضوا، وكل عضو هو حزب في حد ذاته، يحارب الحزب الآخر، وكلهم جميعا يحاربون الرئيس. هذه مسألة وراثية. ليس عندي تفسير آخر. هذا حزب يأكل رؤساءه".

- ألا يوجد عند الرئيس ما يفعله؟

+ "يوجد. اذا كنت تسألينني عن باراك، فان ما يجب عليه ان يفعله هو أن يأخذ سكينا بين أسنانه ويقود الحزب، وبغير رحمة".

- ماذا يعني هذا؟

+ "أن يبين لمن لا يعجبه ذلك أنه لا يستطيع فقط – بل يجب عليه أيضا – أن يقوم ويغادر. حسبنا تسامحا، وهوادة".

- هل ترى زعامة بديلة لهذا الحزب؟

+ "يوجد فراغ في الزعامة في جميع الاحزاب لا عندنا فقط. تفحصي حزبا حزبا وانظري من يستطيع ان يحل محل الرؤساء الحاليين".

- ومع ذلك كله؟

+ "ما يزال باراك في منصبه. عندما يحين الوقت أؤمل أن نجده".

- لا تبدو متفائلا

+ "صحيح. أنا لست متفائلا. اعتقدت في زمانه أن عوفر عيني سيتولى هذا العمل لكن كان جوابه الرفض. لماذا؟ لا أعلم. قد يكون خائفا من هذا الامكان".

        في الاضطراب السياسي (الداخلي والخارجي) كله يوجد لوزير الصناعة والتجارة والعمل بنيامين بن اليعيزر عدة ساعات للراحة: فاليوم سيتلقى في مراسم بالغة الخطر في برلين رئاسة يوريكا – وهو خطة البحث والتطوير الكبرى والرائدة في العالم – والتي ستكون اسرائيل أول رئيسة غير أوروبية لها. "هذا القرار لا يقل أهمية عن قرار ضمنا الى منظمة الدول الصناعية، وثمة من يقولون لي ان اسرائيل في الحاصل ستربح من ذلك أكثر"، يقول فؤاد. سيعين العالم الرئيس في وزارة الصناعة والتجارة والعمل، الدكتور ايلي اوفر، الرئيس الدوري بالفعل ليوريكا، وسيحصل الوزير على "مطرقة الرئاسة". وعلى العموم، في كل ما يتعلق بشؤون الوزارة، يمتعه أن يستكشف مجالا لم يعرفه، ويمتعه جدا العمل. بيد أنه فيما بين ذلك تجتذبه "صراعات ليته لم تكن حاجة اليها" كما يعرف ذلك. ماذا سيحدث في حزب العمل، وماذا سيحدث مع الحكومة، وأين ستكون اسرائيل بعد شهر او بعد سنة. وعلام سيستقر الأمر في شأن شليت؟

- أتؤيد صفقة أساسها اعادة مئات وربما آلاف من السجناء؟

+ "لما كان هذا في جدول عمل الحكومة فانني لا استطيع التطرق اليه".

- قلت ذات مرة إن هذا ما يجب فعله.

+ "أنا لا أغير آرائي على نحو عام".