خبر «المصالحة على المعبر» إن تعذرت المصالحة الشاملة.. عريب الرنتاوي

الساعة 07:13 م|18 يونيو 2010

«المصالحة على المعبر» إن تعذرت المصالحة الشاملة.. عريب الرنتاوي

 

أخذ علينا بعض قرّائنا ، رفضنا توظيف "الزخم الإقليمي والدولي" الضاغط لرفع الحصار عن غزة كوسيلة للضغط على حماس وإجبارها على تقديم تنازلات في ملفي "المصالحة" و"عملية السلام" ، لم تقدمها الحركة وهي في ظروف بالغة الصعوبة ، ورد علينا البعض من هؤلاء القرّاء الأوفياء بالقول: أن مصير القطاع وأهله أهم من مصير حماس وموقعها ومكانتها ، ومن غير الجائز أبداً ، تقديم فك العزلة عن حماس على تفكيك الحصار عن القطاع ، وهذه مقاربة صحيحة نقرها ونوافق عليها من دون تحفظ.

 

على أننا لا نمتلك إلا التحفظ على المقاربة التي تقيم تعارضاً بين حصارين ومصلحتين ، فحصار غزة يمكن ان يرفع أو يخفف إلى حد كبير ، من دون أن يكون ثمن ذلك رأس حماس ، أو الاستمرار في فرض الحصار عليها ، وهنا يجدر تذكير بعض القراء ، بأن حماس لم تهبط على قطاع غزة بـ"البراشوت" وأنها من أهل القطاع أيضا ، وخروجها من أطواق العزلة المضروبة حولها فيه مصلحة وطنية للشعب والوطن كذلك ، فضلا عن كونه مصلحة فصائلية لحماس وأصدقائها وحلفائها ومناصريها.

 

ثمة من يحاول إقامة "جدار عازل" بين المهمتين فيضع تفكيك الحصار على القطاع في تضارب وتعارض مع تفكيك الحصار عن الحركة...وثمة من يحاول أن يجعل ثمن إنهاء الحصار الأول الإبقاء على الحصار الثاني ، ودائما لأغراض فصائلية أو لحسابات أنظمة تخشى شعوبها ومعارضاتها الديمقراطية والقومية وبالأخص ، الإسلامية منها.

 

والحقيقة أن استمرار حالة الانقسام الفلسطيني تهدد الشعب الفلسطيني ، وتحديداً أهل غزة ، بخسارة واحدة من أهم فرص رد الصاع صاعين للاحتلال والاستيطان والحصار ، فبسبب هذا الانقسام ، ومن منظور فصائلي مجرد ، تستمسك السلطة والمنظمة وفتح باتفاق المعابر (2005) سيىء الذكر ، وتطالب بتطبيقه من دون تعديل أو تبديل ، لكأنه صك إذعان وقعته إسرائيل من دون قيد أو شرط ، علما بأن القاصي قبل الداني ، يدرك أتم الإدراك ، بأن استمساك "رام الله" بهذا الاتفاق الرديء إنما ينطلق من دوافع أنانية ويندرج في سياق لعبة السلطة والصراع عليها ، حتى وإن كان ثمن هذه اللعبة السخيفة ، تبديد فرصة لتغيير قواعد اللعبة ، أقله على معبر رفح ، ولصالح الشعب الفلسطيني برمته ، وليس لصالح حماس وحدها.

 

في المقابل ، تشعر حماس أنها في وضع سياسي أفضل ، وأن بمقدورها أن توظف زخم أسطول الحرية وتداعيات القرصنة الإسرائيلية على سفنه ، من أجل تغيير قواعد اللعبة لصالحها أيضا ، وهنا يجب على حماس أن تميز بكل دقة وعناية ، وأن تزن خطواتها بميزان من ذهب ، فمصلحة حماس وأولوياتها تتوقف عندما تمس أو تتعارض مع مصلحة الشعب المحاصر وأولوياته ، فإن أمكن الوصول إلى صيغة تعظم مكاسب حماس ولا تنتقص من مصالح الشعب كان به ، وإن تعذّر ذلك فإن الأولوية يجب أن تعطى للمصلحة الوطنية العامة ، وحذار حذار من النظر لمصلحة حماس بوصفها المصلحة الوطنية العليا كما تشي بذلك تصريحات بعض قادة الحركة والناطقين باسمها ، فهاتان المصلحتان قد تلتقيان وقد تفترقان ، والانحياز الدائم يجب أن يعطى للمصلحة الوطنية العليا حتى وإن دُفًع الثمن من كيس الفصائلية وحسابها.

 

نرى أن اللحظة مناسبة الآن ، لحوار فلسطيني - فلسطيني حول مسألة الحصار والمعابر حصراً ، فلا يجوز ربط رفع الحصار بإتمام المصالحة الشاملة كما دعا الرئيس عباس ، وبصورة أوحت بعلاقة "شرطية" بين هذه وتلك ، سيما وأننا ندرك حجم المصاعب والعراقيل التي تتهدد فرص استئناف الحوار وإتمام المصالحة.

 

إن تحققت المصالحة الشاملة فهذا خير للشعب والقضية والحقوق ، تكتيكيا واستراتيجيا ، لكن إن تعذر ذلك ، أو بدا حلما بعيد المنال ، فلا أقل من الاتفاق على عدم تفويت هذه الفرصة التاريخية لإعادة انتاج اتفاق جديد للمعابر يمنع إسرائيل من حق الفيتو ، ويخرج أهل غزة من قبضة الاحتلال وأسر جنوده وجلاديه وعيونه.

 

ما لا يدرك كله ، لا يترك جلّه ، وعلى الطرفين فتح وحماس أن يلتقيا عند نقطة وسط في مسألة المعابر والحصار على أقل تقدير ومن باب أضعف الإيمان ، بدل استمرار التراشق بالتصريحات وتبادل الاتهامات ، وفي ظني أن حماس مطالبة بشن هجوم مصالحة على هذا المحور إن تعذر شنه على محاور عدة ، وأن تستدعي تدخلاً إقليميا ودولياً مواتياً طالما أن "الوسيط المصري" يكاد يتبنى كل جملة وكلمة وحرف في خطاب رام الله ، وقد آن الأوان لوضع حد لاستخدام معاناة الأهل في القطاع المجوّع لتحقيق أغراض انتهازية ضيقة ، أياً كانت الجهة التي تقف وراءها.