خبر أسراب البعوض تغزو البيوت القريبة من أحواض الصرف الصحي بغزة

الساعة 08:34 ص|18 يونيو 2010

أسراب البعوض تغزو البيوت القريبة من أحواض الصرف الصحي بغزة

.. والاحتلال يمنع دخول المبيدات

فلسطين اليوم- الاستقلال / أمل الحجار

 

مع دخول فصل صيف جديد تبدأ معاناة المواطنين وخاصة القريبين من مستنقعات المياه العادمة وأحواض الصرف الصحي في قطاع غزة مع أسراب الحشرات المؤذية التي تقلقهم ليلا وتؤلمهم نهارا وتمتص دماءَهم مخلفة تورمات بعد كل لسعة وإعياء خاصة عند الأطفال. انتشار هذه الحشرات خلق امتعاضا شديدا لدى السكان الذين طالبوا بإيجاد حل سريع وجذري وخاصة بعد تفاقم الأمر أكثر مع الحصار الصهيوني ومنع إدخال المبيدات الحشرية.

 

سجن وخوف

 

المعاناة مع مستنقعات تجميع مياه الصرف الصحي بدت واضحة لدى سكان منطقتي العريشية بحي الأمل شمال غرب محافظة خان يونس، و"المجايدة" بمواصي خان يونس، حيث شرعت البلدية مؤخراً بإنشاء برك تجميع مياه للصرف الصحي على مقربة من أماكن سكناهم وفي أراضيهم الزراعية لتفادي حدوث كارثة إنسانية بمنطقة حي الأمل وبالمحافظة بحسب تبرير البلدية.

 

"الاستقلال" زارت المنطقة  وشاركت المواطنين مأساتهم، وحاولت أن تنقل بعضاً من معاناتهم للرأي العام.

 

المواطن سعيد الشيخ سلامة قال:"الكثير من الوفود البيئية والصحية والصحفية زارت المنطقة واطّلعت عن كثب على مأساة المواطنين، ولكن شيئاً لم يتغير، إلا معاناة المواطنين التي بدأت تزداد شيئاً فشيئاً في ظل ارتفاع منسوب مياه المستنقعات المائية".

 

وأشار إلى أن الروائح الكريهة التي تنبعث من المستنقعات وتزكم الأنوف وتغث النفوس لم تعد المشكلة الوحيدة التي تقلق المواطنين، فجميع سكان المنطقة يقطنون منازل غير صحية أشبه بـ "السجون" نتيجة عدم مقدرتهم على فتح النوافذ، تلك المنازل خشية من تدفق أسراب البعوض وغيرها من الحشرات التي بدأت تتكاثر في ظل توقف كافة خدمات البلدية المتعلقة بمكافحة بؤر توالد حشرات البعوض، مما يشكل خطراً على حياة المواطنين خاصة الأطفال منهم.

 

وأشار الشيخ سلامة إلى أن حياتهم قد تحولت إلى ما يشبه السجن، حيث يحرمون من الجلوس في ساعات المساء أمام منازلهم أو زيارة جيرانهم بسبب انتشار البعوض الكثيف، أو حتى السماح لأطفالهم  باللعب أمام اليوت خوفاً عليهم من الغرق في تلك المستنقعات التي تشبه البرك الطبيعية، مبدياً خوفه الشديد على طفليه وابنته من انتقال العدوى وإصابتهم بالمرض المنتشر في المنطقة، مؤكداً بأنه ينفق أكثر من خمسين شيكلا أسبوعياً على أقراص مكافحة البعوض دون جدوى.

 

خطر قاتل

 

من جانبه أكد المواطن إياد حمودة أن العديد من الأمراض الجلدية كـ"الحكاك الجلدي"، والجدري المائي، والقوبا، وحمى الجمر "هربس"التي تظهر في الفم وبدأت تنتشر جلية لدى الأطفال، مؤكداً بأن المنطقة باتت من الأماكن الموبوءة التي هي بأمس الحاجة إلى الاهتمام و الرعاية الصحية وإنقاذ الأطفال الصغار من خطر الأمراض المعدية التي قد تكون في بعض الأحيان قاتلة.

 

وشكك حمودة في نجاعة ما تقوم به البلدية من عمليات تطهير للبرك، والمستنقعات المائية بالاستعانة  بالأسماك القادرة على التكيف في مياه الصرف الصحي، وقال:"إن الوضع ما زال على حاله ولم يلمس سكان المنطقة أي تغير يذكر"، مناشداً كافة الجهات المسئولة والحقوقية الإسراع لإنقاذ حياة أطفالهم من خطر البعوض، والزواحف والقوارض الخطرة التي اقتحمت عليهم حياتهم.

 

بدوره تحدث المواطن خليل  المجايدة عن الأمراض التي بدأت تظهر على الأطفال وكبار السن  مثل الإسهال والإعياء والإغماء وبعض الأمراض الأخرى، بسبب الروائح الكريهة والحشرات التي تنتج عن أحواض الصرف الصحي.

 

وأمام ناقوس الخطر المحدق بمنطقة المواصي، أوضح المجايدة بأنه لم يترك وسكان المنطقة باب جهة مسئولة إلا وطرقوه، علهم يلقون آذاناً صاغية تستجيب لنداءاتهم المتكررة، إلى أن وصل بهم الحد لدفع مبالغ مالية من جيوبهم الخاصة لفحص المياه بمختبرات الجامعة الإسلامية والأزهر بغزة ووزارة الصحة، والتي أثبتت أن نسبة التلوث فيها عالية جداً ولا تصلح للاستخدام الآدمي حتى أن الأخيرة أصدرت تحذيراً بمنع شربها.

 

وتحدث المجايدة عن أن البدائل التي وضعتها البلدية كانت بتبطين البرك بالنايلون بعد فشل التربة إلا انه تمزق ولم يعد ذا فائدة ترجى، مما يهدد حياة أكثر من خمسة آلاف مواطن يقطنون المنطقة.

 

وكانت بلدية خانيونس قد أنشأت هذه الأحواض قبل قرابة الثلاثة أعوام خصيصاً لمياه الأمطار، ولكن توصيل السكان لشبكات الصرف الصحي التابعة لمنازلهم على البرك أثر بالسلب على المياه الجوفية في المنطقة. ويرى السكان أن الحل الوحيد والجذري لهذه المشكلة يكمن في نقل هذه الأحواض لأماكن بعيدة عن السكان، مطالبين كافة الجهات المعنية وعلى رأسها رئيس الوزراء إسماعيل هنية ومؤسسات حقوق الإنسان بالتدخل الفوري والعاجل لإنهاء هذه المعاناة ووضع حد لها.

 

إعدام بطيء

 

في حين أبدى سكان حي الزيتون شرق مدينة غزة امتعاضهم الشديد على خلفية الانتشار الكثيف للبعوض والحشرات الناتجة عن برك الصرف الصحي غرب سوق السيارات في الحي.

 

الحاج رجب شتيوي (57 عاما) أكد أن ظاهرة انتشار البعوض بهذه الكثافة في غرب الزيتون أمر لا يطاق جعل لياليهم صعبة، حيث الأطفال الرضع الذين تترك البعوض على وجوههم وأجسامهم البقع الحمراء.

 

أما عن بركة الشيخ رضوان فكثير  من المواطنين باعوا بيوتهم وهربوا بسبب الروائح الكريهة ولسعات البعوض. كما لا يختلف حال السكان القريبين من أحواض الصرف الصحي شمال بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة عن سابقيهم.

 

 الحاجة أم الاختراع

 

"الاستقلال" التقت الدكتور فؤاد جماصي مدير دائرة صحة البيئة في وزارة الصحة لمعرفة مدى خطورة الحشرات التي تنتشر بسبب مستنقعات الصرف الصحي، وطمأن المواطنين أن بعوض برك الصرف الصحي في قطاع غزة غير ناقلة للمرض وكل ما تسببه فقط الإزعاج بلسعاتها. وأشار إلى أن الوزارة لم تسجل حالات ملاريا في القطاع.

 

من جهته أوضح مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية بيت لاهيا وعضو اللجنة العليا لمكافحة البعوض المهندس يونس غالية لـ "الاستقلال" أن الحصار الصهيوني على قطاع غزة منع دخول المبيدات الحشرية وخاصة مادة "بي تي آي" -وهي تصنيع إسرائيلي، وتفرز مادة سامة ترش في أحواض مياه الصرف الصحي لقتل يرقات البعوض- مما دفعهم إلى إنتاج مادة بي تي بي في مختبرات الجامعة الإسلامية بغزة.

 

وأشار إلى معاناتهم في الحصول على مادة BTI لأنها كانت تحتجز على معابر قطاع غزة التجارية لأكثر من يومين الأمر الذي يؤدي إلى فساد المادة.

 

ونوه إلى أنه في الأسبوع القادم سيتم إنتاج كمية جديدة من مادة BTP التي أعطت نتيجة فعالة في القضاء على البعوض المنتشر في الأحواض، وتعد أرخص من المنتجة في (إسرائيل) .

 

وذكر أن وجود أحواض الصرف الصحي أدى إلى تواجد البعوض وحشرات غريبة مثل البرغش، مناشدا المواطنين بعدم تجميع مياه راكدة أمام البيوت لأنها تجعل هذه المستنقعات بيئة جيدة لتكاثر البعوض وانتشارها.