خبر المشهد الفلسطيني عالق في براثن الانقسام بانتظار أسطول حرية جديد

الساعة 12:46 م|20 يونيو 2010

المشهد الفلسطيني عالق في براثن الانقسام بانتظار أسطول حرية جديد

فلسطين اليوم : غزة

لاشك أن الحراك السياسي الأخير وما يرافقه من تسريبات إعلامية، يبرر طرح سؤال عمّا إذا كانت عجلة المصالحة الوطنية قد بدأت بالدوران من جديد، سيما وأن الأنباء المتواترة من غير عاصمة، تتحدث عن منعطف إيجابي واجتماعات بنّاءة وحوارات مثمرة ، تدور في مجملها حول نقاط ثلاث رئيسة:-

الأولى: توقيع "فتح" و"حماس" على مذكرة تفاهم ثنائية (أو جماعية بالتحاق بقية الفصائل) تأخذ بنظر الاعتبار ملاحظات حماس وتحفظاتها على الورقة المصرية.

الثانية: توقيع "حماس" على ورقة المصالحة المصرية كما هي على أن ينظر للورقة والمذكرة التي سبقتها كرزمة واحدة ويجري التعامل معهما ككل متكامل غير مجزوء.

الثالثة: الشروع في تنفيذ الاتفاق، وهنا يجري الحديث عن سيناريوهات متعددة ، تبدأ بتمديد ولاية حكومة سلام فياض الجغرافية وصولاً إلى غزة ، أو تشكيل حكومة تكنوقراط تشرف على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة.

أياً يكن من أمر ، فلسنا على يقين من أن أي من هذه السيناريوهات سوف يجد طريقه إلى الترجمة العملية، ولكننا نلحظ كما تلحظون أن البحث الدائر في المصالحة وحولها، إنما يدور حول "مخارج" تحفظ ماء الوجوه ، والحفاظ على شعرة معاوية بين الأطراف المختصمة.

فمصر التي تصر على توقيع "حما" على ورقتها كما هي ومن دون تعديل ، قبلت أخيراً على ما يبدو بأن يُرفق بها ورقة أخرى توقع بين "فتح" و"حماس"، وتشتمل على ملاحظات الأخيرة على الورقة المصرية ، و"حماس" التي رفضت توقيع الورقة المصرية قبل أن تضمينها ملاحظاتها وتحفظاتها ، سيكون بمقدورها القول بأن الورقة عُدّلت بصورة غير مباشرة ، وأن "الورقة المرفقة" تفتح الباب لتوقيع الورقة المصرية من دون تردد.

في البحث عن مخارج ، لن يكون صعباً على عمرو موسى وجمال الخضري وياسر الوادية ومنيب المصري إنجاز المهمة ، فالمخارج إن خلصت النوايا متاحة دوماً ، بيد أن سؤال النوايا" هذا ما زال يطرح نفسه بإلحاح ، فمن يقرأ بعض التصريحات الفلسطينية الصادرة في رام الله ، لن يصعب عليه قراءة النوايا الكامنة وراءها، فمن حديث عن "استلام القطاع وإعادته للشرعية" إلى "اشتراط رفع الحصار بإنجاز المصالحة" ، مواقف تبقي الشك سيّد الموقف.

ظاهرياً، يبدو أن قوة الزخم التي أطلقها أسطول "الحرية"، قد ألقت حجراً كبيراً في مستنقع الحصار والمصالحة الراكد ، لكنها على ما يتضح  ليست كافية تماماً لإنجاز المهمتين بشكل مواتْ، فالأطراف ما زالت على مواقفها من الناحية الجوهرية، وهي تراهن على "عامل الزمن" لتبديد هذا الزخم وبدل رفع الحصار يجري الحديث عن تخفيفه ، وبدل رفعه عن غزة و"حماس"، يجري العمل على فصل هذه عن تلك ، وبدل المصالحة الوطنية الشاملة يجري الحديث عن "عودة الابن الضال" ، وبدل السعي في تجيير زخم أسطول "الحرية" ودماء شهدائه الأبرار للضغط على "تل أبيب" وفضحها وتعريتها وحشرها في الزاوية ، تجري عمليات كر وفر متّصلة من أجل توظيف هذا التطور، المنعطف في الصراع الفلسطيني الداخلي ولتصفية الحساب مع هذا الفريق أو ذاك.

وبانتظار أسطول حرية آخر ، يبدو أن المشهد الفلسطيني سيظل عالقاً في براثن الانقسام ، إذ حتى بفرض حصول تقدم في صياغة أوراق جديدة وتوقيع أوراق قديمة، فإن كل شياطين الأرض والسماء، ستبقى كامنة في التفاصيل وقابعة في ثنايا الإجراءات والتنفيذ، وما يعتمل في النفوس أهم بكثير مما تتضمنه النصوص.