خبر لم تشارك في القتال..هآرتس

الساعة 08:22 م|22 يونيو 2010

بقلم: عميرة هاس

لماذا، من كل جنود وقادة الجيش الاسرائيلي، اختير بالذات العريف أول س لان يقدم الى المحاكمة على قتل امرأتين في غزة، في اليوم الاول من الاجتياح البري في 4 كانون الثاني 2009؟ في ذاك اليوم قتل الجيش الاسرائيلي 34 مسلحا. هل اختير س لانه الوحيد الذي قتل مدنيتين؟ اذا ادعى محاميه بأنه كبش فداء، فانه يمكنه ان يستند بأمان الى المعطيات التالية: 80 مدنيا ايضا قتلهم الجيش الاسرائيلي في ذاك اليوم. بالنار عن كثب، بنار المدفعية، من الجو، من البحر. بينهم 6 نساء و 29 طفلا تحت سن 16. لا حاجة الا الى فتح موقع "بتسيلم" وقراءة القائمة: ابن تسع سنوات، ابنة سنة، ابنة سنة أخرى، ابن ثلاث سنوات، ابنة 13. "بتسيلم" تحرص على التصنيف بين "المشاركين" و "غير المشاركين" في القتال. وها هو مكتوب في قائمة القتلى لديها: "فرح عمار فؤاد الحلو، ابنة سنة. من سكان غزة. قتلت بنار رصاص حي. لم تشارك في القتال". تفاصيل اخرى: "قتلت حين فرت مع ابناء عائلتها من بيتهم، بعد ان اطلقت النار على الجدة (على جدها ابن 62 فؤاد الحلو) على أيدي جنود دخلوا الى البيت". الجد هو الاخر "لم يشارك في القتال".

        هل الأم ريا (64 سنة) وابنتها ماجدة (37 سنة) ابو حجاج هما الوحيدتان اللتان قتلتا وهما تحملان علما أبيض في ذات يوم 4 كانون الثاني؟ لا. قتل أيضا مطر، ابن 17 ومحمد ابن 16. وقد أطلقت النار عليهما من موقع الجيش الاسرائيلي في أحد المنازل، حين كانا يجران في عربة الجرحى والموتى من عائلة ابو حليمة الذين اصيبوا بقنبلة فوسفور ابيض دخلت بيتهم في شمالي بيت لاهيا. خمسة من أبناء العائلة قتلوا على الفور، بينهم وليدة ابنة سنة. امرأة شابة اخرى ستموت لاحقا متأثرة بجراحها بعد عدة اسابيع من ذلك.

        النبأ عن تقديم العريف س الى المحاكمة أثارت جلبة ما، ليوم واحد. النائب العسكري العام تلقى الثناء. تلقى الثناء، وعن حق، وكذا "بتسيلم" التي نقلت الى الجيش شهادات في موضوع ابو حجاج حباها محققوها الميدانيون، فلسطينيون من سكان القطاع. هكذا فعلت ايضا منظمات فلسطينية. أمنستي انترناشينال و HUMAN RIGHTS WATCH نشرتا تقارير مفصلة عن مدنيين قتلوا. كل شيء مفتوح أمام الجمهور في المواقع الالكترونية، اما عندنا فانهم لا يصدقون الاغيار، ولهذا فاننا سنركز فقط "على بتسيلم". هي ايضا نقلت الى الجيش عشرات التصريحات المشفوعة بالقسم عن مقتل مدنيين آخرين "لم يشاركوا في القتال". لماذا اختير بالذات العريف س من بين الجميع؟ هل احد ما من وحدته حطم رمز أخوة المقاتلين في سبيل رمز أعلى؟ معظم الاحتمالات هي ان شيئا كهذا يحصل في اوساط القوات البرية، كل الشهود التي تحدث معهم محققو "يحطمون الصمت"، بمعنى اولئك الذين صدمهم شيء ما – كانوا من اوساطهم. اولئك الذين رأوا بأم أعينهم الخراب وبأم أعينهم رأوا الناس.

        "كمية الدمار هناك كان غير قابل للادراك. انت تسافر هناك في الاحياء، ولا تلاحظ شيئا. لا حجر على حجر. ترى الحقول، الدفيئات، البيارات، كل شيء مهدم، كل شيء مفسد تماما. ترى غرفة وردية مع بوستر لباربي، مع قنبلة مرت في الطريق، متر ونصف المتر"، روى جندي. ولكن حسب توزيع المصابين – اولئك الذين قتلوا بالنار المباشرة، حين يرى الجندي مطلق النار بأم عينيه الذين تطلق النار عليهم، هم الأقلية بين الأقلية. وبناء على طلب "هآرتس" فحصت منظمة حقوق انسان في غزة "الميزان" توزيع المصابين حسب أنواع النار. 80 قتلوا برصاص بنادق، 13 بنار مدافع رشاشة. 134 قتلوا بنار مدفعية. ليس واضحا اذا كان 11 قتيلا بقذائف المسامير يندرجون ام لا في هذه المعطيات. لا ريب أن الحديث يدور عن تقديرات، مع امكانية الخطأ. نحو 1400 فلسطيني قتلوا في "رصاص مصبوب" على الاقل قتلوا من الجو – معظمهم مدنيون: بقصف من الطائرات والصواريخ من الطائرات الاخرى. بالنسبة للجنود المسؤولين عن قتلهم كانوا يبدون كشخوص متراكضة على شاشات حاسوب.

        "بتسيلم"، "هآرتس" ومنظمات الاغيار التي لا ينبغي اعتبارها، وثقت حالات القتل من الجو. الجيش الاسرائيلي اعترف بخطأين (مقتل 22 من عائلة الدية في الزيتون، بقنبلة واحدة، ومقتل 7 شبان أخلوا من محددة أنابيب الأكسجين التي قرأت على شاشة الحواسيب كصواريخ غراد). "احدى مزايا هجوم الجيش الاسرائيلي الاخير على غزة هو العدد الكبير للعائلات التي فقدت دفعة واحدة الكثير من ابنائها – الاغلبية الساحقة منهم في منازلهم  - بالقصف الاسرائيلي. بلعوشة، بنار، سلطان، ابو حليمة، صلحة، بربخ، النجار، شراب، ابو عيشة، ريان، عبدربه، عزام، جبارة، الاسطل، حداد، قرعان، نصار، العلول، ديب، سموني" – كتب في "هآرتس" في شباط 2009. أفلا يوجد هنا عرفاء أوائل س يجب التحقيق معهم؟  أم ان هنا، اذا ارادوا تحقيقا، يجب التحقيق مع الرتب الأعلى من العرفاء الاوائل؟

        الكشف عن أن العريف اول س سيقدم الى المحاكمة أثار جلبة ما. واقتطف النائب العسكري العام الثناء. ومحامي س سيسأل عن حق: من كل التصريحات المشفوعة بالقسم والتقارير لم تجدوا غيره؟ وماذا عن روح القائد التي يبلغ عنها من تجرى معهم المقابلات ضمن مجموعة "يحطمون الصمت": "عندما يقول قائد الكتيبة وقائد اللواء يقول لك "هيا اطلق النار" عندها فان الجنود لن يكبحوا جماح انفسهم. فهم ينتظرون هذا اليوم. هذه البهجة التي في اطلاق النار والشعور بالقوة في أيديك". وماذا عن خطاب قائد اللواء "في الليلة التي قبل الدخول سيرا على الاقدام": "فقد قال أن هذا لن يكون سهلا. وقد كانت أهداف العملية: 2000 مخرب قتيل". واذا كانت هذه هي اهداف العملية، فلعله ينبغي التحقيق في مصدر الاوامر، الفريق احتياط، حول الفارق الذي بين الهدف والنتيجة؟