خبر الائتلاف الحكومي الإسرائيلي تحـت ثقـل العـزلة الدوليـة

الساعة 05:22 ص|19 يونيو 2010

الائتلاف الحكومي الإسرائيلي تحـت ثقـل العـزلة الدوليـة

حلمي موسى

محرر الشؤون الإسرائيلية بالسفير

تزايدت في الأسابيع الأخيرة، وخصوصاً في أعقاب مجزرة سفينة «مرمرة»، التذمرات في الحلبة السياسية الإسرائيلية من الائتلاف الحكومي الراهن. واعتقد كثيرون بأن قسماً كبيراً من العزلة الدولية التي تجد إسرائيل نفسها فيها تعود إلى التشكيلة اليمينية للحكومة التي تحول دون إبداء أية مرونة سياسية. وذهبت بعض الصحف حد الإشارة إلى أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز يبدي يأسه من الواقع الراهن ويحاول تغييره عن طريق العمل على تغيير الائتلاف الحكومي.

وفي الأيام الأخيرة أشارت الصحف إلى أن العنصر الأشد ضعفاً في الائتلاف الحالي ليس سوى وزير الدفاع إيهود باراك. وقد نال باراك مكانة مميزة في حكومة بنيامين نتنياهو بسبب طابعها اليميني مما زاد حاجتها إلى وجه يدّعي الاعتدال. وشكل باراك، في فترات مختلفة، نوعاً من وزير خارجية أكثر من وزير دفاع، خصوصاً أن وزير الخارجية الفعلي، أفيغدور ليبرمان، يكاد يكون شخصية غير مرغوبة في معظم الدوائر الدبلوماسية في العالم. ولا أدل على ذلك من حقيقة أنه سيقوم بزيارة للولايات المتحدة لن يجتمع فيها، على الأغلب، بأي مسؤولين أميركيين وستقتصر الزيارة على محاورة الدبلوماسيين الإسرائيليين ولقاء زعامات يهودية.

وأشارت عدة صحف إسرائيلية، بينها «معاريف»، في الأيام الأخيرة، عدة مرات، إلى أن ظروفاً داخل حزب العمل تجبر باراك على التحرك داخل الائتلاف الحكومي نحو محاولة تغييره. وقالت إن قسماً من أعضاء الكنيست من حزب العمل، خصوصاً أولئك الذين تراجعوا عن التمرد ضد باراك، يطالبونه إما بالعمل من أجل تحقيق تقدم سياسي مع الفلسطينيين أو بالانسحاب من الحكومة.

وأوضحت «معاريف» أن باراك وجه فعلاً إنذاراً لنتنياهو بأنه إذا لم يطرأ تقدم سياسي في المفاوضات مع الفلسطينيين خلال نصف عام فإن حزب العمل سوف ينسحب من الحكومة. وقال باراك امام سكرتيريي فروع حزب العمل، في تل أبيب أمس الأول، «من ناحية اقتصادية حققنا ما أردنا. اما من الناحية السياسية فهناك الكثير مما ينبغي تحسينه». وأضاف منذراً: «اذا لم يتحقق تقدم خلال نصف سنة في المسيرة السياسية او تغيير في تشكيلة الحكومة يسمح بذلك، فلن يكون مفر من استخلاص الاستنتاجات». وفهم الحاضرون بأن وزير الدفاع يقصد انسحاب العمل من الحكومة.

وكانت صحف إسرائيلية قد قالت إن باراك يحث نتنياهو على التخلي عن اعتبار العزلة التي تعاني منها إسرائيل ثمرة خطأ إعلامي. ويطالب باراك نتنياهو ببلورة سياسة جديدة تفتح أفقاً نحو التسوية. بل إن عدداً من الصحف أشار إلى اتصالات يجريها باراك مع أحزاب أخرى وفي مقدمتها حزب كديما من أجل بلورة ائتلاف حكومي جديد. غير أن النيات والأقوال شيء والأفعال شيء آخر. فباراك لا يملك حتى اللحظة أية ورقة قوة لا سياسية برلمانية ولا شعبية تسمح له أو لحزب العمل بإحداث هزة ائتلافية. وحزب العمل مستفيد من وجوده في الائتلاف الحكومي عبر الحقائب التي يملكها وإذا ذهب إلى صفوف المعارضة فمن غير المستبعد أن تتبدد ريحه بسرعة كبيرة. فالأجواء الشعبية في إسرائيل ليست من النوع الذي يتقبل طروحات حزب العمل الحالية خصوصا بعد أن غدت هذه الطروحات من دون لون أو رائحة.

والائتلاف الحكومي الحالي يفرض على نتنياهو عدم التقدم سياسياً في أي اتجاه. وإذا لم تظهر أزمة حقيقية وفعلية بين إسرائيل والولايات المتحدة، أي أزمة من النوع الذي يشعر كل إسرائيلي بأن هناك ثمناً يجب دفعه، فليس هناك ما يستدعي تغيير الائتلاف الحالي. وفي أفضل الأحوال فإنه إذا تحقق نوع من التوافق بين أحزاب الليكود وكديما والعمل على إنشاء ائتلاف جديد فإنه لن يكون أكثر مرونة من الناحية الفعلية من الائتلاف الحالي.

ففي كل من الليكود وكديما نواة صلبة من اليمين قادرة، بالتحالف مع قوى اليمين الأشد تطرفاً خارج الائتلاف، على إفشال أي تقدم سياسي مع الفلسطينيين أو سواهم. ولكن إذا اضطرت إسرائيل لتغيير الائتلاف فعلى الغالب سيكون ذلك فقط في ظل أزمة ومن أجل التقدم نحو تقديم موعد الانتخابات العامة. حتى الآن لا يبدو أن أمراً كهذا سيحدث قريباً. ولكن هناك إرهاصات وتحركات تجري هنا وهناك وبتحفيز أميركي على أمل إحداث تغيير ما في إسرائيل يقود إلى تغيير ما في وجهة الأمور في المنطقة.