خبر تخفيف الحصار توجه حكيم..إسرائيل اليوم

الساعة 09:56 ص|23 يونيو 2010

بقلم: عوديد تيرا

(عميد احتياط، رئيس معهد قيادة المستقبل في النقب)

يقول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على الدوام إن ايران هي العدو الرئيس لدولة اسرائيل. تملك ايران القدرة على احداث ضرر باهظ باسرائيل، وتعلن برغبتها في احداث اضرار بنا صبح مساء. إن الرغبة والقدرة الايرانيتين هما مزاوجة خطرة تعرض في مستوياتها المتطرفة جوهر وجودنا للخطر. في هذا الوقت ينبغي الانشغال بهذه المهمة المركزية، أي أن نصرف التهديد الايراني في أحث صورة.

        تستعمل حكومة نتنياهو منذ انتخبت، ضغطا لا ينقطع على حماس في غزة، في توجه الى اطلاق جلعاد شليت وعن رغبة في منع حماس القدرة على التسلح بسلاح وذخيرة قد يغيران قوتها على نحو يعرض سكان جنوب البلاد لخطر كبير.

        لكن الان، وكلما مر الوقت واقتربت ايران من القنبلة الذرية، أخذت تزداد الحاجة الى انشاء تحالف قوي على ايران. سيمكن تحالف كهذا فقط، آخر الامر، من هجوم على منشآت ايران الذرية. ستمر طريق هجوم كهذا بعقوبات زائدة من جهة، ورأب الصدوع في المعسكر المستعد للتنبه ومحاربة ايران وقت الحاجة من جهة أخرى.

        تلتزم حكومة اسرائيل العمل في أقصى حد لتعزيز الحلف على ايران، وستمنع حماس أيضا أي امكان للتسلح بالسلاح والصواريخ، وتقرب اطلاق جلعاد شليت من أسر حماس.

        هذه هي الأسباب الرئيسة التي جعلت حكومة اسرائيل تقرر تخفيف الحصار عن حماس في غزة. ويسأل سؤال ما هو معنى هذا التخفيف؟

        أولا من المهم أن نذكر أن الحصار على غزة كان شديدا واشتمل على حواشي أمن واسعة. استقر رأي نتنياهو على ازالة جزء من حواشي الأمن، وما زال يبقي حصارا ذا شأن مجديا أساسه ألا يدخل قطاع غزة أسلحة ووسائل تؤيد القتال. تشتمل وسائل تأييد القتال ايضا على اسمنت لبناء الانفاق لتهريب السلاح وعلى كل مادة يمكن أن يصنع منها – أو يمكن أن يهرب بواسطتها – قذيفة أو صاروخ أو سلاح وما أشبه.

        ورد في قرار تخفيف الحصار أنه في نظامه الجديد: "سيزاد في نجوع سياسة دخول الفلسطينيين وخروجهم وعمال منظمات المساعدة لاسباب انسانية وطبية". يخدم هذا التخفيف توجها انسانيا أيدته جميع حكومات اسرائيل على طول الطريق.

        وبهذا كل ما تحاول الحكومة، في نضالها الأمني، فعله هو التأليف بين حماية جنوب اسرائيل والاسهام في تمهيد الطريق لتكوين تحالف قوي ذي تصميم في  مواجهة ايران، وكل ذلك مع الرغبة في عدم المس العبثي بالسكان المدنيين في غزة.

        لست ساذجا جدا لأعتقد أننا اذا سرنا في اتجاه الفلسطينيين، فان زعماء الدول الاوروبية سيغيرون سياستهم نحو اسرائيل. فزعماء اوروبا قلقون من الأقلية المسلمة التي أخذت تزداد في بلدانهم، وهذا هو أحد الاسباب المركزية لسياستهم نحونا. بل يمكن ان نقول بلغة سهلة انهم يخافون الاقلية المسلمة في بلدانهم خوفا شبه قاتل.

        لكنني لا أشك في أنه اذا نجحت اسرائيل في تخفيف الضغط عن غزة بغير التخلي عن أمننا القومي في هذا السياق، فسننجح في أن نخفف شيئا ما من السم الاعلامي الشديد التأثير في اوروبا علينا. وبهذا سنفضي الى هدوء مؤقت – وان لم يكن مستقرا – في كل ما يتعلق بغزة، وستخفف فترة الهدوء هذه عن رؤساء الدول الاوروبية ودول أخرى في العالم، للوقوف في مواجهة ايران.

        هذه هي الاسباب التي تجعلني أعتقد أنه ينبغي في التقدير العام تأييد التغيير المقترح لاساليب حصار غزة. مرة أخرى علينا أن نفعل ذلك لا عن فرح كبير بل عن ثقة بأنهم في غزة سيفسرون استعدادنا لتخفيف الحصار على النحو المناسب، ويردون على ذلك بتفضل مصالحة من تلقاء أنفسهم. علينا أن نفعل ذلك عن حاجة أمنية أوسع، حاجة قد تكون وجودية.

        وبلغة شخصية أكثر أقول: في كل ما يتعلق باطلاق جلعاد شليت، عزيزنا، أؤمل أن نجد طرقا أخرى لاطلاقه من آسريه، برغم أن ذلك غير سهل البتة.