خبر أعطوهم تحقيقا -هآرتس

الساعة 09:57 ص|20 يونيو 2010

أعطوهم تحقيقا -هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: في لجنة التحقيق الدولية يجب أن يكون تكليف آخر: الفحص كيف نجحت اسرائيل في تسويق سياستها الهدامة لدول العالم، كيف وافق اولئك على حبس مليون ونصف انسان دون قرار من الامم المتحدة، ما هو المعنى الدولي لحقيقة ان عضوا في الامم المتحدة يقرر اتخاذ خطوة كهذه - المصدر).

        يريدون تحقيقا دوليا، يفحص "احداث الاسطول"؟ فليتفضلوا. شريطة أن يكون هذا دوليا حقا، تحقيقا يدعو الى الشهادة الامناء العامين للامم المتحدة على اجيالهم، رؤساء الولايات المتحدة وزعماء اوروبا، رؤساء تركيا في الماضي وفي الحاضر وكل من أدار وجهه عندما عرف ما يحصل في غزة، وافق على سياسة الاغلاق حتى الاسطول، ترك للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني أن يدار بهدوء او ألا يدار على الاطلاق وتعامل مع غزة كمشكلة انسانية وليست سياسية.

        مشوق، مثلا، قراءة قرارات الامم المتحدة المتعلقة بغزة. فقراتها مرتبة على نحو مدهش وتبدأ بشكل عام بكلمات "نحن ندعو الطرفين"، "نحن نرى بخطورة"، نحن نصادق على قرارات الامم المتحدة السابقة (التي لم تطبق بالطبع)، "نحن نؤيد المبادرة العربية" – كلمات فارغة، اضيعت ايام على صياغتها. ولا ضربة على الطاولة، ولا قرار واحد لارسال قوة متعددة الجنسيات، وكأنه لا يدور الحديث عن ميدان معركة بل فقط عن "مصيبة طبيعية" محتمة. حالة لعناية منظمات الاغاثة، ولكن ليس السياسيين، في قوافل الغذاء وليس العقوبات.

        صحيح، اسرائيل هي التي فرضت حصارا على غزة وحبست مليون ونصف مواطنا في السجن التي القت اليه بالغذاء والادوية حسب قوائم مرتبة وفقا لعدد السعرات الحرارية اللازمة لكل انسان. الجميع، رئيس وزراء تركيا ورئيسها، الذين حتى حملة "رصاص مصبوب" لم يطلقوا حقا صوتهم، رئيسان امريكيان، امينان عاما للامم المتحدة ورؤساء حكومات اوروبية، رأوا، سمعوا وسكتوا. بمعنى، تحدثوا دون نهاية، بادروا الى قرارات، حاولوا التوسط، ولكن في نهاية المطاف رفعوا ايديهم. إذ بالاجمال يدور الحديث عن موضوع اسرائيلي – فلسطيني داخلي. داخلي، لا يهدد حقا السلام العالمي. مليون ونصف فلسطيني محبوس؟ هذا حماس، وليس اسرائيل.

        الى أن تبين فجأة بان قطاع غزة، الزاوية التي نسيها الرب، دون مقدرات نفط أو ماس، عديمة أي اهمية استراتيجية لاي من القوى العظمى، يمكنها أن تحدث أزمة دولية. علاقات اسرائيل – تركيا فشلت؛ علاقات الولايات المتحدة – تركيا تحظى باعادة نظر؛ اللوبي اليهودي يعمل ساعات اضافية في الكونغرس، كي يدفع الادارة على الاقل الى توبيخ تركيا؛ المانيا والولايات المتحدة تحاولات التوسط بين اسرائيل وتركيا؛ مسألة المساعدات التركية للقوات الدولية في افغانستان هي ايضا علقت في ميزان الاعتبارات؛ تركيا اصبحت حبيبة العالم العربي والاسلامي من جهة، ولكنها تهدد الاحتكار المصري والسعودي لحل النزاعات في المنطقة من جهة اخرى، واسرائيل مرة اخرى تبدو كعبء غير مفسر على السياسة الامريكية في المنطقة.

        فجأة يتبين أيضا بانه عندما تنجح غزة في احداث أزمة دولية يمكن ايضا التسهيل من شروط الحصار. قائمة البضائع المسموح ادخالها تتمدد كالمطاط، ويبدأون الحديث عن شروط تفعيل معبر رفح، الاتحاد الاوروبي يقترح العودة والاشراف، وبالاساس، واشنطن تستيقظ وتستعرض العضلات. ليس لان مواطني غزة اصبحوا بؤبؤ عين العالم – بل اصبحوا تهديدا استراتيجيا. اين كان كل اولئك المتلوين بالسنتهم، كل الدول الموقعة على مواثيق حقوق الانسان الفاخرة التي صاغتها الامم المتحدة، عندما فرض الاغلاق وعندما اصبح حصارا خانقا؟

        لجنة التحقيق الدولية، التي ستفحص الغباء الذي في السياسة الاسرائيلية، زائدة لا داعي لها. لا حاجة لاشغال بال العالم في أمر مكشوف الوجه. كما أن لجنة تحقيق دولية تفحص لماذا وكيف قتل المواطنون الاتراك مرفوضة. هذا موضوع لتحقيق مشترك تركي – اسرائيلي، يجب اجراؤه بسرعة. في لجنة التحقيق الدولية يجب أن يكون تكليف آخر: الفحص كيف نجحت اسرائيل في تسويق سياستها الهدامة لدول العالم، كيف وافق اولئك على حبس مليون ونصف انسان دون قرار من الامم المتحدة، ما هو المعنى الدولي لحقيقة ان عضوا في الامم المتحدة يقرر اتخاذ خطوة كهذه، والمنظمة الدولية التي تريد الان التحقيق معها غير قادرة على أن تمنعها، أو تعمل بحزم على الغائها. هذه ليست لجنة تحقيق ضد اسرائيل بل ضد المبنى الزجاجي الذي في وسط نيويورك. كما أن هذا هو السبب في أن لجنة كهذه لن تقوم. ابسط بكثير الوصول الى صفقة قضائية مع اسرائيل.