خبر حينما يقلق ثعلب « إسرائيل » على مستقبلها ..نواف الزرو

الساعة 09:59 ص|21 يونيو 2010

حينما يقلق ثعلب "إسرائيل" على مستقبلها ..نواف الزرو

السياسية، وإذا أردت أن تقف على حالة القلق والارتباك والتخبط في أعقاب التداعيات الأممية المتعاظمة جراء القرصنة العسكرية الدموية على «أسطول الحرية» المدني تماماً، فاقرأ عجوز وثعلب السياسة الإسرائيلية منذ نشأة تلك الدولة.. فماذا يقول هذا الثعلب؟

 

وفق مصادر مقربة منه، فقد أصبح شمعون بيريز يشعر في الفترة الأخيرة بالقلق والخطر على مستقبل "إسرائيل"، بسبب تدهور الوضع السياسي وتدني منزلتها في المجتمع الدولي (معاريف: 15/6/2010).

 

وبيريز يشعر بالقلق أيضاً من إمكانية أن تتحول المقاطعة التلقائية ل"إسرائيل" إلى مقاطعة اقتصادية منتظمة، ووصفت المصادر وضعه بالـ «كئيب جداً» بسبب التدهور السريع في مكانة "إسرائيل" بين دول العالم.

 

وحينما يعرب ثعلب السياسية الإسرائيلية عن شعوره بالقلق والخطر على مستقبل "إسرائيل"، فالمسألة إذن في منتهى الجدية وليست مسألة إعلامية استهلاكية. فتداعيات القرصنة الصهيونية الدموية ضد «أسطول الحرية».

 

وعواصف الغضب والاحتجاج والتجريم ضد الدولة الصهيونية وقياداتها، أظهرت أمام الأمم صورة "إسرائيل" الحقيقية بوصفها دولة الإرهاب والقرصنة والعنصرية والاغتيالات، وعلى أنها الدولة المارقة الخارجة على القوانين والمواثيق الأممية والإنسانية، وهذا ليس تهويلاً أو ديماغوجية، وإنما هي حقائق باتت ساطعة مدعمة بالوثائق والشهادات.

 

لقد هوت "إسرائيل"، في أعقاب قرصنتها الإرهابية في عرض البحر وفي قلب المياه الدولية، مرة أخرى على كل الجبهات الإنسانية والأخلاقية والقانونية والإعلامية والسياسية والدبلوماسية، وعلى نحو بات يهدد من وجهة نظرهم بنزع الشرعية الدولية عن هذه الدولة المارقة.

 

فأصبحت تحت حصار أممي شعبي على نطاق واسع، ورسمي على نحو لم يكن قائماً سابقاً، وتتحدث المعطيات عن أن قوة "إسرائيل"، أو بالأحرى صورة "إسرائيل" قد اهتزت قيمياً بقدر كبير في أوساط الرأي العام العالمي.

 

وفي تقييم تداعيات القرصنة، فقد شكلت الموقعة نقطة تحول أممي على مستوى مواقف ووعي الشعوب تجاه تلك الدولة المجرمة.. فكانت ردود الفعل العالمية واسعة متنوعة تحتشد ضد الجريمة الصهيونية.

 

الكاتب هنري سيغمان، الذي يعمل أستاذاً زائراً لبرنامج الشرق الأوسط في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن، يقول: «في أعقاب الاعتراض الدموي لأسطول قوارب دعم غزة، اتصل بي أحد أصدقاء العمر في "إسرائيل"، وكان رد فعله مفاجأة غير متوقعة مني.

 

قال لي بصوت متهدج مليء بالعواطف: إن التنديد العالمي الغزير ضد "إسرائيل" يعكس الأيام السوداء في عهد هتلر»، مضيفاً: «هناك حقاً سبب للإسرائيليين ولليهود على وجه العموم، للتفكير عميقاً وبقوة في فترة هتلر السوداء، في هذا الوقت بالذات».

 

رئيس الوزراء الماليزي وصف الإسرائيليين بأنهم «رجال عصابات عالميون»، وطالب بمحاكمة المسؤولين عن الهجوم على «أسطول الحرية» أمام محكمة العدل الدولية، مضيفاً «أن سلوكاً كهذا أصبح ممكناً، لأن رجال العصابات العالميين في إسرائيل، يعرفون أنهم محميون من قبل قوة عالمية».

 

والكاتب السويدي ذائع الصيّت هينيك مانكل، الذي يعد من أكثر الروائيين شهرة ومبيعاً في العالم، والذي شارك في الأسطول، يحكي قصة تدخل الكوماندوز الإسرائيلي واختطاف السفينة وعمليات الاستنطاق التي تشبه التعذيب.

 

معتبراً أن «الإنزال الإسرائيلي على «أسطول الحرية» عمل إجرامي بكل المقاييس والمعاني»، مؤكداً أن «هذا التصرف يجعل من إسرائيل دولة مارقة، ومن الجندي الإسرائيلي قرصاناً ليس أكثر شرفاً من قراصنة بحر الصومال».

 

وإسرائيلياً، تنطوي الاعترافات والشهادات الإسرائيلية دائماً على قدر بالغ من الأهمية، إذ تعكس حقيقة وعمق تفكيرهم وقلقهم ونواياهم، فقد اعترف مسؤولون إسرائيليون في أعقاب القرصنة بأنهم «يخوضون حرباً إعلامية خاسرة أثناء دفاعهم عن الحصار الذي تفرضه "إسرائيل" على القطاع منذ عام 2007».

 

وقالت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية «إن المسؤولين الإسرائيليين يقرون بأنهم يخسرون هذه الحرب»، واعترف شلومو درور المتحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية: «إننا متأكدون من شيء واحد، وهو أننا نخسر الحرب في كل الأحوال في الإعلام».

 

والمحلل جدعون سامت يثبت في معاريف: «إن إسرائيل تقف اليوم في أحد المفترقات الأكثر خطورة التي شهدتها في تاريخها»، ليضيف الجنرال شلومو غازيت في معاريف أيضاً «أن المعركة هي معركة نزع الشرعية عن إسرائيل».

 

وكذلك المحللان ناحوم برنيع وشمعون شيفر، يؤكدان في يديعوت «أن المحور الذي أخذ ينشأ بين إيران وتركيا، يسعى إلى تقويض شرعية دولة "إسرائيل، فالحديث أصبح عن تحول تاريخي».

 

أما لماذا نزع الشرعية عن "إسرائيل"، فكتب بن كاسبيت في معاريف تحت عنوان «مكروهون ببساطة» يقول: «لم يعد الناس يصغون لإسرائيل، وأصدقاؤها يختفون أو ينزلون تحت الأرض، والكارهون يكثرون، وقد أثر ذلك تأثيراً عميقاً»، ما حدا بالمحلل يوئيل ماركوس ليكتب في هآرتس «العالم كله ضدنا ويهدد وجودنا...

 

صورتنا كمحتلين أدخلت الفلسطينيين بنجاح إلى الوعي العالمي، وإسرائيل بحصارها الغبي تعزز هذه الصورة السلبية فقط، والذي ينبغي أن يقلقنا هو حملة نزع الشرعية عن إسرائيل». فالدولة الصهيونية، إذن، تخسر هذه المعركة أيضاً، بعد أن خسرت حرب غزة أممياً وقانونياً وأخلاقياً ومعنوياً.

 

فعلى قدر حجم وهول ومساحة القرصنة والجريمة، يجب أن يرتفع بالضرورة سقف المقاضاة والعقاب الذي يجب أن يدفعه قراصنة البحار والأجواء ومجرمو الحرب هؤلاء. وكافة الشهادات والوثائق والاعترافات، التي تتالت في أعقاب المجزرة.

 

تشكل «لائحة اتهام» قوية فعالة ضد أولئك الجنرالات القراصنة، ما قد يسمح وفقاً للقوانين والمواثيق الأممية، ربما، ب«جلب إسرائيل» إلى كرسي العدالة الدولية»، في هذه الجريمة أكثر من كافة الجرائم السابقة. فهذه الجريمة كما هو واضح، تشكل نقطة تحول استراتيجي في المواقف التركية والعالمية الشعبية، وربما بعض المواقف الرسمية..

 

ولكن، في ظل هذا المشهد الأممي، يبقى الغائب المغيب الكبير هو الموقف العربي الرسمي الذي بدا بلا أي وزن أو تأثير في الساحة الدولية!

 

كاتب فلسطيني