خبر لنأخذ تركيا- يديعوت

الساعة 08:53 ص|24 يونيو 2010

لنأخذ تركيا- يديعوت

بقلم: ايلي فودا ويوني جراف*

 (المضمون: دور تركي في المسيرة السياسية سيحولها من معارض الى مشارك وهكذا تنزع اسرائيل الشوكة من السياسة العدوانية التركية تجاهها - المصدر).

        "في ظل عدم وجود أحابيل سيسقط الشعب"، يقول القول المأثور. العملية العسكرية الاسرائيلية ضد الاسطول التركي كانت بعيدة عن الاحابيل. وقد الحقت بها ضررا شديدا في صورتها في الساحة الدولية. وحتى اولئك الذين لا يزالون يؤيدون منطق العملية (وهم آخذون في التناقص) يفهمون بانه يتعين على اسرائيل الان ان تتصدى لنتائج افعالها. الساحات الاساسيتان اللتان تتطلبان رد فعل اسرائيلي فوري هما علاقات اسرائيل – تركيا وعلاقات اسرائيل مع المحافل المعتدلة في العالم العربي.

        علاقات اسرائيل – تركيا توجد في ميل تدهور في السنوات الاخيرة. والامر ينبع اساسا من تغيير سياسة تركيا في الشرق الاوسط – من حليف للغرب واسرائيل، الى لاعب يسعى الى الحفاظ على الحيادية والتوازن في الساحة. هذا التغيير، كما يجدر التشديد ليس مميزا: علاقات تركيا – اسرائيل شهدت صعود وهبوط في القرن السابق وحتى الانظمة العلمانية في تركيا تبنت خطا اكثر توازنا او مؤيدا للعرب مما في الماضي.

        التغيير الحالي في السياسة التركية لا ينطوي بالضرورة على قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل. اردوغان، في تصريحاته الحماسية، لا يزال يضرب تمييزا بين سياسة اسرائيل – والتي تعارضها تركيا، وبين اسرائيل – التي تعترف بها تركيا. كما أن شبكة العلاقات العسكرية، الاستخبارية والتجارية بين الدولتين تفيد بان المصلحة التركية لا تزال في الحفاظ على خط مفتوح لاسرائيل. محاولة اصحاب القرار في اسرائيل في وضع تركيا في "محور الشر" مع ايران، نتيجة عملية التصوير كشيطان، والتي تجري الان في المجتمع الاسرائيل تجاه تركيا في اعقاب قصة الاسطول – مغلوطة.

        عمليا، التغيير في السياسة التركية بالذات يستدعي من اسرائيل ان تستخدم تركيا في دور الوسيط في المسيرة السياسية. وبالذات في الزمن الحالي، حين تكون احاسيس مناهضة لاسرائيل بقوة في تركيا، يتعين على اسرائيل أن تثبت في الرأي العام العالمي بان نواياها ليست فقط غير عدوانية، كما يتهمها خصومها؛ من خلال دور تركي في المسيرة السياسية – ثنائي حيال الفلسطينيين او السوريين او في اطار دفع مبادرة السلام العربية الى الامام – ستحول اسرائيل تركيا  من جهة معارضة الى جهة مشاركة. وهكذا تخرج الشوكة من سياستها المعادية تجاه اسرائيل.

        النشاط الاسرائيلي في المسار التركي حيوي ايضا لتبديد التوتر في المسار الاسرائيلي – العربي. التدهور في علاقات اسرائيل – تركيا، وبالتأكيد قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، ستؤدي الى ضغط شعبي كبير على القيادات في مصر وفي الاردن لاتخاذ عمل مشابه. حقيقة أن مصر اضطرت الى ان تفتح، حتى بشكل محدود، معبر رفح في اعقاب الاسطول، هي نتيجة الازمة ويعزوها المصريون الى الضغط الذي تعرضوا له في اعقاب سلوك اسرائيل.

        حرب لبنان الثانية كشفت تماما ان اسرائيل تتقاسم مصالح مشتركة مع محافل هامة في العالم العربي. لا يدور الحديث فقط عن الدول التي وقعت على سلام مع اسرائيل بل وايضا دول مثل العربية السعودية وامارات الخليج. هذه المصالح تتضمن الصراع المشترك حيال التهديد الايراني، الاستيقاظ الشيعي في العالم العربي، عمل محافل الارهاب الاسلامي كالقاعدة وغيرها. من نواح عديدة الاسطول مرة اخرى خلق فاصلا بين اسرائيل وبين الدول العربية المعتدلة، التي اضطرت – مثلما في الماضي – الى "السير على الخط" مع المؤيدين للقضية الفلسطينية.

        السبيل الوحيد الذي يمكن لاسرائيل من خلاله ان تبدد التوتر بينها وبين الدول العربية المعتدلة والخروج من الحصار السياسي هو من خلال التقدم الهام في المسيرة السياسية. لا يدور الحديث عن تفكيك هذه البؤرة الاستيطانية او تلك، بل عن اتخاذ سياسة ثورية في الحقل السياسي. الثورة يمكنها أن تكون في المحور الاسرائيلي – الفلسطيني او الاسرائيلي – السوري، ولكن من الافضل اذا كانت في المحور الاسرائيلي – العربي، من خلال دفع المسيرة السياسية التي تقوم على اساس مبادرة السلام العربية الى الامام.

        مثل هذه المسيرة، والتي تؤدي فيها تركيا دورا مركزيا، لا يمكنها فقط ان تعيد الوضع الى سابق عهده، بل وان تحسن مكانة اسرائيل في المنطقة وفي الساحة الدولية.