خبر التثبيط بمعنى القتل..هآرتس

الساعة 09:54 ص|23 يونيو 2010

بقلم: عميرة هاس

لو أن شرطيا كان شاهد عيان على حادثة الصدم والهرب التي قتلت نهاية الاسبوع راكب الدراجة شنيئور حشيم، أكان يقتل السائق بعد أن أمسك به؟ لا بطبيعة الأمر. لكن في يوم الجمعة الحادي عشر من حزيران، في بياض النهار، وفي قلب حي سكني، قتل شرطي سائقا دائسا أصاب مشاة – ولم يقتلهم.

        دفن هذا القتل من الفور في مقبرة ضخمة اسمها "لا اهتمام عند الجمهور الاسرائيلي". لماذا؟ لأن الدوس والقتل حدثا في حي فلسطيني في شرقي القدس (وادي الجوز)، ولأن اسم السائق القتيل هو زياد الجيلاني.

        يعرف طل مور بحق، ما لم تبت  الامر المحكمة بأنه "متهم بقتل حشيم". لكن الجيلاني حظي بمحاكمة خاطفة: فقد اتهم في المكان بتعمد تنفيذ عمل تخريبي – لأن الذين أصابتهم سيارته كانوا شرطيين اسرائيليين؛ وكانت عملية المطاردة التي تمت مطاردة لمن عرف بأنه مخرب (مع اطلاق كثير للنار، في الجو بادىء الامر لكنه عرض حياة السابلة للخطر، وجرحت بنت في الخامسة جلست في سيارة واقفة)؛ وآنذاك، وهو ملقا مصابا على الأرض، بحسب الشهادات أطلقت النار على رأسه أيضا. أي أنه بين الثانية التي قدمت فيها لائحة الاتهام بالصدم بتعمد مخرب حتى اللحظة التي ألصقت فيها البندقية برأسه وضغط على الزناد – عملت قوة حرس الحدود في المكان كمصابين وشهود ونواب عاميين وقضاة وجلادين.

        ورد في رد متحدث حرس الحدود لصحيفة "هآرتس" ما يلي: "قتل مواطنون وجرح عشرات في أعمال دوس حدثت في القدس في أثناء 2008 – 2009، وأنقذت حيوات مواطنين أبرياء، بفضل تدخل شرطيي شرطة اسرائيل ومحاربي حرس الحدود، ومواطنين ثبطوا المنفذين ومنعوا قتلا آخر... انتهت حادثة الدوس الاخيرة بأعجوبة فقط بغير محاربين قتلى. في هذه الحالة أيضا تم تثبيط المنفذ، بعد أن حاول الهرب من المكان بخلاف القانون".

        هل عندما هرب الجيلاني بسيارته وخرج منها في زقاق بلا مخرج، عرض حياة مواطنين للخطر؟ هل خاف الشرطيون من أن يصيب الفلسطيني (ولم يكن له شك في أنه ليس يهوديا) فلسطينيين في قلب ذلك الحي الفلسطيني، ولهذا ينبغي "تثبيطه"؟ من يعلم، ربما نعم. وربما لذلك أطلقوا عليه النار عندما خرج من سيارته أيضا وهم يجرون وراءه لئلا يسل من جيبه مسدسا او بندقية كلاشينكوف ويهاجم سابلة من الغافلين، من الفلسطينيين مثله.

        ينبغي أن نذكر انه لم يكن آنذاك بازائه، في منحدر  الزقاق قرب بيت عمه، شرطيون يعرضهم للخطر سلاح محتمل أو حزام ناسف. هل عندما كان مستلقيا على بطنه، مصابا كما يبدو برجله وظهره ويده، خاف الشرطيون المقتربون من أن يسل بندقية ويقتلهم ولهذا لم يجهدوا أنفسهم في تقييده.

        "المحاربون – وهكذا يعرفوا شرطيو حرس الحدود وهم يجولون مع بنادقهم الطويلة وخوذاتهم في شارع في القدس الشرقية. من يحاربون ولماذا هناك بالضبط، بين ملحمة، وحانوتي خضروات، ومغسلة، ومرأب ورصيف يستعمل ملعبا لالعاب الاولاد؟

        شرطيون اسرائيليون – ولتكن صفتهم ما كانت – يرسلون الى شوارع القدس الشرقية على أنهم ذراع لتطبيق سياسة الحكومة والبلدية. سياسة التمييز المتعمد تلك التي جعلت 65 في المائة من الـ 303429 الفلسطينيين في شرقي القدس يعيشون تحت خط الفقر (ضعف نسبة اليهود في المدينة الذين يعيشون تحت خط الفقر)، و 74 في المائة من الاولاد الفلسطينيين فيها يعيشون تحت هذا الخط. يخدم الشرطيون الحكومات التي صادرت منذ 1967،  24 الف دونم من ارض الفلسطينيين، وبنت على السنين عليها أكثر من 50 الف وحدة سكنية لليهود فقط. يصحب الشرطيون الجرافات التي تهدم بيوتا بنيت بلا مناص وبغير رخص.

        لا ينبغي ان يدهشنا أن يشعر الشرطيون بمعاداتهم في المدينة المحتلة. وقد يكون هذا هو السبب الذي جعلهم لا يقفون للتفكير بأنه قد يكون الحديث عن كوابح تعطلت، أو رجل خرج عن طوره، أو انسان غير خبير بأوامر اطلاق الجيش الاسرائيلي وحرس الحدود للنار. كان يمكن أن تبين أسباب الدوس في المحكمة. لكنهم اختاروا في ظاهر الأمر أن يعيدوه الى عائلته ووجهه مهشم برصاصتين، يبدو أنهما اطلقتا على خده الأيمن ولم يكن مكان تخرجان منه لانه اذ كان مستلقيا كان خده الايسر على الاسفلت. هذا تثبيط بمعنى القتل.