خبر حصان تركي .. معاريف

الساعة 10:14 ص|21 يونيو 2010

بقلم: شموئيل روزنر

قبل اربع سنوات تقريبا، شبه خلد، اجتمع بعض من مستشاري الرئيس جورج بوش كي يقرروا ما العمل مع تركيا. ليس نقاشا نظريا، بل مسألة موضعية كانت على جدول الاعمال. ضباط اتراك على مستوى عال طلبوا الاستيضاح ماذا سيكون موقف الادارة اذا ما وقع في تركيا انقلاب – اذا ما اسقط الجيش الحكم الديمقراطي، الذي هو ايضا اسلامي.

المواقف انقسمت، ليس بشكل دقيق، حسب المفتاح التالي: مكتب نائب الرئيس ريتشارد تشيني مال لتأييد الضباط، وزارة الدفاع ترددت، في مجلس الامن القومي كانت المواقف منقسمة، ولكن في وزارة الخارجية، كالصخرة المنيعة، جلست كونداليزا رايس وأعلن بان لا امل في أن تدعم الولايات المتحدة مثل هذه الخطوة. قاطعة، حازمة، فقد أقنعت الرئيس: تركيا هي النموذج للديمقراطية الاسلامية. هذا ليس لطيفا دوما، ليس سهلا دوما ولكن هذا هو الموجود. اذا كان الرئيس يؤمن بان مستقبل الشرق الاوسط ديمقراطي فلا مفر امامه غير البث للضباط الاتراك لرسالة واضحة: الانقلاب لن يتلقى الدعم. وبكلمات أكثر فظاظة: اذا ما وقع انقلاب فسنعاطى مع النظام الجديد مثل النظام القديم لصدام حسين في العراق.

رايس منشغلة الان في اخراج الكتاب الاول من أصل ثلاثة تعهدت بكتابتها في السنوات القريبة القادمة. قصة عائلية عن طفولتها السعيدة في الباميا. رأيها في تركيا لم يتغير. روايتها للقرار اياه يمكن ان يقرأ فقط في الكتاب التالي – عن ولايتها في مجلس الامن القومي وفي وزارة الخارجية. في هذه الاثناء، استخلصت واشنطن منها سياسة تركية متجلدة، متصالحة، منشغلة منذ اسبوعين بكثافة باعادة تقييم العلاقات. قضية الاسطول كانت احد المحفزات الى ذلك، ولكن اكثير بكثير منها محاولة الوساطة التركية – البرازيلية حيال ايران والقرار التركي للتصويت ضد جولة العقوبات الثالثة في مجلس الامن.

ها هي رواية ثلاثة من نزلاء العاصمة الامريكية لما حصل عشية التصويت اياه. الاولى: "الادارة اعتقدت حتى اللحظة الاخيرة بان الاتراك سيمتنعون" – بمعنى، اخطأت في تقديرها بشكل مطلق. الثانية: "الادارة أملت حتى اللحظة الاخيرة بان يمتنع الاتراك" – بمعنى اعتقدت بان هناك احتمال ولكن هذا لن يكون مضمونا. الثالثة: "الادارة طلبت حتى اللحظة الاخيرة ان يمتنع الاتراك" – بمعنى، اعطت فقط احتمالا متدنيا لمثل هذا السيناريو، ولكنها لم تتنازل عن محاولة اقناع أنقرة. وها هي الرواية التي لم انجح في سماعها في الزيارة القصيرة الى واشنطن الاسبوع الماضي: "الادارة عرفت بان الاتراك سيصوتون ضد القرار". وذلك، رغم أنه في واشنطن تجول غير قليل من الاشخاص الذين عرفوا مسبقا بان هذا هو السيناريو الاكثر احتمالا.

الان تتجول في الادارة كتلتان تتناكفان بينهما. واحدة تقول: حان الوقت للجلوس والتفكير كيف يجبى من الاتراك ثمن على الوقاحة، على الرفض، على العدوانية. حان الوقت لاظهار القوة الامريكية – لا للمبالغة، ولكن لاطلاق تلميح واضح – كي يفهم اردوغان بانه توجد مع ذلك حدود لما يمكن ان توافق الولايات المتحدة على احتماله.

ولكن توجد ايضا كتلة ثانية، تتابع عن كثب المحللين الذين يدعون بان صعود تركيا جيد لامريكا، وبشكل ضمني لاسرائيل ايضا. في يوم الجمعة الماضي نشر اكاديميان من جامعة برنستون مقالا في "نيويورك تايمز" يتضمن النقاط الاساس في هذه الفكرة. وهو يقول كالتالي: صحيح ان تركيا متطرفة أكثر الان، ولكن بفضل السياسة الجديدة فانها تجعل الدولة زعيمة في الشرق الاوسط. مهما بالغتم، ومهما بدت من بعيد كصديقة أقل، لطيفة اقل، متعاونة أقل، فان الزعامة التركية تبقى افضل بكثير للولايات المتحدة من الزعامة الايرانية. على أي حال، اذا كان الفلسطينيون يرفعون علما تركيا وليس ايرانيا، واذا كان السوريون يتصادقون مع الاتراك، وليس فقط مع الايرانيين، فثمة في هذا بركة. ومن يعتقد ان التقارب التركي من ايران هو مشكلة، يفوت القصة: تركيا تحتل مكان ايران، وضمنيا تهدد قوتها. الامريكيون، كما اسلفنا، ينصتون باهتمام لهذه النظرية. لعله لانه يوجد فيها ذرة منطق، لعله لانها اكثر راحة بكثير لاوباما. اذا كانت صحيحة، فلا ينبغي له أن يحطم الرأس لمعرفة ما العمل مع تركيا.